إيران تقترب من امتلاك القنبلة النووية والولايات المتحدة منشغلة بالانتخابات
إسرائيل قدمت للأمريكيين معلومات استخباراتية جديدة تشير إلى مؤشرات مشبوهة على تجديد "مجموعة السلاح"؛ من المرجح أن تكون هذه إحدى النقاط الأساسية في محادثة نتنياهو مع بايدن؛ ثمة شك في أن تلقى القضية آذانا صاغية لدى ترامب قبل انتهاء الحرب في غزة
حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الجمعة الماضي من أن إيران على بعد أسبوعين من تخصيب اليورانيوم لصنع قنبلة نووية. وكالعادة، تصدرت هذه التصريحات عناوين الأخبار فورا دون الغوص في عمق الأمور.
بلينكن كان يشير إلى المادة الانشطارية فقط – اليورانيوم المخصب – وهي المادة المتفجرة للقنبلة وليس القنبلة نفسها التي تتطلب مكونات إضافية. لكي تتمكن إيران من الحصول على القنبلة النووية يتعين عليها أن تعيد تشكيل “مجموعة السلاح” ـ الفريق الذي من المفترض أن يحول اليورانيوم المخصب إلى مادة معدنية وأن يبني الزناد النووي وغلاف القنبلة النووية.
في وصف توضيحي بسيط: تمتلك إيران الكثير من الدقيق، لكن ليس لديها كعكة. فالتقدير المتشائم يقول إن إيران ستستغرق ستة أشهر على الأقل لتطوير بقية مكونات القنبلة، بينما يرى التقدير المتفائل أن العملية ستستغرق سنتين. ربما تكمن الحقيقة في مكان ما في الوسط.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
وفيما يتعلق بإسرائيل، فإن التهديد أصبح، بطريقة أو بأخرى، قاب قوسين أو أدنى ويتطلب الاهتمام والموارد والجهد الدولي. وقد أصبحت هذه الأمور أكثر وضوحا بعد اجتماع المنتدى الاستراتيجي الإسرائيلي الأمريكي (SCG) يوم الاثنين الماضي في واشنطن. تم عقد هذا الاجتماع بناء على طلب إسرائيلي لأن المعلومات الاستخبارية المتراكمة تشير إلى وجود علامات مشبوهة على تجديد مجموعة السلاح.
يدور الحديث عن أبحاث إيرانية التي من المفترض أن تسَرع عملية تجميع القنبلة. نشر موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي أن العلامات المشبوهة هي عبارة عن محاكاة حاسوبية لمحفز نووي، بالإضافة إلى أبحاث متقدمة حول تحويل اليورانيوم المخصب إلى مادة معدنية.
فيما يتعلق باليورانيوم المعدني، من المهم التأكيد على أن إيران لا تتلمس طريقها في الظلام. حتى الآن لم تشرح طهران للوكالة الدولية للطاقة الذرية سبب العثور على بقايا يورانيوم معدني في المنشأة السرية بالقرب من طهران.
ونشر الصحفي باراك رافيد أنه في أعقاب المعلومات الجديدة (المخاوف بشأن إعادة بناء مجموعة السلاح) التي قدمها الوزير رون ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي في مناقشات مغلقة، أرسل الأمريكيون رسالة تحذير سرية إلى إيران. وبحسب رافيد، فإن جواب طهران كان أنه لا يوجد شيء جديد، وأن النظام في طهران ليس لديه أي نية لتطوير أسلحة نووية.
لكن كل هذا حدث قبل انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي. ومن الواضح للجميع أنه من الآن وحتى يناير 2025، سيكون الرئيس الحالي “بطة عرجاء” وسيجد صعوبة في البدء بتحركات كبيرة – وتدرك طهران ذلك جيدا.
إن مدى اقتناع الأمريكيين بالمعلومات الاستخبارية المقدمة إليهم تجلى في ما قاله خلال المنتدى الأمني الذي عقد في مدينة أسبن بولاية كولورادو في نهاية الأسبوع الماضي مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان: “في الوقت الحالي ليس لدينا أي علامات على أن إيران بدأت عملية صنع قنبلة، ولكن إذا بدأوا بالسير في هذا الاتجاه فسوف يواجهون مشكلة مع الولايات المتحدة”. قيلت هذه الكلمات قبل انسحاب الرئيس بايدن من السباق الرئاسي.
