إسرائيل تفرج عن امرأة فلسطينية أمريكية كانت محتجزة لدعمها حماس بكفالة وإعادتها إلى منزلها في الضفة الغربية
قررت محكمة عسكرية إسرائيلية أن منشورات سماهر إسماعيل، والتي تضمنت صورًا لقادة في حماس، "تشكل تحريضًا ودعمًا لمنظمة غير قانونية"
أطلق يوم الخميس سراح مواطنة أمريكية اعتقلت من منزلها واحتجزتها السلطات الإسرائيلية لأكثر من ثلاثة أسابيع بكفالة، لانتظار محاكمتها في الضفة الغربية.
وكانت سماهر إسماعيل، وهي أم من أصل فلسطيني تبلغ من العمر 46 عاما وتقيم في نيو أورليانز، موجودة في الضفة الغربية منذ أقل من ثلاثة أشهر عندما اتُهمت بالتحريض بسبب عدة صور ورسائل نشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي. وتضمنت بعض هذه الصور صورا لكبار قادة حماس، بما في ذلك صانع قنابل قام بتنسيق تفجيرات انتحارية أدت إلى مقتل عشرات الإسرائيليين في التسعينيات، لكنها لم تدعو صراحة إلى العنف.
ويُسمح الآن لإسماعيل بالعودة إلى قريتها في الضفة الغربية. ولن تتمكن من العودة إلى الولايات المتحدة إلا بعد انتهاء محاكمتها، الأمر الذي قد يستغرق شهورًا، وذلك فقط إذا ثبتت براءتها.
وقد أثارت محاكمة مواطنة أمريكية أمام محكمة عسكرية – وهو نظام قانوني لفلسطينيي الضفة الغربية منفصل عن المحاكم المدنية الإسرائيلية – انتقادات واسعة النطاق. وتقول إسرائيل إنها توفر الإجراءات القانونية الواجبة وتسجن إلى حد كبير من يهدد أمنها. ويتهم الفلسطينيون وجماعات حقوق الإنسان النظام القضائي العسكري في انتهاك الإجراءات القانونية الواجبة وأأنه يصدر دائمًا أحكامًا بالإدانة، حيث تنتهي 95% من جلسات المحاكم العسكرية بالإدانة، وفقا لمنظمة مراقبة المحاكم العسكرية الإسرائيلية.
واحتفل ممثلو إسماعيل وعائلتها بقرار يوم الخميس بإطلاق سراحها بكفالة، لكنهم أعربوا عن استيائهم مما يعتبرونه رد فعل فاتر من الحكومة الأمريكية على سجن إسرائيل لمواطنة أمريكية.
وقال سليمان حامد، نجل إسماعيل، الذي يعيش في نيو أورليانز: “إننا نشعر بسعادة غامرة لأننا نشعر أن هذا نادراً ما يحدث. أشعر أنه بسبب كل التغطية الإعلامية، ربما فعلوا ذلك بشكل عادل هذه المرة. اعتقدت حقًا أنني قد لا أراها مرة أخرى أبدا”.
وأثار مقطع فيديو تظهر فيه القوات الإسرائيلية وهي تخرج إسماعيل من منزلها في 6 فبراير، غضبا عارما على وسائل التواصل الاجتماعي. واتهم محامي إسماعيل القوات الإسرائيلية بضربها أثناء الاعتقال، وعدم منحها الوقت الكافي لارتداء الحجاب، كما لم يسألها المحقق الإسرائيلي بشكل صحيح عما إذا كانت إسماعيل تريد حضور محام.
ولم تتوفر تفاصيل علنية عن مكان وجودها أو التهم الموجهة إليها أو حالتها.
ولم تتمكن من مقابلة محام إلا بعد أربعة أيام من اعتقالها، وفقا لوثائق المحكمة من جلسة الاستماع الأولية. وبحسب ما ورد لم تتمكن إسماعيل من الحصول على أدويتها طوال الأيام الستة الأولى على الأقل من احتجازها وأغمي عليها في السجن، وفقًا لرسالة كتبها جوناثان فرانكس، مستشار إدارة أزمات يمثل أمريكيين محتجزين في الخارج ويعمل مع عائلة إسماعيل، إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن. وقال فرانكس يوم الخميس إن أي موظف قنصلي لم يقم بزيارة إسماعيل إلا بعد مرور 14 يوما على اعتقالها.
وقال فرانكس، الذي سافر من الولايات المتحدة لحضور جلسة الاستماع يوم الخميس: “شعرت بالإحباط الشديد، نظرا لاحتمال تعرضها للإساءة أثناء احتجازها، من أنه استغرق الأمر 14 يوما حتى حضور موظف قنصلي لمقابلتها. أود أن أرى بيانا عاما من السفارة يفيد بأننا نتوقع ألا يتم وضع الأمريكيين أمام هذه اللجان العسكرية. ولا أعتقد أن هذا طلب مبالغ به من صديق”.
وحكم القاضي يوم الخميس في سجن عوفر بأن المحكمة العسكرية ليس لها صلاحية محاكمة إسماعيل على منشورات نشرتها أثناء وجودها في الولايات المتحدة، لكنه اتهمها بالتحريض على منشورات نشرتها أثناء وجودها في الضفة الغربية. وحضرت إسماعيل الجلسة عن بعد عبر الفيديو من سجن الدامون.
