إعدادا للمواجهة، المحكمة العليا تصدر أمرا مؤقتا ضد إقالة رئيس الشاباك رونين بار
في أعقاب صدور الحكم، المستشارة القضائية للحكومة تقول لنتنياهو إنه ممنوع حتى من إجراء مقابلات مع مرشحين جدد، وإنه قد يكون هناك تضارب في المصالح؛ وزراء الحكومة يتحدون سلطة المحكمة

أصدرت محكمة العدل العليا أمرًا قضائيا مؤقتا يوم الجمعة يمنع إقالة رئيس الشاباك رونين بار، بعد ساعات من تصويت مجلس الوزراء خلال الليل على إقالته بحلول 10 أبريل على أبعد تقدير.
وسيبقى الأمر ساري المفعول حتى تتمكن المحكمة من النظر في الالتماسات التي تم تقديمها ضد إقالة بار. وقالت المحكمة إنها ستنظر في الالتماسات في موعد أقصاه 8 أبريل.
وبدا أن الحكم سيؤدي إلى مواجهة بين الحكومة – حيث تعهد الوزراء علانية بتحدي المحكمة – والنظام القضائي الذي دعمته قطاعات كبيرة من المجتمع المدني الإسرائيلي. وهددت النقابات العمالية الرئيسية ومنتدى الأعمال الإسرائيلي بإضراب على مستوى البلاد إذا لم تلتزم الحكومة بأمر المحكمة.
تضارب المصالح لدى نتنياهو
في أعقاب الأمر القضائي الصادر عن المحكمة العليا، أصدرت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا تعليمات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه ممنوع من تعيين رئيس جديد لجهاز الشاباك، أو حتى إجراء مقابلات لشغل المنصب.
وقالت بهاراف-ميارا، التي تسعى الحكومة أيضًا إلى إقالتها، في رسالة إلى نتنياهو إن تعليماتها تمنع حتى تعيين رئيس مؤقت للجهاز. ومن المرجح أن تظل تعليماتها سارية المفعول إلى أن تصدر المحكمة العليا قرارًا نهائيًا بشأن هذه القضية، على الرغم من أنها لم تحدد إطارًا زمنيًا في رسالتها.
وأضافت المستشارة القضائية أنه في هذه الأثناء، سيتم فحص مسألة ما إذا كان يمكن لنتنياهو نفسه أن يشارك في عملية تعيين رئيس جديد للشاباك، ”بسبب القلق من وجود تضارب مصالح“.

ويجري جهاز الشاباك حاليًا تحقيقًا جنائيًا في علاقات غير قانونية مزعومة بين كبار مساعدي نتنياهو وقطر. وقد أشارت المستشارة القضائية إلى أن التحقيق قد يعني أن نتنياهو لديه تضارب مصالح في تعيين وإقالة رئيس الشاباك.
كما وقّع نتنياهو على اتفاقية تضارب مصالح في عام 2020 تحظر عليه المشاركة في تعيين القضاة وكبار مسؤولي إنفاذ القانون بسبب محاكمته الجنائية الجارية بتهم فساد. ويبدو أن رئيس الشاباك من بين هؤلاء المسؤولين المشمولين في تلك الاتفاقية.
وفي الوقت نفسه، تواصل سكرتير الحكومة مع نائب المستشارة القضائية للحصول على موافقة للحصول على تمثيل مستقل للحكومة في هذه المسألة. عادةً ما يتم تمثيل الحكومة من قبل المستشارة القضائية، ومع ذلك، في الحالات التي يوجد فيها خلاف، يمكن للحكومة أن تستعين بمحامٍ خارجي.
لا توجد سلطة قانونية
رد وزراء الحكومة بغضب على قرار المحكمة وهدد العديد منهم بتحدي المحكمة.
وقال وزير الاتصالات شلومو قرعي إنه لا يحق للمحكمة التدخل في قرار الحكومة، معلنًا أن ”رونين بار ستنتهي ولايته في 10 أبريل أو قبل ذلك، مع تعيين رئيس دائم للشاباك“.
وأضاف قرعي، وهو عضو في حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو، ”ليس لديكم أي سلطة قانونية للتدخل في هذا الأمر. هذه صلاحية الحكومة”، مضيفا ”أمركم باطل“.
وكتب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على منصة X ”قضاة المحكمة العليا لن يديروا الحرب، ولن يحددوا قادتها. نقطة“.
وكتب الوزيرالعائد حديثًا إلى الحكومة إيتمار بن غفير، الذي يرأس حزب ”عوتسما يهوديت“ اليميني المتطرف، على منصة X ”الإصلاح القضائي الآن!“

وخلافا لزملائه الوزراء، صرح وزير الداخلية موشيه أربيل أن الحكومة ستحترم الأمر القضائي الصادر عن محكمة العدل العليا، وقال إن ”الحكومة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لن تنتهك قرار المحكمة“.
ومع ذلك، أصدر حزب “شاس” الذي ينتمي إليه أربيل في وقت لاحق بيانًا يتنصل فيه من تصريحاته.
وجاء في البيان أن ”كتلة شاس تؤيد وتدعم بشكل كامل القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء نتنياهو بالأمس بإقالة رئيس الشاباك رونين بار“.
وجاء في البيان أن ”وزراء شاس شاركوا وأيدوا التصويت الذي جرى الليلة الماضية في اجتماع الحكومة“، مضيفًا أن ”أي تعليقات أخرى لا تمثل موقف الحزب“.

