استياء البيت الأبيض من إعلان إسرائيل عن شرعنة تسع بؤر استيطانية في الضفة الغربية
ردد المتحدث الرسمي التعبير عن الإحباط الذي أعربت عنه وزارة الخارجية في وقت سابق، بينما أعلنت الإدارة أنها تعارض مشروع قرار مجلس الأمن الذي يقدم إدانة مماثلة
صعدت إدارة بايدن يوم الخميس تدريجيا تعبيرها عن غضبها من إعلان إسرائيل عن شرعنة تسع بؤر استيطانية وتقديم خططا لحوالي 10 آلاف وحدة جديدة في الضفة الغربية، بينما أعلنت أنها لا تدعم قرار مجلس الأمن الدولي المقترح الذي يعبر عن إدانة مماثلة.
أعربت المتحدثة باسم للبيت الأبيض كارين جان بيير عن “استياء واشنطن العميق” من الخطوة خلال المؤتمر الصحفي اليومي.
وقالت يوم الخميس: “الولايات المتحدة تعارض بشدة هذه الإجراءات الأحادية الجانب التي تؤدي إلى تفاقم التوترات وتضر بالثقة بين الأطراف، وتقوض القابلية الجغرافية لحل الدولتين”.
“التوسع الاستيطاني والبناء في قلب الضفة الغربية، بما في ذلك إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، يخلق حقائق على الأرض تقوض حل الدولتين. سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد في ظل كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية كانت أن المستوطنات تأتي بنتائج عكسية لقضية السلام. تتمسك إدارة بايدن بهذه المعارضة الشديدة للتوسع الاستيطاني”.
وجاء بيانها بعد ثلاثة أيام متتالية من الإدانات الغاضبة من المسؤولين الأمريكيين في وقت سابق من الأسبوع.
وبدأت الإدارة بإصدار بيان يوم الأحد باسم مسؤول كبير مجهول أعرب عن قلقه العميق بشأن القضية، بينما أشار إلى أن الولايات المتحدة تنتظر الحصول على مزيد من المعلومات، بالنظر إلى أن قرار مجلس الوزراء اتخذ قبل ساعات فقط.
يوم الإثنين، صدر بيان نادر نسبيا باسم وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، أشار إلى أن القرار الإسرائيلي يتعارض مع السياسة الأمريكية طويلة الأمد التي تتبعها كل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية بالإضافة إلى أنه “يضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل”.
في اليوم التالي، أصدرت الولايات المتحدة بيانا مشتركا من قبل بلينكن ووزراء خارجية المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا أعربوا فيه عن اعتراضات مماثلة على هذه الخطوة، والتي قال الدبلوماسيون الأجانب إنها تعيق الجهود المبذولة للحفاظ على حل الدولتين – وهو حل لا تدعمه الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وعلى الرغم من معارضتها للإعلان الإسرائيلي – الذي قدمته الحكومة على أنه رد على سلسلة من الهجمات في القدس والتي أدت إلى مقتل 11 إسرائيليا – فقد أمضت إدارة بايدن الأيام القليلة الماضية في محاولة عرقلة الجهود الفلسطينية لتمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يدين هذه الخطوة ويطالب بوقف فوري لبناء المستوطنات، بحسب ما قال ثلاثة دبلوماسيين في الأمم المتحدة لتايمز أوف إسرائيل يوم الأربعاء.
لكن تواجه الولايات المتحدة معركة شاقة، بالنظر إلى أن البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة تمكنت من إقناع دولة الإمارات العربية المتحدة، العضو في المجلس الرفيع، بصياغة القرار.
وعلى عكس بعض المبادرات السابقة التي كانت أوسع نطاقًا وتضمنت لغة عارضتها الولايات المتحدة، فإن المسودة التي حصلت عليها التايمز أوف إسرائيل محدودة نسبيًا، وتركز إلى حد كبير على النشاط الاستيطاني، مما قد لا يعطي الولايات المتحدة أسباب كافية لاستخدام حق النقض.
ويمس البيان قضايا أخرى، مثل أهمية الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس والدعوة إلى الامتناع عن “الأعمال الاستفزازية والتحريض والخطاب التحريضي وخطاب الكراهية”. ولم يذكر الخطط الاستيطانية المحددة التي أعلنتها إسرائيل أو الهجمات الأخيرة في القدس.
يوم الخميس، عارضت الولايات المتحدة بشكل علني الاقتراح، حيث صرح نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل للصحفيين بأن الإجراء “غير مفيد في دعم الشروط اللازمة لدفع المفاوضات من أجل حل الدولتين”.
“لا نعتبر الأمم المتحدة أكثر منتدى عملي ومفيد لمناقشة هذه القضية. هذا أمر يحتاج الجانبان إلى مناقشته والدخول فيه والتفاوض والعمل عليه فيما بينهما”.
وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة تعمل على إقناع زملائها من أعضاء مجلس الأمن بالاكتفاء ببيان رمزي مشترك، بدلاً من السعي إلى قرار ملزم.
ورفضت البعثة الفلسطينية الاقتراح الأمريكي وهي تضغط من أجل طرح القرار للتصويت يوم الاثنين، عندما يعقد مجلس الأمن جلسته الشهرية حيث يتم إطلاع الأعضاء على تطورات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لكن المحادثات بشأن القرار جارية، ولا زال يمكن أن يتغير النص أو موعد التصويت، وفقًا لدبلوماسيي الأمم المتحدة الثلاثة.
