الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب “إبادة” وجرائم ضد الإنسانية في غزة، وحماس بارتكاب جرائم حرب
إسرائيل ترفض النتائج التي "تحاول بشكل مشين ومثير للاشمئزاز رسم تكافؤ زائف بين جنود جيش الدفاع الإسرائيلي وإرهابيي حماس فيما يتعلق بأعمال العنف الجنسي"
خلص تحقيق للأمم المتحدة اليوم الأربعاء إلى أن إسرائيل وحركة حماس ارتكبتا جرائم حرب في المراحل المبكرة من حرب غزة وأن أفعال إسرائيل تشكل أيضا جرائم ضد الإنسانية بسبب العدد الهائل للقتلى والجرحى في صفوف المدنيين وشملت أعمال “إبادة”.
والنتائج مستخلصة من تقريرين متزامنين من “خبراء مستقلين”، أحدهما ركز على هجمات شنتها حماس في السابع من أكتوبر والثاني ركز على الرد العسكري الإسرائيلي عليها، نشرتهما لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، التي تتمتع بتفويض واسع للغاية لجمع الأدلة وتحديد مرتكبي الجرائم الدولية المزعومة المرتكبة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وأشار التقرير إلى وجود “هجوم متعمد ومباشر على السكان المدنيين” في قطاع غزة.
وشددت اللجنة على “استهداف رجال وصبيان فلسطينيين عبر جرائم ضد الإنسانية مثل الإبادة والاضطهاد الجنساني بالإضافة الى جرائم القتل والنقل القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية”.
العنف الجنسي
ذكرت التقارير أيضا أن كلا من القوات الإسرائيلية والمسلحين الفلسطينيين شاركوا في أعمال عنف جنسي وعنف قائم على النوع الاجتماعي خلال الأشهر الأولى من الحرب.
ويبدو أن العنف الجنسي المزعوم الذي ارتكبته القوات الإسرائيلية يشير إلى حوادث تم فيها تجريد العشرات من المشتبه بهم المحتجزين في غزة من ملابسهم علنا. وقالت إسرائيل إن هذه الأعمال كانت ضرورية لتفتيش المشتبه بهم بحثا عن أسلحة وأحزمة ناسفة، لكنها اعترفت بأنه ما كان ينبغي نشر الصور.
وذكر التقرير إن الرجال والفتيان الفلسطينيين أجبروا على التعري علنا في خطوات “تهدف إلى إلحاق الإذلال الشديد”.
وقال التقرير أيضا أنه حدد “أنماطا تدل على حدوث عنف جنسي” من قبل الجماعات المسلحة الفلسطينية لكنه لم يتمكن من التحقق بشكل مستقل من تقارير الاغتصاب.
ويأتي ذلك على الرغم من أن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في الصراعات براميلا باتن وجدت في تقرير لها بعد زيارتها لإسرائيل أن الاغتصاب حدث على الأرجح خلال هجمات حماس، وقالت إن هناك أدلة مقنعة على أن الرهائن يواجهون اعتداءات جنسية في غزة.
وقالت البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في جنيف أن التقرير “يحاول بشكل مشين ومثير للاشمئزاز رسم تكافؤ زائف بين جنود جيش الدفاع الإسرائيلي وإرهابيي حماس فيما يتعلق بأعمال العنف الجنسي”، وكررت الادعاءات بوجود تمييز ضد إسرائيل.
كما أشار البيان إلى قرار اللجنة إصدار تقريرها خلال عيد شفوعوت اليهودي.
وقالت البعثة “هاجم إرهابيو حماس إسرائيل في 7 أكتوبر خلال الأعياد اليهودية الرئيسية. اليوم، في عطلة عيد شفوعوت اليهودي الرئيسي، اختارت لجنة تحقيق بيلاي نشر أحدث تقاريرها المتحيزة، التي تهاجم إسرائيل”.
وأضافت أن “هذا القرار يعكس التمييز المنهجي ضد إسرائيل الذي تمارسه لجنة التحقيق هذه، والتي ولدت بالخطيئة في عام 2021، بينما كانت حماس تمطر المدنيين الإسرائيليين بالصواريخ”.
Hamas terrorists attacked Israel on October 7 during a Jewish High Holiday. Today, on the Jewish High Holiday of Shavuot, the Pillay Commission of Inquiry chooses to publish its latest biased reports, attacking Israel.
