الاحتجاجات تلقي بظلالها على لقاء نتنياهو مع سوناك بعيدا عن الأضواء
في خطوة نادرة، لم يتم الإدلاء بتصريحات في زيارة الزعيم الإسرائيلي إلى 10 داونينغ ستريت وسط توقعات بأن رئيس الوزراء البريطاني يحاول تجنب انتقاد نتنياهو بشان خطة الإصلاح القضائي علنا
لندن – عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الجمعة لقاء مع وزير الخارجية البريطاني ريشي سوناك بعيدا عن الأضواء، في زيارة طغت عليها إلى حد كبير المشاكل الداخلية للزعيم الإسرائيلي.
كان في استقبال موكب نتنياهو بضعة مئات من المتظاهرين الإسرائيليين واليهود الذين رددوا هتافات ضد رئيس الوزراء وضد خطة الإصلاح القضائي التي تدفع بها حكومته.
خارج “10 داونينغ ستريت” كان في استقباله سوناك الذي صافحه قبل أن يدخل الرجلان مقر إقامة رئيس الوزراء البريطاني. وأظهر مقطع فيديو من المكان نتنياهو وهو يسير باتجاه مقر الإقامة بينما بالامكان سماع تردد هتافات “عار” في الشارع.
كما كانت هناك محاولة كما يبدو إلى عدم إبراز اللقاء مع سوناك وفي خطوة غير معتادة، لم يدل الزعيمان بأي تصريحات عامة.
بداية أُبلغ الصحفيون الذين سافروا مع نتنياهو بأنه سيكون بإمكانهم دخول 10 داونينغ ستريت للتصريحات الافتتاحية قبل أن يلتقي الزعيمان وراء أبواب مغلقة. لكن صباح الجمعة قيل لهم إنه لن يتم السماح بدخول أي صحفي لتوثيق التعليقات الافتتاحية للزعيمين، دون إعطاء أسباب.
واجه سوناك ضغوطا في الأيام الأخيرة للتعليق علنا على خطة التعديل القضائي المثيرة للجدل في إسرائيل، مما أثار تكهنات بأنه اختار التخلي عن أي تعليقات عامة مع نتنياهو من أجل عدم الاضطرار إلى اتخاذ موقف.
רה"מ נתניהו נכנס כעת לפגישה עם ראש ממשלת בריטניה רישי סונאק בדאונינג 10.@GLZRadio pic.twitter.com/k4cVjOicTa
— Yanir Cozin – יניר קוזין (@yanircozin) March 24, 2023
خلال زيارة نتنياهو إلى برلين في الأسبوع الماضي، دخل هو والمستشار الألماني أولاف شولتز في جدل علني خلال مؤتمر صحفي بشأن استمرار الحكومة بالدفع بحزمة تشريعات من شأنها توسيع السيطرة السياسية على المحكمة العليا الإسرائيلية.
في أعقاب الاجتماع، قال مكتب نتنياهو إن محادثته مع سوناك تركزت حول التهديد النووي الإيراني، وأنه شكر رئيس الوزراء البريطاني على موقفه بشأن هذه القضية، لكنه أشار إلى ضرورة ممارسة المزيد من الضغوط على طهران. كما قال نتنياهو إنه دعا سوناك لزيارة إسرائيل في المستقبل القريب.
ولم يذكر البيان الإسرائيلي أي نقاش مع سوناك بشأن خطة الحكومة المثيرة للجدل للإصلاح القضائي، في حين لم يصدر بيان فوري بشأن الاجتماع من جانب المملكة المتحدة.
ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو في وقت لاحق من يوم الجمعة بوزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، كذلك دون الإدلاء بتصريحات عامة أو عقد مؤتمر صحفي. ليس لديه حاليا اجتماعات رسمية أخرى مقررة خلال رحلته – ولا اجتماعات مع زعماء الجالية اليهودية – ولكن من المقرر أن يبقى في لندن حتى وقت مبكر من صباح الأحد.
تعرض نتنياهو لانتقادات على نطاق واسع لقضائه عطلات نهايات أسبوع عدة مؤخرا في عواصم أوروبية مع زوجته على حساب دافعي الضرائب.
وكان في استقبال رئيس الوزراء خارج 10 داونينغ ستريت مئات المتظاهرين الذين لوحوا بالأعلام الإسرائيلية واللافتات المنددة بحكومة نتنياهو. ورفع المحتجون لافتات كُتب عليها “انقاذ الديمقراطية الإسرائيلية” و”ضعوا بيبي وراء القضبان” ورددوا هتافات “عار” و”ديمقراطية” باللغة العبرية.
