إن كانت الطاقة الشمسية متوفرة، فلا داع للاعتماد على أي طرف معاد من أجل توفير الطاقة الكهربائية
قرار كولومبيا بوقف مبيعات الفحم هو تذكير بأنه إذا كانت إسرائيل تريد ضمان تزويد نفسها بالكهرباء - وعدم الاعتماد على كولومبيا أو نصر الله - فإنها تحتاج إلى توليد الكهرباء من الشمس؛ في السبعينيات، حولت المقاطعة العربية إسرائيل إلى مركز للسخانات الشمسية - وأزمة اليوم يمكن تتحول لفرصة
قال مسؤول كبير في قطاع الطاقة هذا الأسبوع: “إذا كنا أذكياء، فسوف نتمكن في النهاية من تقديم الشكر للكولومبيين. جاءوا ليلعنوا وفي النهاية باركوا”.
كان المسؤول يشير بالطبع إلى إعلان الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو عن وقف إمدادات الفحم إلى إسرائيل. هذا مثال آخر للمودة العامة التي أظهرتها الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية تجاه إسرائيل منذ 7 أكتوبر. فقد وصف بيترو ما ترتكبه إسرائيل في غزة بأنه “إبادة جماعية”، وفي المقابل تلقى إشادة من بنيامين نتنياهو، الذي وصفه بأنه “مؤيد معاد للسامية لحماس” – وتم قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
والآن ينضم إلى هذا قرار التوقف عن بيع الفحم لإسرائيل. هذا القرار يبدو كضربة قاسية لقطاع الكهرباء الإسرائيلي: فعلى الرغم من كل الشعارات الخضراء، لا يزال الفحم مصدر حوالي 25% من الكهرباء في إسرائيل (حوالي 65% يأتي من الغاز ونحو 10% من الشمس).
وفي السنوات الأخيرة، توفر كولومبيا حوالي نصف الفحم الذي يتم استخدامه في إسرائيل بتكلفة 450 مليون دولار سنويا، ما يعني أنه يمثل نحو ثمن استهلاك الكهرباء في البلاد. إن قطع مثل هذه الحصة من الإمدادات يمكن أن يمثل تحديًا للنظام، خاصة في وقت لا تتمتع فيه إسرائيل بشعبية كبيرة في العالم.
ولكن عمليا، يبدو أنه إذا تحقق سيناريو انقطاع الكهرباء في إسرائيل، فذلك لن يكون بسبب كولومبيا. لدى شركة الكهرباء احتياطيات من الفحم كافية لبعض الوقت، وإضافة إلى ذلك يوجد موردون آخرون في السوق العالمية، مثل أستراليا وكازاخستان.
ومن عجيب المفارقات أن اثنتين من الدول التي تشتري منها إسرائيل الفحم، والمرشحتان لزيادة الحصص لملء الفراغ الذي خلفته كولومبيا، هما جنوب أفريقيا وروسيا. نعم، في المسرح العالمي العبثي، ترفع جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية وتبيع لها الفحم في نفس الوقت.
إذن، من المحتمل أن تجد إسرائيل في المدى القريب حلا لمقاطعة الفحم الكولومبية. لكن الأهم هو المدى الطويل، وهنا قدمت لنا كولومبيا درسا، وهو في الواقع درس استمراري لأحداث 7 أكتوبر ولتهديد الحرب الذي تتعرض له إسرائيل منذ ذلك الحين.
لقد ذكرتنا كولومبيا بأنه إذا كانت إسرائيل تسعى جاهدة إلى تحقيق أمن الطاقة ـ أي الحفاظ على قدرتها على تزويد نفسها بالطاقة في أي وقت وفي أي ظرف ـ فيتعين عليها أن تسعى إلى تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة. والاستقلال في مجال الطاقة لا يشمل شراء الفحم من دول معادية في الجانب الآخر من العالم.