This decision is reflective of the systematic anti-Israeli… pic.twitter.com/s1bb7DSuvm
— Israel in UN/Geneva???????????????? | #BringThemHome (@IsraelinGeneva) June 12, 2024
المزاعم ضد إسرائيل
تبين للمحققين أيضا أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب إضافية مثل التجويع كوسيلة حرب وأنها لم تتقاعس فحسب في توفير إمدادات ضرورية مثل الغذاء والمياه والمأوى والدواء لسكان القطاع بل أيضا “تحركت لمنع وصول تلك الضروريات من أي طرف آخر”.
وقالت اللجنة في بيان إن بعض جرائم الحرب مثل القتل تشكل أيضا جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها إسرائيل، مستخدمة مصطلح مخصص لأخطر الجرائم الدولية المرتكبة عن عمد كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد المدنيين.
وجاء في البيان “الأعداد الهائلة للضحايا المدنيين في قطاع غزة والدمار واسع النطاق للمنشآت والبنية التحتية المدنية نتيجة حتمية لاستراتيجية تم تنفيذها بقصد إلحاق الحد الأقصى من الضرر دون اعتبار لمبادئ التمييز والتناسب والاحتياطات المناسبة”.
وشدد التقرير على أن الجوع سيوثر على سكان غزة ولا سيما الاطفال “لعقود”. وأضاف أن إسرائيل فرضت “حصارا كاملا يرقى الى مستوى عقاب جماعي ضد السكان المدنيين. استخدمت إسرائيل الحصار وحجب ضروريات الحياة كسلاح” ما يشكل انتهاكا أيضا للقانون الإنساني الدولي.
ورفضت إسرائيل هذه الاتهامات تماما.
وقالت السفارة الإسرائيلية إن “إسرائيل ترفض الاتهامات البغيضة وغير الأخلاقية الموجهة ضد جيش الدفاع الإسرائيلي، سواء فيما يتعلق بالعملية العسكرية في غزة أو رده الأولي ضد إرهابيي حماس في إسرائيل. حماس منظمة إرهابية خارجة عن القانون. إسرائيل دولة ديمقراطية ملتزمة بسيادة القانون. جيش الدفاع الإسرائيلي يعمل بما يتماشى مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، ولديه آليات قوية ومستقلة لمراقبة والتحقيق في سلوكه”.
“تتجاهل التقارير استخدام حماس البغيض للدروع البشرية، واستراتيجية حماس المتعمدة المتمثلة في وضع المدنيين في خط النار. لكن فيما يتعلق بإسرائيل، فإن التقرير ليس لديه مشكلة في إلقاء اللوم عليهافي عدم دفاعها عن سكانها في 7 أكتوبر”.
كما انتقد تقرير الأمم المتحدة سلوك إسرائيل في الضفة الغربية، وخلص إلى أن “القوات الإسرائيلية ارتكبت العنف الجنسي والتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية والاعتداء على كرامة الشخص وجميعها تعتبر جرائم حرب”.
كما خلص إلى ان “الحكومة والقوات الإسرائيلية سمحت وعززت وحرّضت على حملة هجمات عنيفة من قبل مستوطنين ضد مجتمعات فلسطينية في الضفة الغربية”
وتقول وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس إن أكثر من 37 ألف فلسطيني في القطاع قُتلوا في القتال حتى الآن. ويشمل هذا العدد، الذي لا يمكن التحقق منه بشكل مستقل، حوالي 15 ألف مقاتل تقول إسرائيل إنها قتلتهم في المعركة. كما تقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 1000 مسلح داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.
وأعلن الجيش مقتل 299 جنديا خلال العملية البرية ضد حماس ووسط العمليات على طول حدود غزة. كما قُتل مقاول مدني في وزارة الدفاع في القطاع.
في حين، اقتحم نحو 3000 مسلح الحدود مع قطاع غزة لينفذوا هجمات دموية في بلدات جنوب إسرائيل، أسفرت عن مقتل حوالي 1200 شخص الذين قُتلوا في منازلهم وفي مهرجان موسيقي. كما اختطف المسلحون 251 شخصا من جميع الأعمار وتم أخذهم كرهائن في غزة.
ومن بين النتائج التي توصل إليها التقرير المؤلف من 59 صفحة حول هجوم 7 أكتوبر، تحققت اللجنة من أربع حوادث قتل جماعي في ملاجئ عامة قالت إنها تشير إلى أن المسلحين كان لديهم “تعليمات عملياتية”.
