إسرائيل في حالة حرب - اليوم 396

بحث

الجيش الإسرائيلي يشل إنتاج الصواريخ ويعطل الدفاعات الجوية الرئيسية وإيران “قلقة”

بحسب تقارير، فإن الغارات جعلت مواقع طاقة حيوية عرضة لهجمات مستقبلية، ودمرت خلاطات وقود استُخدمت لصنع الصواريخ التي تم إطلاقها على إسرائيل؛ قد يستغرق إصلاح الضرر سنوات

نساء يسيرن أمام لوحة إعلانية كُتب عليها إنه يجب محو إسرائيل من الخريطة على واجهة مبنى في طهران، 26 أكتوبر، 2024.(Photo by ATTA KENARE / AFP)
نساء يسيرن أمام لوحة إعلانية كُتب عليها إنه يجب محو إسرائيل من الخريطة على واجهة مبنى في طهران، 26 أكتوبر، 2024.(Photo by ATTA KENARE / AFP)

أدت الضربات الجوية الإسرائيلية واسعة النطاق في إيران يوم السبت إلى شل قدرة إيران على إنتاج صواريخ بالستية طويلة المدى في ضربة سيكون من الصعب وسيستغرق وقتا طويلا للتعافي منها، وجعلت منشآت الطاقة الحيوية عرضة لهجمات مستقبلية من خلال تدمير بطاريات الدفاع الجوي التي تحميها، وفقا إلى تقارير متعددة نقلا عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين وإيرانيين، بالإضافة إلى صور الأقمار الاصطناعية التي حللها الخبراء.

وتشير الضربات، التي قالت هيئة البث الإسرائيلية “كان” إنها تعكس القدرات التي تم تطويرها على مدار عقدين من الزمن، إلى حرية عمل أكبر بكثير للطائرات الحربية الإسرائيلية في ضرب إيران إذا استمر الصراع الحالي في التصاعد، فضلاً عن انتكاسة قدرة طهران على إطلاق الصواريخ بشكل مستمر على إسرائيل، والتي تأمل القدس على ما يبدو أن تكون بمثابة رادع ضد المزيد من الهجمات على الدولة اليهودية.

واستهدفت الضربات مواقع قالت تقارير إنها شملت قاعدة بارشين السرية بالقرب من طهران، والتي كانت تُستخدم في الماضي للبحث وتطوير الأسلحة النووية، بالإضافة إلى مصنع لتصنيع الطائرات المسيرة.

تسببت الهجمات على الدفاعات الجوية في “قلق عميق” في إيران، حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين لم تذكر أسمائهم – أحدهم من وزارة النفط في البلاد – حيث أصفت مصفاة عبدان لتكرير النفط في مقاطعة خوزستان، ومجمع بندر إمام الخميني للبتروكيماويات وميناء رئيسي، وكذلك حقل غاز تانج بيجار في مقاطعة إيلام بلا دفاع.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير، نقلا عن مسؤولين إيرانيين وثلاثة مسؤولين إسرائيليين، أن الضربات عطلت ثلاثة أنظمة دفاع جوي روسية الصنع من طراز S-300 في مطار الإمام الخميني الدولي بطهران وفي قاعدة صواريخ مالاد بالقرب من العاصمة، هذا بالإضافة إلى غارة في أبريل أدت إلى تدمير بطارية إضافية في محافظة أصفهان.

وبحسب ما ورد، شملت أهداف الضربات قواعد تصنيع الصواريخ في فلق وشهيد قديري وعبد الفتح التابعة للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى منشآت بارشين وباراند.

طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي شاركت في غارات على إيران في ساعات فجر 26 أكتوبر، 2024، في صورة تمت الموافقة على نشرها في اليوم التالي.(Israel Defense Forces)

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن أربعة جنود قُتلوا في الضربات التي وقعت فجر السبت، مشيرة إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع.

وذكرت “نيويورك تايمز” أن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أجرى مشاورات طارئة يوم السبت حول كيفية الرد، مضيفة أنه لم يتم التوصل إلى قرار بعد، ومن المتوقع أن يدلي المرشد الأعلى علي خامنئي بتعليقات علنية بشأن الضربات الإسرائيلية يوم الأحد.

وفي أعقاب الهجوم، فتح خامنئي حسابا جديدا باللغة العبرية على منصة التواصل الاجتماعي “اكس”، تويتر سابقا، وكتب في أول مشاركة له: “بسم الله الرحمن الرحيم”.

