إيران لن تسعى نحو التصعيد، حيث يهدف الجانبان إلى التقليل من حجم الهجوم في أصفهان
بن غفير يقول في تغريدة إن الهجوم الانتقامي المزعوم "ضعيف"، مما أثار انتقادات له بأنه يعرض الأمن للخطر من خلال الكشف عن مصدر الضربة، حتى مع إشارة إيران إلى أنها ستغض الطرف
قال مسؤول إيراني كبير يوم الجمعة إن إيران لا تعتزم الانتقام الفوري ضد إسرائيل، في الوقت الذي أشار فيه مسؤولون في القدس إلى أن الهجوم المزعوم بطائرات مسيّرة على مدينة تقع جنوب طهران كان يهدف إلى توجيه رسالة وليس التسبب في أضرار.
كما شكك المسؤول الإيراني فيما إذا كانت إسرائيل تقف وراء الهجوم في أصفهان، على الرغم من تصريحات بعض السياسيين الإسرائيليين الذين قبلوا المسؤولية عمليا.
إلى جانب الاستجابة الضعيفة من وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، أشارت تعليقات المسؤول الكبير إلى أن طهران قد تكون غير معنية بالمخاطرة بالحرب للوفاء بتهديداتها بأنها ستهاجم إسرائيل إذا ردت على هجوم بالصواريخ والمسيّرات في نهاية الأسبوع، وأنها تبحث عن طريقة لتجنب الالتزام بتوعداتها العدائية.
وقال المسؤول الإيراني الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “لم يتم تأكيد المصدر الأجنبي للحادث”.
“لم نتأكد من المصدر الخارجي المسؤول عن الواقعة. لم نتعرض لأي هجوم خارجي والنقاش يميل أكثر نحو تسلل وليس هجوم”.
وأضاف أن إيران لا تخطط للرد الفوري على الهجوم.
في خطاب، أشاد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بالهجوم الانتقامي غير المسبوق على إسرائيل قبل أسبوع، لكنه لم يذكر الانفجارات الأخيرة.
وقال رئيسي لمئات الأشخاص في محافظة سمنان شرقي طهران إن تلك العملية “أظهرت سلطتنا وإرادة شعبنا الفولاذية ووحدتنا”.
وفي معظم التعليقات الرسمية والتقارير الإخبارية، لم يكن هناك أي ذكر لإسرائيل، وابدى المحللون والنقاد في التلفزيون الرسمي استخفافا بحجم الهجوم.
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني “لوحظت ثلاث طائرات مسيّرة في سماء أصفهان. أصبح نظام الدفاع الجوي نشطا وقام بتدمير هذه المسيّرات”.
ونقل التلفزيون الرسمي عن القائد الكبير بالجيش سيافوش ميهاندوست قوله إن أنظمة الدفاع الجوي استهدفت “جسما مشبوها”. وأضاف أنه لم تحدث أي أضرار جراء الهجوم.
وقال أحد المحللين للتلفزيون الرسمي إن الدفاعات الجوية في أصفهان أسقطت مسيّرات صغيرة قام بتشغيلها “متسللون من داخل إيران”.
وفي إسرائيل، التزمت السلطات الصمت رسميا، لكن عددا من السياسيين والمسؤولين السابقين تحدثوا علنا عن الضربة.
وكتب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وهو يميني متشدد ضغط من أجل رد أقوى على الهجوم الإيراني فجر الأحد، في تغريدة على منصة X كلمة واحدة “ضعيف”.
وزعم تقرير للقناة 12 أن مسؤولين في الحلقة المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انتقدوا بن غفير لإضراره بالأمن القومي الإسرائيلي، قائلين إن الوزير اليميني المتطرف “كان ولا يزال صبيانيا وغير ذي صلة بأي نقاش”.
كما انتقد زعيم المعارضة يائير لبيد بن غفير.
وكتب لبيد على منصة X “لم يسبق أن ألحق وزير في الحكومة ضررا شديدا بأمن البلاد وصورتها ومكانتها الدولية (…) في تغريدة لا تغتفر، مكونة من كلمة واحدة، نجح بن غفير في تحويل إسرائيل إلى أضحوكة، وألحق العار بها من طهران إلى واشنطن”.
