التلميحات النووية الجديدة في إيران يجب أن تشعل الضوء الأحمر في الغرب
تثير سلسلة من التصريحات الشبهات بأن شيئا ما قد بدأ يتغير في إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي؛ أحد أعضاء البرلمان صرح أنه ينبغي على إيران الحفاظ على "تعادل في مواجهة أعدائها"، وهذا يعني توازن ردع نووي؛ مصدر إسرائيلي كبير يصف الوضع الحالي بأنه "تطور خطير"؛ الآن يبقى علينا انتظار التقرير ربع السنوي القادم للوكالة الدولية للطاقة الذرية

تثير سلسلة من التصريحات في الأيام الأخيرة الشكوك بأن شيئا ما قد بدأ يتغير في إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي. حتى الآن لم يكن هناك أي مؤشر استخباراتي على أن إيران قررت تجاوز العتبة النووية وصنع قنبلة، لكن الخطاب المتزايد في هذا الشأن بين كبار المسؤولين هو خروج عن الخط المبهم الذي تم اتباعه حتى الآن، ومن هنا تأتي الحساسية.
في مقابلة أجريت مع كمال حرازي – أحد كبار المستشارين للمرشد الأعلى الإيراني – في الأسبوع الماضي قال حرزاي لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) – (من خلال هذه الوكالة غالبا ما ينقل النظام رسائل، ويرجع ذلك أساسا إلى وصولها الكبير إلى الجيل الشاب) – من بين أمور أخرى: “رغم أننا لم نتخذ قرارا لبناء قنبلة، إذا فسرت إيران وجود أي تهديد على وجودها – وتم مهاجمة المواقع النووية – فلن يكون هناك خيار سوى تغيير سياستنا النووية”.
التلميح هنا واضح. لا يترك الإيرانيون في هذه الحالة مجالا للشك ولكنهم في الوقت نفسه حذرون. إن أي ذكر صريح للقدرة النووية العسكرية، وخاصة من قبل شخصية رفيعة المستوى ومقربة من الزعيم، يمكن تفسيرها في الغرب على أنها اتخاذ قرار، وهذا يمكن أن يجلب بعد ذلك، إلى جانب العقوبات القاسية، تهديدا حقيقيا بعمل عسكري (أمريكي أو إسرائيلي أو حتى من قبل التحالف).
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
جاءت تصريحات حرازي بعد العملية التي نُسبت إلى إسرائيل في 19 أبريل بالقرب من أصفهان، والتي وبحسب تقارير أجنبية عطلت نظام التحكم والرادار الخاص ببطاريات صواريخ S-300، التي تحمي المواقع النووية في نطنز، جنوب أصفهان.
الانطباع في الغرب، حيث تتم مراقبة المواقع بشكل مستمر بواسطة الأقمار الاصطناعية، هو أنه لم يتم إصلاح النظام حتى الآن، إلا أنه يوجد لإيران أنظمة أخرى، وإن كانت أقل جودة، ولكنها لا تزال توفر للمنشآت دفاعات جوية.
أقوال المستشار حرازي (الذي شغل منصب وزير الخارجية بين العامين 1997-2005) يمكن تفسيرها في اتجاهين، متشدد ومعتدل. الاتجاه المتشدد يكمن في أن إيران تفسر الهجوم على الأنظمة المضادة للطائرات بأنه هجوم على المواقع النووية. إذا كان هذا هو التفسير الإيراني، فليس من المستبعد أن يكون هناك تحضير لاختراق القدرة النووية.

التفسير الأكثر اعتدالا – وربما الأكثر منطقية – هو أن إيران لا ترى في ذلك هجوما على موقع نووي، مما يعني أنه لم يكن هنا تجاوز للخطوط الحمراء من قبل إسرائيل. ولذلك فإن هذا التصريح هو بمثابة بطاقة صفراء وإنذار لإسرائيل من مغبة مهاجمة المواقع نفسها، بعد أن أصبحت الآن مكشوفة ومن دون دفاع جوي فعال.
علامة أخرى تدعو إلى القلق جاءت هذا الأسبوع من عضو البرلمان الإيراني أحمد بخشايش أردستاني، في مقابلة أجرتها معه صحيفة إيرانية التي نقلت عنه قوله: “في تقديري، لقد حصلنا بالفعل على قدرة نووية، لكننا لم نعلن عنها بعد”. وحاول أردستاني لاحقا تصحيح الأمور، لكنه لم ينفيها تماما عندما أضاف أن إيران لا تزال ملتزمة بالاتفاق النووي الذي تم إبرامه في عام 2015، وهو أمر غير صحيح من الناحية الواقعية.