تعطيل قدرات تصنيع الصواريخ

ذكرت التقارير أن الضربات أصابت ما لا يقل عن 12 خلاطا كوكبيا يُستخدم لصنع الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ البالستية طويلة المدى، وقدّر بعضها عدد الخلاطات التي تم ضربها بـ 20.

وأفاد موقع “إيلاف” السعودي الإخباري نقلا عن مصدر مطلع لم يذكر اسمه، أن خلاطات الوقود الثقيل استُخدمت لتشغيل صواريخ “خيبر” و”قاسم”، وهي الصواريخ البالستية التي تم إطلاقها على إسرائيل في الضربة الإيرانية في وقت سابق من هذا الشهر.

وزعم المصدر أن إصلاح المصنع سيستغرق عامين، بعد أن دُمر بالكامل. ولم يذكر مكان المصنع.

ونقل موقع “أكسيوس” الإخباري عن مصادر إسرائيلية ومسؤول أمريكي قولهم إن إيران لا تستطيع إنتاج الخلاطات بمفردها ويجب عليها الحصول عليها من الصين، الأمر الذي قد يستغرق أكثر من عام. وقال التقرير أيضا إن هذا التطور سيحد من قدرة طهران على إمداد وكلائها بالصواريخ البالستية، مثل جماعة حزب الله اللبنانية والحوثيين في اليمن.

جندي إسرائيلي يشير إلى مكونات صواريخ باليستية إيرانية تم إطلاقها على إسرائيل، خلال جولة إعلامية نظمتها الحكومة في قاعدة في جنوب إسرائيل، 9 أكتوبر، 2024. (AP/Maya Alleruzzo)

ومع ذلك، نقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولين إيرانيين تأكيدهم أن الأضرار التي لحقت بقدرات إنتاج الصواريخ للجمهورية الإسلامية كانت “طفيفة” وقصيرة المدى.

تمتلك إيران أكبر ترسانة صاروخية في الشرق الأوسط وزودت روسيا بالصواريخ لاستخدامها ضد أوكرانيا، كما زودت المتمردين الحوثيين في اليمن وجماعة حزب الله اللبنانية بالصواريخ، وفقا لمسؤولين أمريكيين.

وتنفي طهران وموسكو حصول روسيا على صواريخ إيرانية.

وفي الوقت نفسه، أكد رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشور على منصة “اكس” أن المنشآت النووية الإيرانية لم تتضرر خلال الغارات الجوية الليلية.

وكتب رفائيل ماريانو غروسي “المنشآت النووية الإيرانية لم تتأثر. مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية آمنون ويواصلون عملهم الحيوي. أدعو إلى الحكمة وضبط النفس من الأعمال التي يمكن أن تعرض سلامة وأمن المواد النووية وغيرها من المواد المشعة للخطر”.

مركز قيادة لسلاح الجو الإسرائيلي يشرف على الضربات في إيران في ساعات فجر 26 أكتوبر 2024، في صورة تمت الموافقة على نشرها في اليوم التالي.(Israel Defense Forces)

الخبراء يحللون صور الأقمار الاصطناعية

أظهرت صور الأقمار الاصطناعية التجارية أن الضربات أصابت مبان استخدمتها إيران لخلط الوقود الصلب للصواريخ البالستية، وفقا لتقييمات منفصلة أجراها باحثان أمريكيان.

تم التوصل إلى هذه الاستنتاجات من قبل ديفيد أولبرايت، وهو مفتش أسلحة سابق في الأمم المتحدة والذي يرأس مجموعة أبحاث معهد العلوم والأمن الدولي، وديكر إيفيليث، محلل أبحاث مشارك في CNA، وهو مركز أبحاث في واشنطن.

حيث قالا لوكالة “رويترز” بشكل منفصل، إن إسرائيل قصفت مجمع بارشين العسكري الضخم بالقرب من طهران. وقصفت أيضا، وفقا لإيفيليث، خوجير، وهو موقع مترامي الأطراف لإنتاج الصواريخ بالقرب من طهران.

وذكرت “رويترز” في شهر يوليو أن خوجير تشهد توسعا هائلا لتعزيز إنتاج الصواريخ.

وقال إيفيليث إن الضربات الإسرائيلية ربما “أعاقت بشكل كبير قدرة إيران على إنتاج الصواريخ بكميات كبيرة”. وقال إن صورة من شركة Planet Labs التجارية للأقمار الاصطناعية أظهرت أن غارة إسرائيلية دمرت مبنيين في خوجير حيث تم خلط الوقود الصلب للصواريخ البالستية.