على الجانب الآخر من الشارع، احتشد متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين خارج اجتماع سوناك-نتنياهو، حيث حاول كل طرف حجب صوت الطرف الآخر بالهتافات والخطب.
وقالت شاونا آش، وهي إسرائيلية تقيم حاليا في لندن، إنها خرجت للتظاهر “من أجل ديمقراطية إسرائيل”.
وأضافت: “لدي الكثير من الأصدقاء وعائلة في إسرائيل والتأثيرات التي ستكون [لخطة الجهاز القضائي] عليهم ستكون كارثية، لذلك فهذه طريقتي لإظهار دعمي”.
وقال آلان كورتيس، وهو يهودي بريطاني، إنه حضر الاحتجاج “لأنني أعتقد أن هذا يمثل تهديدا ليس لإسرائيل فحسب، بل للمشروع الصهيوني بأكمله وللشعب اليهودي”، على حد قوله.
وأضاف كورتيس إن عائلته وأصدقائه في إسرائيل “سوف يتظاهرون كل ليلة سبت، لذا فإن أقل ما يمكنني فعله هو المجيء إلى هنا”، وقال إنه يأمل في أن يعلق سوناك علنا على الجدل، لكنه لم يتوقع أي بيان، “لأنني أعرف كيف تعمل الدبلوماسية البريطانية، وسيُنظر إلى الأمر على أنه تدخل”.
استُقبل نتنياهو باحتجاجات لإسرائيليين ويهود في كل زياراته الأخيرة إلى الخارج، في استمرار للاحتجاجات الواسعة التي تهز البلاد في الشهرين الأخيرين.
بصيغتها الحالية، ستسمح الحزمة التشريعية – من بين أمور أخرى – للكنيست بتجاوز قرارات المحكمة بأغلبية ضئيلة، وحماية القوانين استباقيا من الرقابة القضائية، ووضع اختيار القضاة في أيدي سياسيين من الائتلاف.
في حين يقول مؤيدو الخطة إن الإصلاح القضائي سيعيد التوازن بين السلطات بعيدا عن محكمة “ناشطة”، يجادل معارضوها بأن الخطوات ستزيل الضوابط الأساسية على السلطة التنفيذية والتشريعية، مما يعرض الديمقراطية للخطر ويترك حقوق الكثيرين دون حماية.
وصل نتنياهو إلى لندن في نفس الوقت الذي أصدرت فيه المستشارة القضائية للحكومة غالي باهراف-ميارا بيانا حاد اللهجة أبلغت فيه رئيس الوزراء بأنه انتهك اتفاق تفادي تضارب المصالح الذي يسمح له بالحكم أثناء محاكمته الجارية في تهم فساد، ووصفت تصريحاته التي أدلى بها مساء الخميس و أي انخراط إضافي في خطة الحكومة للإصلاح القضائي “غير قانونية وملوثة بتضارب مصالح”.
جاءت الرسالة شديدة اللهجة من بهاراف-ميارا بعد أن أعلن نتنياهو أنه سيتجاهل من الآن فصاعدا الاتفاق لتفادي تضارب المصالح ويشرك نفسه بعمق في التشريعات المثيرة للجدل لإصلاح القضاء.
وتمثل هذه الرحلة نهاية الأسبوع الثالثة على التوالي التي يسافر فيها الزعيم الإسرائيلي إلى عاصمة أوروبية، بعد زيارته لروما وبرلين في الأسبوعين الماضيين.
اتُهم نتنياهو وعائلته في الماضي بإنفاق أموال دافعي الضرائب بسخاء للتمتع بوسائل راحة أو على نفقات شخصية. في عام 2013، تعرض لانتقادات بسبب قيام الدولة بإنفاق مبلع 127 ألف دولار لتجهيز طائرة بسرير حتى يتمكن من النوم خلال رحلة طيران استغرقت أربع ساعات إلى لندن لحضور جنازة مارغريت تاتشر.
يؤكد مكتب رئيس الوزراء أن توقيت الرحلات يتم تحديده من خلال جداول الدول المضيفة، وأنه لا يمكنه الابتعاد عن الكنيست في منتصف الأسبوع بسبب عمليات التصويت الحاسمة على الإصلاح القضائي، من بين أولويات أخرى للائتلاف.
وكان هذا الاجتماع هو الأول لسوناك مع مسؤول حكومي إسرائيلي كبير منذ توليه منصبه في أكتوبر. في نوفمبر، التقى بالرئيس يتسحاق هرتسوغ على هامش قمة المناخ للأمم المتحدة في مصر.
ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل في هذا التقرير