آلاف الفلسطينيين يفرون من جنين بينما يستمر الجيش الإسرائيلي بتنفيذ أكبر عملية منذ سنوات
مقتل عشرة ومغادرة أكثر من 3000 للمخيم حتى الآن، بينما يستمر الجيش في تنفيذ أوسع عملية منذ نحو 20 عاما، والتي تشهد القصف الجوي
أ ف ب – قتل الجيش الإسرائيلي يوم الإثنين عشرة فلسطينيين في الضفة الغربية، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، تسعة منهم في مخيم جنين حيث ينفذ عملية هي الأوسع منذ نحو 20 عاما وتخللها قصف جوي بطائرات مسيرة.
وتشنّ إسرائيل العملية الواسعة التي أعلنت عنها في وقت مبكر الإثنين بعد أسبوعين من عملية كبيرة أخرى استهدفت مخيم جنين وتخلّلها قصف بالطيران المروحي للمرة الأولى منذ سنوات.
في الأثناء، صرّح نائب محافظ جنين كمال أبو الرب لوكالة فرانس برس أن “حوالي 3000 شخص غادروا المخيم حتى الآن”، مضيفا أنه يجري اتخاذ الترتيبات لإيوائهم في مدارس وملاجئ أخرى في مدينة جنين.
وصارت مدينة جنين ومخيّم اللاجئين المجاور لها والذي يقيم فيه نحو 18 ألف فلسطيني مسرحا للمواجهات بين الفلسطينيين والقوّات الإسرائيلية التي كثّفت في الأشهر الماضية عملياتها في شمال الضفة الغربية مع تزايد العمليات المسلحة التي تستهدف إسرائيليين ومعها هجمات يشنها مستوطنون على فلسطينيين وأملاكهم ومزروعاتهم.
وبينت هويات القتلى التسعة في مخيّم جنين أنّ ثلاثة منهم لا تتعدى أعمارهم 17 عاما، والبقية ما بين 18 و23 عاما، من ضمنهم قتيل في مدينة البيرة أصيب خلال تظاهرة تضامناً مع جنين.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان: “قواتنا دخلت عش الارهابيين في جنين… وهي تدمر مراكز القيادة وتصادر كمية كبيرة من الأسلحة”.
جيش الاحتلال يجبر أهالي مخيم جنين على إخلاء المخيم pic.twitter.com/CFHSJzsY86
— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) July 3, 2023
بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن القوات الإسرائيلية تضرب “بقوة كبيرة” منطقة جنين.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بمقتل ثمانية أشخاص في جنين إضافة إلى شخص في البيرة، وإصابة 100 آخرين بينهم 20 في حالة خطيرة.
شهداء #جنين ❤️ pic.twitter.com/7g8n93w6Pc
— فاطمة فتوني | Fatima ftouni (@ftounifatima) July 3, 2023
وقال مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين محمود السعدي لوكالة فرانس برس إن الهجوم الإسرائيلي يتم من الجو والبر. وأضاف: “قُصفت منازل ومواقع عدة… الدخان يتصاعد من كل مكان”.
ويشهد مخيم جنين اشتباكات مسلحة، فيما تهرع سيارات الاسعاف لنقل الجرحى الى المستشفيات، وفق ما أفاد مصور لوكالة فرانس برس.
وقال إن الجيش الاسرائيلي اقتحم مخيم جنين وما زالت الاشتباكات المسلحة جارية، ويُسمع صوت الانفجارات في المخيم، كما انتشر الجيش في شوارع مدينة جنين وفي محيطها.
من داخل المخيم، قال بدر الغول لفرانس برس: “شاهدتُ جرافات تدخل وتدمر منازل وبداخلها سكانها”.
“فاجأتهم”
بدأ الجيش الإسرائيلي منذ فجر الإثنين بقصف أهداف في مخيم جنين. وقال المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت للصحافيين: “نعمل ضد أهداف محددة”، معتبرا أن “الضربات الجوية في قلب المخيّم فاجأت” المسلحين الفلسطينيين.
وأضاف: “نحن نركز على البنية التحتية داخل المخيم. (العملية) يمكن أن تستمر ساعات، ويمكن أيامًا. بمجرد أن نحقق ما نحتاج إلى تحقيقه، سنخرج من هناك”.
وذكر الجيش في وقت سابق أنّ قوّاته قصفت “مركز عمليّات مشتركة” يشكل مركز قيادة “كتيبة جنين” التي كان شبّان من انتماءات مختلفة أعلنوا تشكيلها في 2021 بهدف “مقاومة الاحتلال”.
وقال إن العمليّة استهدفت موقعًا “للمراقبة والاستطلاع”، فضلا عن منشأة لتخزين الأسلحة ومخبأ لمَن زعم أنهم مُسلحون نفّذوا هجمات على أهداف إسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة.