وقد نقضت إدارة بايدن عدد من مبادرات مجلس الأمن التي تنتقد إسرائيل أو تدعو إلى الهدوء، مصرة على أن الأمم المتحدة ليست المنصة المناسبة للفصل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مع الإشارة أيضًا إلى استهداف الهيئة لإسرائيل بشكل متكرر.
وكانت آخر مرة تمت فيها المصادقة على قرار ضد إسرائيل بشأن المستوطنات من قبل مجلس الأمن في ديسمبر 2016. وأيد 14 من أعضاء المجلس الخمسة عشر الإجراء، بينما قرر الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما الامتناع عن التصويت، مما أدى إلى مرور القرار.
وفقا لدبلوماسيي الأمم المتحدة الثلاثة، فإن إسرائيل تضغط في الوقت نفسه على أعضاء مجلس الأمن لعدم دعم القرار، لكنها تواجه معركة شاقة نظرا لأن سياساتها في الضفة الغربية تواجه معارضة شبه إجماعية. والمسألة بحاجة إلى دعم تسعة من الأعضاء الخمسة عشر من أجل طرحها للتصويت.
البؤر الاستيطانية التي تخطط إسرائيل لإضفاء الشرعية عليها هي أفيغايل، وبيت حوغلاه، وغفعات هاريئل، وغفعات أرنون، ومتسبيه يهودا، وملآخي هشالوم، وأساهل، وسديه بوعز، وشحاريت.
لإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، سيتعين على الحكومة إثبات أنها أقيمت على ما تعتبره إسرائيل أراضي دولة. من المحتمل أن يكون هذا صعبا نظرا لأن العديد منها، بما في ذلك بؤرتي سدي بوعز وغفعات هارئيل الاستيطانيتين بكاملهما تقريبا، تم بناؤها على أراض فلسطينية خاصة.
من المرجح أن تعترض محكمة العدل العليا على مثل هذه التشريعات، وستستغرق العملية عادة شهورا، إن لم يكن سنوات. ومع ذلك، فإن الحكومة المتشددة الجديدة تدفع في الوقت نفسه بسلسلة من مشاريع القوانين المثيرة للجدل التي من شأنها أن تحد بشكل كبير من قدرة القضاء على نقض مثل هذه القرارات الوزارية، وهذا بشكل جزئي سبب كون قادة المستوطنين من بين أكثر المدافعين المتحمسين عن خطة إصلاح القضائي.
تقع إحدى البؤر الاستيطانية، وهي غفعات أرنون، على أرض تم تحديدها كمنطقة إطلاق نار للجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، مما يكشف عن تناقض بين كيفية تعامل الحكومة مع البناء الإسرائيلي والفلسطيني غير المصرح به، بالنظر إلى أن الدولة قد تحركت لهدم سلسلة من القرى الفلسطينية في منطقة تعرف باسم مسافر يطا والتي تم تحديدها أيضا كمنطقة إطلاق نار عسكرية.
في حين أن المجتمع الدولي يعتبر جميع المستوطنات غير قانونية، إلا أن إسرائيل تميز بين المستوطنات التي تم بناؤها بتصريح من وزارة الدفاع على أراض تابعة للدولة، والبؤر الاستيطانية غير القانونية التي تم بناؤها دون الحصول على التصاريح اللازمة، وغالبا ما تكون على أرض فلسطينية خاصة. ومع ذلك، تُقام البؤر الاستيطانية أحيانا بموافقة ضمنية من الدولة، وقد سعت الحكومات المتعاقبة إلى إضفاء الشرعية على أكثر من 100 بؤرة استيطانية غير معترف بها نتيجة لذلك.
يوم الخميس أيضا، أدان مكتب الشؤون الفلسطينية في السفارة الأمريكية في القدس اعتداء جندي إسرائيلي على ناشط فلسطيني في الخليل في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وتم تصوير الجندي وهو يقول لعيسى عمرو إنه لا يستطيع المرور في شارع، بينما قاد الناشط جولة في المدينة المقسمة في الضفة الغربية لمجموعة تضم صحفيًا أمريكيًا بارزًا. ثم طالب الجندي عمرو بحذف الفيديو الذي كان يصور المشاجرة. وعندما رفض عمرو، أمسكه الجندي وخنقه وركله أمام مراسل صحيفة “نيويوركر”، الذي شوهد المقطع الذي التقلطه للمشاجرة أكثر من مليون مرة.
وقام الجيش الإسرائيلي منذ ذلك الحين بتوبيخ الجندي وحكم عليه بالسجن لمدة 10 أيام، وبعد ذلك سيقرر قادته ما إذا كانوا سيعزلونه بشكل دائم من دوره القتالي.
“ندين الاعتداء على المجتمع المدني والهجوم على عيسى عمرو. رأينا أن الجيش الإسرائيلي قال إنه قام بتأديب الجندي المتورط. يجب على السلطات ممارسة ضبط النفس تجاه المدنيين في الضفة الغربية، وعدم اللجوء إلى العنف غير المتناسب في أي مكان، بما في ذلك عند نقاط التفتيش”، غرد مكتب الشؤون الفلسطينية الأمريكي.