التذكير القادم من كولومبيا ينضم إلى ما حدث في بداية الحرب: إغلاق منصة الغاز “تمار” خوفا من تعرضها لصواريخ حماس، ومعرفة أنه إذا اندلعت حرب واسعة النطاق في الشمال، والتي كما نعلم يمكن تندلع في أي لحظة، يمكن لأسلحة حزب الله الدقيقة أن تلحق الضرر بالبنية التحتية الكهربائية في إسرائيل بعدة طرق، من مهاجمة منصات الغاز إلى المحطات الفرعية وخطوط النقل.
وإذا تم الإضرار بإمدادات الغاز، سيصبح الفحم مرة أخرى عنصرا أساسيا في مزيج الطاقة الإسرائيلي وقد يكون لخطوة الكولومبية عواقب أكبر. والعبرة: فقط الطاقة الشمسية الموزعة، التي لا يستطيع العدو تعطيلها والتي يمكن للمجالس المحلية والاقليمية الاستمرار بتزويدها في جميع الظروف تقريبا، ستسمح للاقتصاد الإسرائيلي بمواصلة العمل، في حل مثالي يراعي البيئة والأمن.
هل أدت هذه العبر الواضحة إلى إجراءات حكومية حازمة لزيادة حصص الطاقة الشمسية في إسرائيل بشكل كبير؟ بالطبع لا. حدث ذلك في الماضي، عندما حولت المقاطعة العربية في السبعينيات إسرائيل إلى مركز لسخانات المياه بالطاقة الشمسية.
هذا كان في الماضي، اليوم لدينا حكومة فاشلة في العديد من المجالات، فلماذا يكون هذا المجال استثنائيا؟ على مستوى الكلام على الأقل، هناك تحركات: أعلن وزير الطاقة إيلي كوهين أنه في أعقاب المقاطعة الكولومبية أنه سيدفع لتسريع تحويل محطات الطاقة الكبرى (أوروت رابين في الخضيرة وروتنبرغ في عسقلان) من الفحم إلى الغاز.
الموعد الرسمي لنهاية عصر الفحم هو عام 2026، لكن الموعد العملي أقرب إلى نهاية العقد، وكوهين يتحدث عن تحقيق الانتقال بحلول العام المقبل (2025). سننتظر بصبر، وحتى ذلك الحين، ليقوم أحد بإبلاغ وزير الطاقة أن المستقبل وأمن الطاقة يكمن في الطاقة الشمسية وليس في الغاز.
ومع ذلك، هناك وعي محسوسة في الميدان. قبل عامين تقريبا، قام دوف حنين، عضو الكنيست السابق الذي يرأس حاليا منتدى المناخ في بيت الرئيس، بجولة في بلدات النقب الغربي وتحدث مع رؤساء المجالس والمجتمعات حول شبكات مصغرة: شبكات كهرباء محلية تعتمد على الطاقة الشمسية وتسمح للكيبوتسات والبلدات بالانفصال عن شبكة الكهرباء الوطنية.
بدا الأمر مبتكرا وغامضا بعض الشيء في ذلك الوقت، حتى لو كان من الواضح أن مثل هذه الخطوة ستكون مفيدة للغاية على المستوى الاقتصادي والبيئي. هذا الأسبوع، في جلسة تناولت المناخ والطموح البيئي خلال مؤتمر “موني إكسبو” للحكم المحلي في مركز المؤتمرات في تل أبيب، تحدث حنين مرة أخرى عن الأمن واستقلال الطاقة، لكن هذه المرة جميع رؤساء ومسؤولي المجالس المحلية كانوا يعلمون بالضبط عما يتحدث.
الجميع يحاول التقدم، مع الحكومة أو بدونها. ويدرك الجميع بالفعل أن من يريد الحياة والكهرباء لا يمكنه أن يثق في كولومبيا وجنوب أفريقيا ونصر الله. وبكل ما يتعلق بالأزمة البيئية وتغير المناخ، الحكومة الإسرائيلية تتأرجح بين الإنكار الترامبي والجهل واللامبالاة.
لكن الأمن كلمة سحرية تنشط حتى أسوأ الملوثين. إذا تسبب رئيس كولومبيا في استخلاص العبر الصحيحة، كما قال مسؤول كبير في قطاع الطاقة، فقد نرسل له يوما ما رسالة شكر.