لقد خرقت إيران الاتفاق بكل بنوده باستثناء فقرة واحدة، وهي تجميع القنبلة نفسها. وهي تمتلك اليوم كمية من اليورانيوم المخصب لصنع ثلاث قنابل على الأقل، وفقا للتقرير ربع السنوي الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي نُشر في أبريل. ورغم أن اليورانيوم لم يتم تخصيبه بعد إلى مستوى عسكري يصل إلى 90٪، إلا أنه يتم تخزينه والاحتفاظ به عند مستوى التخصيب، 60٪، على بعد أيام من التخصيب إلى مستوى عسكري.
في هذا السياق قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفائيل غروسي، الذي زار إيران في الأسبوع الماضي والتقى بوزير الخارجية أمير عبد اللهيان ورئيس البرنامج النووي الإيراني محمد إسلامي، “لا تحتفط أي دولة بمثل هذه الكمية من اليورانيوم بهذا المستوى من التخصيب إذا لم تكن تطور قنبلة نووية”.
لكن جملة أخرى في أقوال عضو البرلمان الإيراني ينبغي أن تشعل الضوء الأحمر في الغرب. “ينبغي على إيران الحفاظ على تعادل في مواجهة أعدائها”. تعادل في نظر الإيرانيين يعني توازن ردع نووي. أقوال مماثلة صدرت عن الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2007 عندما تحدث في أحد خطاباته عن “توازن استراتيجي في مواجهة إسرائيل”.
أثار تصريح الأسد آنذاك الدهشة في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ولم يتضح لعدة أشهر ما الذي كان يعنيه. كانت هذه الجملة إحدى العلامات التي دفعت المسؤولين في شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية والموساد إلى التحقيق في الاتجاه النووي.

مسؤول إسرائيلي كبير سُئل مؤخرا عن ثقة إيران بنفسها، رغم الهجوم المنسوب لإسرائيل، وصف الوضع الحالي بأنه “تطور خطير”. وأضاف المسؤول أن الإيرانيين يدركون أنه ليس لديهم حاليا أي رادع سوى إسرائيل، لذا يبدو أنهم يحرزون تقدما كبيرا في المجال النووي.
انتهت زيارة رئيس وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى إيران الأسبوع الماضي كما كان متوقعا دون نتيجة واضحة، ومن الغريب أن غروسي قال خلال مقابلتين أجريتا معه في أوروبا الشيء وعكسه.
يوم الثلاثاء، قال غروسي لصحيفة “الغارديان” البريطانية إن هناك علامة استفهام كبيرة حول الاتجاه الذي تسير فيه إيران، مما يعني أنه لا يوجد بالفعل أي إشراف من قبل الأمم المتحدة على المواقع المختلفة، ويوم الخميس، نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عنه قوله إن لديه انطباع بأن إيران تدرك أنها بدون تعاون فإنها تعرّض نفسها لعقوبات إضافية ولذلك فهو يرى انفتاحا واستعدادا لتجديد المحادثات بين الطرفين.
والآن يتعين علينا أن ننتظر التقرير الفصلي القادم للوكالة، والذي من المقرر أن يصدر في نهاية شهر يونيو، وهو يعكس مدى التقدم الذي أحرزته إيران فيما يتعلق بكميات اليورانيوم المخصب. علاوة على ذلك، هناك كل الشبهات الأخرى في العالم بشأن مواقع يُشتبه أنه يتم فيها إجراء أبحاث وتطوير قنبلة نووية، وتبقى علامات الاستفهام المثيرة للقلق قائمة.