وذكر بيان للجيش أن “جنديا أصيب بجروح طفيفة بشظايا قنبلة يدوية للجيش الإسرائيلي خلال عملية جنين وتم نقله إلى المستشفى”.
وقالت كتائب القسام التابعة لحركة حماس في مخيم جنين في بيان “مجاهدونا من كافة الفصائل الفلسطينية يواجهون جيش الاحتلال في أزقة مخيم جنين محدثين فيهم الإصابات المباشرة”.
من جهتها أكدت “سرايا القدس” التابعة للجهاد الاسلامي أنه “ردا على العدوان المستمر، وضمن معركة بأس جنين نفذ مجاهدونا منذ الصباح عددا من الضربات النوعية في صفوف قوات وآليات الاحتلال”.
وأعلنت مجموعة “عرين الأسود” من نابلس القريبة أن مجموعة من مقاتليها تشارك في القتال داخل مخيم جنين.
“كارثية”
وصف عضو إقليم حركة فتح في محافظة جنين محمود حواشين الأوضاع في مخيم جنين بأنها “كارثية”. وقال لفرانس برس وهو يتفقد المصابين في مستشفى ابن سينا: “هذه معركة غير متكافئة بين قوات عسكرية هائلة وبين شعب أعزل لا يملك سوى إرادته”.
وتابع حواشين وهو من مخيم جنين: “باغت الجيش سكان جنين بمسيِّراته واستهدف البنية التحتية من ماء وكهرباء وسيارات. معظم الذين استشهدوا مدنيون وليسوا من المقاومة… لسنا عشاق دم، نحن عشاق الحرية”.
في 19 يونيو قتل الجيش الإسرائيلي سبعة أشخاص في عملية في جنين التي قصفتها مروحياته لأول مرة منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005).
وحمّلت أطراف فلسطينية يوم الإثنين إسرائيل مسؤولية التصعيد الجديد.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في بيان إنّ “كلّ الخيارات مفتوحة لضرب العدو ردا على عدوانه في جنين”. وأضافت أن “جنين لن تستسلم، ومقاتلونا عاقدون العزم على المواجهة والقتال مهما بلغت التضحيات”.
وأعلنت السلطة الفلسطينية في بيان عقب اجتماع طارئ ترأسه الرئيس محمود عباس “وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع الجانب الإسرائيلي”.
وأضاف البيان أن مخرجات اجتماعات العقبة وشرم الشيخ “لم يعد لها جدوى ولم تعد قائمة” وذلك “في ظل عدم الالتزام الإسرائيلي” بها.
وأكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن “ما تقوم به حكومة الاحتلال في جنين ومخيّمها جريمة حرب جديدة بحق شعبنا الأعزل”.
وطالبت الخارجية الفلسطينية “بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان فورا”، داعية المحكمة الجنائية الدولية إلى “الخروج عن صمتها والبدء بمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين”.
“توفير الحماية”
قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان إنه “قلق للغاية” بشأن العنف ودعا إلى احترام القانون الإنساني الدولي.
وأعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي عن “إدانتها الشديدة للجرائم التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيمها ضد المواطنين المدنيين العزل والطواقم الطبية والمراكز الصحية وتدمير البنية التحتية وهدم البيوت والمساجد”.
ودعت “مجلس الأمن الدولي إلى تحمل المسؤولية وإنفاذ قراراته ذات الصلة ووضع حد لهذا الإرهاب الإسرائيلي المتواصل وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني”.
وبالمثل، “دانت وزارة الخارجية الأردنية التصعيد الإسرائيلي… وآخره العدوان على مدينة جنين. ودعت المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
كما دانت الإمارات العربية المتحدة “بشدة الاعتداءات التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلية”، وشددت خارجيتها في بيان على “ضرورة الوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني”.
من جهتها، أعلنت جامعة الدول العربية عقد اجتماع طارئ الثلاثاء.
أما الولايات المتحدة، فقالت على لسان متحدّث باسم خارجيتها “نحن ندعم أمن إسرائيل وحقّها في الدفاع عن شعبها ضدّ حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني والجماعات الإرهابية الأخرى”.
وشدد المتحدث على “ضرورة اتّخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للحيلولة دون مقتل مدنيين”.
وارتفعت حصيلة قتلى الهجمات والمواجهات والعمليات العسكرية منذ مطلع كانون الثاني/يناير إلى ما لا يقل عن 186 فلسطينيا، و25 إسرائيليا وأوكرانية وإيطالي.
وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني. أما في الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون.
يعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2,9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى نصف مليون يهودي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتحتلّ إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967.