اتصال هاتفي استدرج فؤاد شكر للعودة إلى شقته في بيروت قبل دقائق من اغتياله – تقرير
مسؤول من حزب الله يقول لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن المنظمة تعمل مع إيران للتحقيق في كيفية اختراق إسرائيل للمنظومة الأمنية لتسريع وصول القيادي الغامض إلى منزله سهل الاستهداف في الطابق السابع
جاءت الغارة الجوية على بيروت التي قتلت القائد العسكري الأعلى لحزب الله فؤاد شكر الشهر الماضي بعد دقائق من مكالمة هاتفية طُلب فيها من القيادي الصعود من مكتبه في الطابق الثاني إلى مسكنه في الطابق السابع، حيث كان من الأسهل استهدافه، وفقا لتقرير أمريكي نقلا عن مسؤول في المنظمة المدعومة من إيران.
وقال مسؤول في حزب الله لصيحفة “وول ستريت جورنال” إن الحزب يعمل مع إيران للتحقيق في الاختراق الأمني، ويعتقد أن قدرات إسرائيل التكنولوجية المتطورة تفوقت على نظام مكافحة المراقبة للمنظمة.
وقدّرت “وول ستريت جورنال” أن شكر أقام وعمل في المبنى نفسه للحد من وقته في الخارج. وقد توارى شكر عن الأنظار بعد أن ساعد في التخطيط لاختطاف الرحلة 847 لشركة TWA من أثينا إلى الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن أحد الجيران قوله: “لقد سمعنا اسمه، لكننا لم نره قط. لقد كان مثل الشبح”.
أدت الغارة الإسرائيلية في 30 يوليو إلى مقتل شكر وزوجته وامرأة أخرى وطفلين. الهجوم جاء ردا على هجوم صاروخي نسب إلى حزب الله على بلدة مجدل شمس في الجولان أسفر عن مقتل 12 طفلا.
وبعد ساعات من مقتل شكر، أدى انفجار في طهران إلى مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. وتوعد حزب الله وإيران بالانتقام من إسرائيل، التي لم تؤكد أو تنف دورها في الانفجار الذي أودى بحياة هنية.
في عام 2006، ساعد شكر في قيادة هجوم عبر الحدود أدى إلى مقتل ثمانية جنود إسرائيليين واختطاف اثنين، مما أدى إلى اندلاع حرب في لبنان. في أعقاب ذلك الصراع، يُعتقد أن شكر كان مسؤولا عن توسيع ترسانة الصواريخ التابعة لحزب الله من حوالي 15 ألفا إلى حوالي 150 ألف، مما يجعل المنظمة أكثر جهة فاعلة غير حكومية تسلحا في المنطقة.
وفقا للجيش الإسرائيلي، كان شكر هو الرجل الرئيسي لحزب الله لتهريب المكونات الإيرانية عبر سوريا والتي يمكن أن تصنع صواريخ موجهة من صواريخ غير موجهة.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن حياة شكر كان سرية للغاية لدرجة أن وسائل الإعلام اللبنانية التي نشرت تقارير عن وفاته أظهرت صورا للرجل الخطأ.
في أوائل عام 2024، ظهر علنا لبضع دقائق فقط لحضور جنازة ابن أخيه، الذي قُتل وهو يقاتل إسرائيل، وفقا لما قاله أحد معارفه للصحيفة.
كان شكر مطلوبا من قبل الولايات المتحدة لتدبيره التفجير الذي أسفر عن مقتل 241 جنديا أمريكيا في ثكنة مشاة البحرية الأمريكية في بيروت عام 1982، قبل تأسيس حزب الله رسميا.
وقد ساعد في تنظيم الشيعة لخوض معارك حرب العصابات ضد إسرائيل، التي اجتاحت لبنان في عام 1982 ردا على هجمات صاروخية متكررة على شمال إسرائيل.
في وقت سابق من ذلك العام، كان شكر يعمل لصالح المديرية العامة للأمن العام، وهي وكالة الاستخبارات اللبنانية. وقد تم فصل شكر، الذي كان في العشرينيات من عمره آنذاك، لفشله في منع اختطاف دبلوماسيين إيرانيين كان يرافقهم من الحدود السورية إلى بيروت، وفقا لقاسم قصير، المحلل السياسي اللبناني الذي عرف شكر منذ حوالي أربعة عقود.
عندما تأسس حزب الله رسميا في عام 1985، تم تعيين شكر قائدا عسكريا له. وكان يُنظر إليه على أنه صديق مقرب لحسن نصر الله، الذي أصبح زعيما للمنظمة بعد أن اغتالت إسرائيل سلفه في عام 1992.
وبحسب قصير، ساعد شكر في التخطيط لاختطاف طائرة TWA في 14 يونيو 1985، وهو ما نفى حزب الله مسؤوليته عنه.
وظلت الطائرة تحلق ذهابا وإيابا بين بيروت والجزائر لمدة ثلاثة أيام حتى أفرجت إسرائيل عن 700 مقاتل شيعي كما طالب الخاطفون. وتوارى شكر عن الأنظار بعد ذلك بوقت قصير.
وقال أحد معارف شكر “لقد أصبح غير مرئي”.
وبعد ذلك، كانت الظهورات العلنية لشكر نادرة. وقال أحد المعارف إن شكر تدخل شخصيا لمنع العنف بين أعضاء حزب الله وقوات الأمن اللبنانية خلال احتجاجات عام 1993 ضد اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
في عام 1996، أثناء الحج إلى مكة، قاد شكر مجموعة كبيرة من المصلين في هتافات “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل”، كما قال أحد المعارف الذي رافق شكر.
تهاجم قوات حزب الله البلدات والمواقع العسكرية الإسرائيلية على طول الحدود اللبنانية بشكل شبه يومي منذ 8 أكتوبر. وتقول المنظمة إنها تفعل ذلك دعما لغزة وسط الحرب الدائرة هناك، التي أشعلتها هجمات حماس في 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل.
خشية وقوع هجوم مماثل من حزب الله، أخلت إسرائيل البلدات على الحدود الشمالية بعد ذلك بوقت قصير. ولا يزال نحو 60 ألف إسرائيلي نازحين، وكذلك نحو 95 ألف من سكان جنوب لبنان.
حتى الآن، أسفرت المناوشات عن مقتل 26 مدنيا على الجانب الإسرائيلي ومقتل 18 جنديا إسرائيليا. كما وقعت عدة هجمات من سوريا دون وقوع إصابات.
وأعلن حزب الله مقتل 412 من عناصره على يد إسرائيل خلال المناوشات المستمرة، معظمهم في لبنان وسوريا أيضا. في لبنان، قُتل 71 مسلحا آخر من جماعات مسلحة أخرى، وجندي لبناني، والعشرات من المدنيين.