وتضمنت ثلاثة من المنشورات شخصية تشبه أبو عبيدة، الناطق باسم الجناح العسكري لحركة حماس. وتحت اثنتين من الصور كان هناك عبارة “نصر أو موت القديسين إن شاء الله”، بحسب وثائق المحكمة. كما غيرت إسماعيل صورتها الشخصية إلى رجل ملثم يشبه عبيدة، وهو يحرك كرة على إصبعه، مزينة بالعلمين الأمريكي والإسرائيلي.
كما نشرت صورة ليحيى عياش على خلفية المسجد الأقصى. وكان عياش، الملقب بالمهندس، معروفا بتطوير استخدام حماس للأحزمة الناسمة في العمليات الانتحارية وبناء العديد من المتفجرات المستخدمة في الهجمات في أوائل ومنتصف التسعينيات. واغتالته إسرائيل عام 1996.
وقال القاضي يوم الخميس، إن “المنشورات تشكل تحريضا ودعما لمنظمة غير قانونية، وبالتالي فهي ليست خطابا محميا”.
ويعني قرار المحكمة أنه سيتعين على إسماعيل البقاء في الضفة الغربية حتى اكتمال الإجراءات القانونية ضدها. وخلال تلك الفترة، تُحظر إسماعيل من النشر على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن المقرر أن تمثل أمام محكمة عسكرية في 31 مارس، بحسب فرانكس.
وفي هذه الأثناء، تشعر عائلتها بالقلق من أنها لن تتمكن من الحصول على علاج مناسب للسرطان في الضفة الغربية وأن إسرائيل قد تعتقلها مرة أخرى.
وجاءت جلسات الاستماع يوم الخميس بعد جلسة استماع سابقة للمحكمة العسكرية بعد ستة أيام من اعتقالها، حيث شكك القاضي العسكري المكلف بقضيتها علنا في صحة محاكمة مواطنة أمريكية وتساءل عما إذا كانت المحكمة تتمتع بالاختصاص القضائي، وفقا لملفات القضية التي حصلت عليها وكالة “أسوشيتد برس”.
وقال القاضي حينها: “ليس من الحكمة تقديم لائحة اتهام ضدها بناء على هذه الاتهامات. لا بالمعنى الجوهري، ولا حتى بالمعنى السياسي (بمعناه الدولي)”.
وعلى الرغم من توصية القاضي بالإفراج عن إسماعيل بكفالة، إلا أن المدعي العام العسكري قدم لائحة اتهام، مما أدى إلى جلسة الاستماع يوم الخميس.
وتأتي هذه القضية في فترة توتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الحرب في غزة، التي اندلعت بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر، والتي شهدت اندفاع آلاف المسلحين عبر الحدود، وقتلهم حوالي 1200 شخص واختطاف 253 آخرين.
وتعهدت إسرائيل بتدمير حماس، وشنت هجوما عسكريا واسع النطاق تقول السلطات الصحية في غزة أنه أودى بحياة أكثر من 30 ألف فلسطيني. ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس، ويعتقد أنها تشمل مدنيين وأعضاء حماس الذين قتلوا في غزة، بما في ذلك نتيجة صواريخ طائشة أطلقتها الجماعات المسلحة. ويقول الجيش الإسرائيلي أنه قتل أكثر من 13 ألف مقاتل في غزة، بالإضافة إلى حوالي ألف داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.
ومنذ ذلك اليوم، تقمع إسرائيل أي خطاب عبر الإنترنت تعتبر أنه يمجد حماس أو القضية الفلسطينية. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الفلسطينيين تعرضوا للإعتقال من السلطات الإسرائيلية، والفصل عن العمل من أرباب العمل الإسرائيليين، والطرد من المدارس الإسرائيلية بسبب خطاب اعتبر تحريضيا.
وقال حامد، نجل إسماعيل، إن الأسرة تشعر بخيبة أمل لأن السفارة لم ترسل مسؤولاً رفيع المستوى لحضور جلسة الخميس، على الرغم من مطالبة ممثلي الأسرة بذلك.
ولم يكن لدى السفارة الأمريكية تعليق فوري.
وقالت عائلة إسماعيل إنها كثيرا ما تسافر ذهابا وإيابا بين الضفة الغربية والولايات المتحدة، حيث تدير متجر بقالة مملوك لعائلتها في ضاحية غريتنا في نيو أورليانز وعملت كمعلمة في مدرسة ثانوية قريبة. وقال ممثلوها إنها كانت في الضفة الغربية لرؤية أقاربها وللإدلاء بشهادتها في جلسة استماع حول مواجهة سابقة مع القوات الإسرائيلية حيث تعرضت للضرب.
وقال حامد: “من الواضح سبب احتجازهم لها. إنهم يحاولون جعلها مثالا وترهيب الفلسطينيين. مثل هذه الحالات تدفع الأشخاص إلى حذف صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وإلغاء رحلاتهم إلى فلسطين. إنهم يحاولون إسكاتنا”.
منذ 7 أكتوبر، اعتقلت القوات الإسرائيلي حوالي 3400 فلسطيني في أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك أكثر من 1500 ينتمون إلى حماس. وحتى قبل ذلك، تصاعدت التوترات في الضفة الغربية، حيث قامت القوات الإسرائيلية بشن مداهمات ليلية في شمال الضفة الغربية ضد الفصائل الفلسطينية التي تزداد جرأتها.