من المرجح أن تكون هذه إحدى النقاط الأساسية التي سيثيرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في اللقاء مع الرئيس بايدن، في حال عُقد اللقاء. ومن المرجح أن يكون الوعد الرئاسي الأمريكي، بروح كلمات سوليفان، ملزما للإدارة المقبلة أيضا، وخاصة في هذه المرحلة الحرجة التي وصل إليها المشروع النووي الإيراني.
كان الهجوم المذهل الذي شنه سلاح الجو الإسرائيلي في اليمن بمثابة اختبار لأحدث أدوات خطط الهجوم الإسرائيلية، لكن لا أحد يخدع نفسه بأن الهجوم سيغير البرنامج النووي الإيراني. لقد أثبت الصراع الحالي متعدد الجوانب أن على إسرائيل أن تتحرك ضد التهديدات الحالية في تحالف، خاصة إذا كان الأمر ينطوي على احتمال نشوب صراع مباشر مع قوة إقليمية مثل إيران.
وهذه نقطة حاسمة يجب على إسرائيل أن تغرسها في الإدارة القادمة، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية.
في خطابه أمام مؤتمر الحزب الجمهوري الأسبوع الماضي في ميلووكي، تناول دونالد ترامب القضية الإيرانية بشكل أساسي على مستويين: السخرية من السياسات المتراخية للرئيس بايدن والتأكيد على التأثير التراكمي للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارته على إيران. فهل هذا مؤشر على ما سيأتي فيما يتعلق بسياسة ترامب؟ هذا غير واضح.
أمام الكونغرس مطروح منذ شهرين مشروع قانون يحظى بدعم الحزبين لتشديد العقوبات على إيران، والذي لم يتم تمريره بعد. في إسرائيل، يرغبون في رؤية تهديد عسكري حقيقي على طهران أولا، وبعد ذلك فقط فرض عقوبات اقتصادية قد تؤدي إلى مفاوضات، والتي يجب أن تؤدي نتيجتها إلى تقليص الجزء الأكبر من القدرات النووية التي تراكمت حتى الآن بشكل كبير. ليس من المؤكد أن يحدث هذا في الإدارة الحالية.
وفي سيناريو يتم فيه انتخاب ترامب، لا يزال لغز العلاقة بينه وبين نتنياهو قائما. قد يشير لقاء بينهما خلال زيارة نتنياهو الحالية إلى واشنطن إلى تخفيف جزئي في التوترات بين الاثنين. يُذكر أن ترامب يشعر بالاستياء من تراجع نتنياهو في اللحظة الأخيرة عن المشاركة في اغتيال قاسم سليماني في يناير 2020.
أما فيما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني، فيمكن القول اليوم بوضوح أن الزعيمين ارتكبا خطأ فادحا في طريقة انسحاب الأمريكيين من الاتفاق النووي، من دون طرح تهديد عسكري فعلي على الطاولة. وعندما حدث ذلك في تموز 2018، خشيت إيران جدا من الانسحاب الأمريكي الأحادي الجانب، وانتظرت نحو نصف عام حتى ردت.
فقط بعد أن اقتنعت طهران بأن الولايات المتحدة لا تجهز خيارا عسكريا، بدأت زيادة كبيرة في كمية اليورانيوم المخصب ثم التخصيب إلى مستوى 60٪. فهل تغير الآن أي شيء في الإرادة العسكرية الأمريكية؟ إن تصريحات مستشار الأمن القومي سوليفان مهمة ولكنها لم تصل بعد إلى حد تصريحات يمكن تفسيرها على أنها تهديد عسكري.
من جانبه، لا يتعجل ترامب في إطلاق تصريحات ملزمة في السياق الإيراني، على عكس تلك الموجهة إلى حركة حماس: “عليكم إطلاق سراح المختطفين قبل أن يتم انتخابي”. وفي مسألة أخرى كان ترامب واضحا جدا، بالنسبة له يجب على إسرائيل إنهاء الحرب في قطاع غزة وبسرعة. ولذلك فمن المرجح أنه بدون هذا العنصر سيبدي ترامب اهتماما أقل بالمطلب الإسرائيلي فيما يتعلق بإيران.