وخلصت اللجنة إلى أن أعضاء حماس والجماعات الفلسطينية الأخرى والمدنيين الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر “قتلوا وجرحوا وعذبوا وأخذوا رهائن بما في ذلك الأطفال وارتكبوا عنف جنسي وجنساني ضد مدنيين وضد أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية بمن فيهم جنود”.
وأضافت أن ذلك يشكل جرائم حرب وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت اللجنة كذلك إنها عثرت على “أدلة على تدنيس الجثث، بما في ذلك التدنيس الجنسي وقطع الرؤوس والتمزيق والحرق وتقطيع أجزاء الجسم وخلع الملابس”.
وقال التقرير إن “النساء تعرضت للعنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء إعدامهن أو اختطافهن. النساء وأجساد النساء استخدمن كجوائز انتصار من قبل الجناة الذكور”.
كما تم أيضا تصوير العديد من الأطفال الذين شهدوا مقتل أقاربهم “لأغراض دعائية”، حيث وجدت اللجنة أنه “من الفظيع بشكل خاص استهداف الأطفال للاختطاف”.
ولم تستجب حماس لطلبات التعليق.
وقال التقرير أيضا إن السلطات الإسرائيلية “فشلت في حماية المدنيين في جنوب إسرائيل على كل الجبهات تقريبا”.
تحيز الأمم المتحدة القديم ضد إسرائيل
من المقرر أن يتم تقديم التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأسبوع المقبل. وقد شكلت الأدلة التي تجمعها جهات مفوضة من الأمم المتحدة الأساس في بعض الأحيان للملاحقة القضائية بتهم ارتكاب جرائم حرب، ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية الاعتماد عليها.
واستندت اللجنة في تقريرها على مقابلات عن بُعد مع ضحايا وشهود وارسال بعثات الى تركيا ومصر وعلى آلاف المعلومات المستمدة من مصادر علنية وصور الأقمار الاصطناعية وتقارير الطب الشرعي.
وشددت اللجنة على ان إسرائيل “أعاقت التحقيقات ومنعت وصول اللجنة الى إسرائيل والأرض الفلسطينية”.
وشكل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة التحقيق غير المسبوقة في مايو 2021 للتحقيق في الانتهاكات المحتملة للقانون الانساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي الفلسطينية. ويعتبر أعضاء اللجنة، التي تقودها نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السابقة، خبراء مستقلين ولا يتحدثون باسم المنظمة العالمية نفسها. ورفضت إسرائيل التعاون مع فريق الخبراء.
وقالت بيلاي: “من الضروري محاسبة كل من ارتكب جرائم… يجب على إسرائيل فورًا إيقاف عملياتها وهجماتها العسكرية على غزة”.
وأضافت: “يجب على حركة حماس والمجموعات الفلسطينية المسلحة فورًا وقف إطلاق الصواريخ والإفراج عن جميع الرهائن. فإن أخذ الرهائن يُعتبر جريمة حرب”.
وقد قالت إسرائيل في الماضي أن بيلاي والأعضاء الآخرين هم “أشخاص مشهورون بمعاداة السامية ومعاداة إسرائيل”.
والقادة الآخرون للجنة هم ميلون كوثاري من الهند، أول مقرر أممي خاص معني بالحقّ في السكن اللائق، وكريس سيدوتي من أستراليا، وهو مستشار دولي في مجال حقوق الإنسان وخبير في المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والقانون الدولي لحقوق الإنسان وآلياته.
وقد أدلى الثلاثة في الماضي بتصريحات اعتبرتها إسرائيل غير صحيحة أو مسيئة أو تشهيرية فيما يتعلق بالدولة اليهودية أو المجتمع اليهودي العالمي، أو كليهما.
ويمثل التقرير ورد إسرائيل أحدث علامة على اتساع الفجوة بين الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن ردها على الهجوم المميت الذي وقع في 7 أكتوبر واحتجاز الرهائن الإسرائيليين.
ويوم الثلاثاء، أشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان – وهي هيئة منفصلة عن لجنة الخبراء المستقلين – إلى جرائم حرب محتملة ارتكبتها القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة في غارة دامية شنتها القوات الإسرائيلية أطلقت خلالها سراح أربعة رهائن وقتلت العشرات من الفلسطينيين.
وتتهم جنوب أفريقيا إسرائيل أيضا بارتكاب إبادة جماعية في غزة وأوصى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بتوجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.