بحسب “واشنطن بوست”، نقلا عن مسؤول إسرائيلي، كان الهدف من الضربة هو إرسال إشارة إلى إيران بأن إسرائيل لديها القدرة على الوصول إلى إيران بأسلحتها.
وقال مستشار الأمن القومي السابق إيال حولاتا لراديو الجيش: “من المهم أن تفهم إيران أنه عندما تعمل ضدنا، لدينا القدرة على ضرب أي نقطة ويمكننا أن نحدث أضرارا جسيمة – لدينا قوة جوية قادرة والولايات المتحدة إلى جانبنا”.
ويعتقد أن الرد الإسرائيلي قد خفف من الضغط الدولي للتأكد من ألا يؤدي الرد إلى تصعيد التوترات.
ونقل الصحفي بن كاسبيت عن ناتان إيشيل، المقرب من نتنياهو، قوله: “لا أحد يريد الحرب مع إيران في الوقت الحالي”، وأضاف “أثبتنا لهم أننا قادرون على التسلل والضرب داخل حدودهم ولم يتمكنوا من التسلل إلى داخل حدودنا. الرسائل أهم من التعظيم. لدينا حاليا مهام أكثر أهمية في كل من غزة ولبنان”.
مثل زميلها المثير للجدل بن غفير، بدا أن عضو الكنيست تالي غوتليف من حزب “الليكود” قررت البوح بكل شيء بشأن الهجوم.
وفي منشور على منصة X، قالت غوتليف إن يوم الجمعة كان “صباحا يسمح لنا بأن نرفع رؤوسنا عاليا بفخر. إسرائيل دولة قوية وجبارة”، وأضافت صلاة من أجل عودة.
وأعرب بعض السياسيين عن انزعاجهم من هذه التصريحات، على الرغم من أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين الذين لم يذكر أسمائهم أخبروا وسائل الإعلام الأجنبية أن إسرائيل تقف وراء الهجوم.
لقد عملت إسرائيل لسنوات في ظل استراتيجية الإنكار المقبول فيما يتعلق بهجماتها على المصالح الإيرانية في سوريا، ورفضت تحمل المسؤولية أو التحدث علنا عن طلعات جوية محددة، وأعطت إيران ووكلائها فرصة لتجنب الانتقام.
لكن هناك حدود لهذه الاستراتيجية. إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم على السفارة الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل والذي أسفر عن مقتل عدد من عناصر الحرس الثوري الإسلامي، من ضمنهم ضابط كبير. ومع ذلك، ردت إيران ليلة الأحد بإطلاق أكثر من 300 صاروخ كروز وصاروخ بالستي وطائرة مسيّرة محملة بالمتفجرات على إسرائيل.
وقد اعترضت إسرائيل القصف بأكمله تقريبا، بمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن. وأصيبت طفلة إسرائيلية، وهي الضحية الوحيدة في الهجوم، بجروح بالغة جراء سقوط شظايا. كما تعرضت قاعدة “نيفاتيم” الجوية التي كانت مستهدفة لأضرار طفيفة، بحسب مسؤولين إسرائيليين.
وقال تسفيكا حايموفيتش، القائد السابق لمنظومة الدفاع الجوي التابعة للجيش الإسرائيلي، للقناة 12: “من الجيد بالنسبة لنا أن يروي الإيرانيين هذه الرواية، إنها طائرات مسيّرة، طيور، مجرد حقل خارج أصفهان”. وأضاف أن كلا البلدين يسمحان لبعضهما البعض بـ”مساحة للغطاء والإنكار”، الأمر الذي من شأنه أن يمكّن من تهدئة الوضع.
وقال مستشار الأمن القومي السابق إفرايم هليفي لراديو الجيش: “من السابق لأوانه القول بأن الأمر قد انتهى. لكن هناك فرق بين الهجوم الإيراني والرد الإسرائيلي الذي يهدف إلى توجيه رسالة وليس إلى [أضرار] واسعة النطاق وكبيرة”.
ومع ذلك، نقلت شبكة CNN عن مصدر استخباراتي إقليمي قوله إن الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيران “انتهت”، وتكهن ألا يكون هناك رد إيراني.