خط أحمر أخير
أثارت تصريحات الوزراء ردود فعل غاضبة من المعارضة وأعضاء المجتمع المدني.
وحذر منتدى الأعمال الإسرائيلي، الذي يمثل معظم العاملين في القطاع الخاص من 200 من أكبر الشركات في البلاد، يوم الجمعة من أنه ”سيغلق الاقتصاد الإسرائيلي“ إذا لم تحترم الحكومة الأمر القضائي.
وقال المنتدى في بيان له: ”إذا لم تحترم الحكومة الإسرائيلية الأمر القضائي وقادت إسرائيل إلى أزمة دستورية، فإننا ندعو الجمهور الإسرائيلي بأكمله إلى عدم احترام قرار الحكومة… وسنغلق الاقتصاد الإسرائيلي“.
ودعا اتحاد نقابات العمال “الهستدروت”، أكبر نقابة عمالية في البلاد، الحكومة إلى احترام المحكمة وحذر من أنها تدفع البلاد إلى الفوضى.
وقال رئيس الهستدروت أرنون بار-دافيد “أتوقع من الحكومة الإسرائيلية أن تلتزم وتحترم كل قرار صادر عن المحكمة، تمامًا كما تتوقع الحكومة من المواطنين والهستدروت والمنظمات الأخرى ذلك. إن دولة إسرائيل هي دولة قانون والحكومة ليست فوق القانون”.
وأضاف: ”نحن على شفا الفوضى بفضل هذه الحكومة ولن أمد يد المساعدة في تدمير المجتمع الإسرائيلي“، مضيفًا أنه من غير المعقول أن تتحدى الحكومة المحكمة.
وحذر بار-دافيد من أن عدم الالتزام بالحكم سيكون ”خطًا أحمر أخيرًا لا يمكن تجاوزه“.
وقال: ”لن نجلس بصمت ونشاهدهم وهم يمزقون دولة إسرائيل“.

كما هددت جامعة “رايخمان” الخاصة بالإضراب، وقالت في بيان لها إن شرعية الحكومة تقوم على الالتزام بأحكام المحكمة العليا وأن عدم القيام بذلك سيؤدي إلى ”أزمة دستورية تعرض وجود الدولة للخطر“.
وقد هددت عدة جامعات أخرى بالفعل بالإضراب في حال إقالة بار.
وبالإضافة إلى ذلك، وقع 40 رئيس مجلس إقليمي ورئيس سلطة محلية على رسالة تدعو نتنياهو إلى التصريح علنًا بأنه سيطيع المحكمة.
ورحب رئيس حزب “الديمقراطيون” اليساري يائير غولان بقرار المحكمة العليا، واصفًا إياه بـ”الإنجاز المهم“.
وكان حزب “الديمقراطيون”، بالإضافة إلى أحزاب “يش عتيد” و”الوحدة الوطنية” و”يسرائيل بيتنو”، من بين أولئك الذين قدموا التماسا ضد إقالة بار.
وكتب غولان على منصة X، بعد يوم من تجمع آلاف المتظاهرين في القدس للاحتجاج على الاجتماع الذي صوت فيه الوزراء على إقالة بار: ”إن تعبئة الجماهير لها تأثير – النضال المدني الثابت ينجح“.
وقال غولان إن بار ”أظهر شجاعة عندما وقف في وجه حكومة سيئة وخطيرة“، وتعهد بأن المتظاهرين ”سيواصلون الحملة من أجل الديمقراطية الإسرائيلية“.
وأضاف ”سنقاتل، وسننتصر“، ويبدو أنه يستعير شعار الحكومة الذي كثيرًا ما تردده بشأن الحرب في غزة – ”معًا سنقاتل، ومعًا سننتصر“.

وقد صوتت حكومة نتنياهو بالإجماع في الساعات الأولى من فجر يوم الجمعة على إقالة بار، وهي المرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي تقيل فيها الحكومة رئيس جهاز الأمن الداخلي.
وعلى الفور، قدمت أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني التماسًا إلى محكمة العدل العليا ضد القرار.
وزعمت الالتماسات وجود دوافع خفية وتضارب في المصالح، بالنظر إلى التحقيق الجاري في جهاز الشاباك في العلاقات بين مساعدي نتنياهو والحكومة القطرية، وفي ظل رفض رئيس الوزراء الثابت لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات المحيطة بهجوم 7 أكتوبر، والتي من المحتمل أن تورط الحكومة.
كما جاء أمر المحكمة بعد ساعات من تأكيد أن مجلس الوزراء يعتزم ضمن جدول أعماله النظر في اقتراح بحجب الثقة صباح الأحد بشأن المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا، التي تسعى الحكومة أيضًا إلى إقالتها، إلا أن الإجراءات للقيام بذلك ستكون طويلة وقد تستغرق نحو شهرين في المجموع.
وكانت باهاراف-ميارا قد حذرت نتنياهو من أنه لا يمكنه إقالة بار قبل أن يراجع مكتبها دوافعه للقيام بذلك، في خضم تحقيق الشاباك في ما يسمى بـ”قطر-غيت“.
وقارن زعيم المعارضة يائير لبيد، في رده على بند جدول الأعمال يوم الجمعة، بين محاولتي الإقالة، وقال: ”هذه العملية تجري أيضًا في ظل تضارب المصالح. سنقدم التماسًا [لمحكمة العدل العليا] ضد هذا القرار أيضًا. سيتم إبطال هذا القرار أيضًا“.