إسرائيل والسلطة الفلسطينية توقعان اتفاقا لتسليم 500 مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية المحتجزة
سيتم استخدام الأموال لسداد الديون لشركة الكهرباء الإسرائيلية؛ الجانبان يعلنان النصر بعد الاتفاق على آلية تأمل الولايات المتحدة أن يتم استخدامها لتسليم أموال إضافية

أعلنت إسرائيل والسلطة الفلسطينية الأحد أنهما توصلتا إلى اتفاق يسمح بتسليم نحو 500 مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية لاستخدامها في دفع تكاليف الكهرباء والوقود لإسرائيل.
قال دبلوماسي غربي مطلع إن الجانبين اعتبرا الاتفاق انتصارا بعد أشهر من المفاوضات، والتي توسطت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فيها، وأضاف أن الهدف كان استخدام الاتفاق كإطار لتسليم أموال إضافية تحجبها إسرائيل عن السلطة الفلسطينية.
وبموجب اتفاقيات السلام المؤقتة التي تم التوصل إليها في تسعينيات القرن الماضي، تجمع وزارة المالية الإسرائيلية عائدات الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية وتقوم بتحويلات شهرية إلى رام الله، لكن اندلع خلافا بشأن الدفعات في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
ورفضت الحكومة الإسرائيلية تحويل الجزء من الأموال التي تستخدمها سلطة رام الله لدفع أجور الخدمات والموظفين في غزة، بحجة أن الأموال قد تصل إلى حركة حماس. ويمثل المبلغ الذي يبلغ نحو 75 مليون دولار من العائدات نحو ربع المبلغ الشهري الكامل.
واحتجاجاً على هذه الخطوة، رفضت السلطة الفلسطينية قبول أي من عائدات الضرائب، التي تشكل الغالبية العظمى من ميزانيتها السنوية. وقد تؤدي هذه الخطوة إلى انهيار مالي تام في رام الله نظرا لعدن قدرة السلطة على دفع رواتب موظفيها بالكامل لعدة أشهر.
وفي يناير 2024، وافقت الحكومة على إطار يتم بموجبه تحويل الجزء الخاص بغزة من الأموال إلى النرويج، التي ستكون مطالبة بعد ذلك بالاحتفاظ بالأموال حتى يوافق وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على تسليمها للسلطة الفلسطينية.

وقد نجحت هذه الآلية لعدة أشهر، ووافق سموتريتش على تسليم بعض تلك الأموال من النرويج إلى السلطة الفلسطينية.
ولكن في شهر مايو، انضمت النرويج إلى إسبانيا وأيرلندا في الاعتراف رسميًا بدولة فلسطينية، مما أثار الغضب في القدس. وأعلن سموتريتش ردًا على ذلك إلغاء الاتفاق الذي يضم النرويج.
ولا تزال أوسلو تحتفظ بنحو 420 مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية، لكن وزارة المالية الإسرائيلية حذرت من أن إسرائيل سوف تخصم هذه الأموال من تحويلات عائدات الضرائب الشهرية اللاحقة إذا تم تحويلها إلى السلطة الفلسطينية.

ومع تفاقم الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية خلال العام الذي أعقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر، بذلت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة لتسليم الأموال. وسعت واشنطن إلى تجنيد المغرب لتحل محل النرويج، ولكن تم التخلي عن هذه الفكرة في نهاية المطاف لصالح الآلية الحالية التي أزالت الوسيط، كما قال الدبلوماسي الغربي.
واقترحت إسرائيل مؤخرا تسليم الأموال إذا تم استخدامها لسداد المبالغ الضخمة من الديون المستحقة على السلطة الفلسطينية لشركات الكهرباء والوقود الإسرائيلية، والتي تراكمت بمرور الوقت بسبب فشل البلديات الفلسطينية المختلفة في سداد مدفوعاتها.
وقال الدبلوماسي إن سلطة رام الله أبدت استياءها في البداية من الفكرة، حيث أرادت مزيدا من الاستقلالية في كيفية إنفاق الأموال. ولكنها في النهاية رضخت بعد أن أوضحت إسرائيل أنها لن تقبل تسليم الأموال المحتجزة في النرويج تحت أي ظرف آخر.
علاوة على ذلك، بالنسبة للسلطة الفلسطينية، من شأن سداد الديون لشركات الوقود والكهرباء الإسرائيلية أن يحسن مكانة السلطة أمام البنوك الفلسطينية التي ترى الآن أنها قادرة على سداد مثل هذه الديون عند فحص طلبات القروض المستقبلية.
وقالت وزارتا المالية الإسرائيلية والفلسطينية في إعلانيهما إن الأموال، والتي تراكمت عليها الفوائد بمرور الوقت، ستستخدم لسداد ديون الوقود والكهرباء بالإضافة إلى تغطية مثل هذه المدفوعات في الأشهر المقبلة. وقال مكتب سموتريتش إن الصفقة أسفرت عن سداد 544 مليون دولار من الديون لإسرائيل. وأطلع سموتريتش مجلس الوزراء على الصفقة يوم الأحد.
وقال سموتريتش لمجلس الوزراء، بحسب بيان صادر عن مكتبه، إن “ديون السلطة الفلسطينية لشركة الكهرباء الإسرائيلية أدت إلى ارتفاع القروض وأسعار الفائدة، فضلاً عن إلحاق الضرر بالائتمان الخاص بشركة الكهرباء الإسرائيلية، والذي تم تحويله في نهاية المطاف إلى مواطني إسرائيل”.
ولا يسلم الاتفاق حصة غزة من عائدات الضرائب الفلسطينية التي تستمر إسرائيل في حجبها منذ انهيار الاتفاق مع النرويج. ولكن قال الدبلوماسي الغربي إن الهدف هو استخدام الإطار الجديد حتى يتمكن استخدام هذه الأموال لدفع تكاليف الكهرباء والوقود في المستقبل.

وكان سموتريتش يعارض تسليم الأموال إلى السلطة الفلسطينية، التي تستخدمها لدفع رواتب القطاع العام. وقد أجبرت الأموال المحتجزة السلطة الفلسطينية على خفض رواتب القطاع العام بشكل كبير لعدة أشهر.
كما تقوم إسرائيل بخصم أموال تعادل المبلغ الإجمالي لما يسمى بدفعات الشهداء، والتي تدفعها السلطة الفلسطينية لعائلات منفذي الهجمات الفلسطينيين.
وقالت وزارة المالية في السلطة الفلسطينية إن إسرائيل لا تزال تحتجز 570 مليون دولار، مما يرفع إجمالي الأموال المحتجزة إلى أكثر من 980 مليون دولار بحلول عام 2024.
وأضافت الوزارة أن “هذا أدى إلى تفاقم الأزمة المالية، حيث تواصل الحكومة تحويل هذه المخصصات مباشرة إلى حسابات الموظفين العموميين في غزة”، مضيفة أنها تعمل مع الشركاء الدوليين لضمان تسليم هذه الأموال في أقرب وقت ممكن.
ساهمت وكالة رويترز في إعداد هذا التقرير