المبنيان كانا محاطين بسواتر ترابية عالية، بحسب الصورة التي استعرضتها رويترز. ترتبط مثل هذه الهياكل بإنتاج الصواريخ وهي مصممة لمنع انفجار في أحد المباني من تفجير مواد قابلة للاحتراق في الهياكل المجاورة.

وقال إيفيليث إن صور Planet Labs لبارشين أظهرت أن إسرائيل دمرت ثلاثة مبان لمزج الوقود الصلب للصواريخ البالستية ومستودعا.

كما قال أولبرايت أنه راجع صور الأقمار الاصطناعية التجارية منخفضة الدقة لبارشين التي يبدو أنها تظهر أن غارة إسرائيلية ألحقت أضرارا بثلاثة مبان، بما في ذلك اثنان تم فيهما خلط الوقود الصلب للصواريخ البالستية.

ولم يحدد أولبرايت الشركة التجارية التي حصل منها على الصور.

وقال إن المباني تقع على بعد نحو 320 مترا من منشأة شاركت في الماضي في ما تزعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة والمخابرات الأمريكية أنه برنامج شامل لتطوير الأسلحة النووية أغلقته إيران في عام 2003. وتنفي إيران أن يكون لديها مثل هذا البرنامج، بينما تقول القدس إنها لم تتخل عنه بشكل كامل قط، مشيرة إلى مستويات تخصيب اليورانيوم الحالية التي ليس لها أي استخدام مدني.

وقال إيفيليث: “تقول إسرائيل إنها استهدفت المباني التي تحتوي على خلاطات للوقود الصلب. من الصعب صنع هذه الخلاطات الصناعية، كما أنها تخضع لرقابة التصدير. لقد استوردت إيران الكثير منها على مر السنين بتكلفة كبيرة، ومن المرجح أن تجد صعوبة في استبدالها”.

وأضاف أنه من خلال عملية محدودة، ربما تكون إسرائيل قد وجهت ضربة كبيرة لقدرة إيران على إنتاج الصواريخ بكميات كبيرة وجعلت من الصعب على أي هجوم صاروخي إيراني مستقبلي اختراق الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية.

وقال: “يبدو أن الضربات دقيقة للغاية”.

ما صرح به الجيش الإسرائيلي

قال الجيش الإسرائيلي أنه استهدف على وجه التحديد مواقع عسكرية استراتيجية، وتحديدا مواقع تصنيع وإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ بالستية، فضلا عن بطاريات دفاع جوي.

تم تنفيذ الضربات على موجات متعددة على مدار عدة ساعات، في مناطق مختلفة من إيران، حيث أغلقت الجمهورية الإسلامية مجالها الجوي طوال هذه المدة ولم تظهر على ما يبدو قدرة تذكر على مواجهة الهجوم. وتحدثت تقارير عن ضربات في مناطق طهران وكرج وأصفهان وشيراز.

ويبدو أن الموجة الأولى من الهجمات استهدفت قدرات الدفاع الجوي الإيرانية، وذلك لضمان حرية عمليات الجيش الإسرائيلي خلال طلعات يوم السبت، ولتمهيد الطريق لمزيد من الضربات، في حالة رد إيران. وبينما كانت الحملة جارية، أفادت وسائل إعلام رسمية سورية أن إسرائيل ضربت عدة مواقع عسكرية في جنوب ووسط البلاد، وهو إجراء ربما تم اتخاذه لتمكين سلاح الجو الإسرائيلي من العمل بحرية أكبر في إيران.

وضربت الموجات التالية مواقع تصنيع طائرات مسيرة وصواريخ بالستية – بما في ذلك تلك التي استُخدمت في الهجمات الإيرانية المباشرة على إسرائيل في 14 أبريل والأول من أكتوبر – بالإضافة إلى مواقع مستخدمة لإطلاق مثل هذه الأسلحة.

مساء السبت، نشر الجيش الإسرائيلي تسجيلا صوتيا للاتصالات اللاسلكية بين قائد سلاح الجو الإسرائيلي الميجر جنرال تومر بار وقائد السرب 201 أثناء الضربات.

وقال بار للفتنانت كولونيل “شين”، قائد سرب الطائرات المقاتلة من طراز “إف 16” إن “العمل التاريخي الذي قمتم به الليلة أثبت أنه لا يوجد عدو بعيد جدا”.

اقرأ المزيد عن