إسرائيل تنفذ “ضربة تحذيرية” في سوريا دفاعا عن الأقلية الدرزية
سوريا تنفي ادعاء القدس بأن الضربة أحبطت هجومًا مخططًا ضد مدنيين؛ رئيس أركان الجيش يأمر بتنفيذ ضربات إضافية إذا استمر العنف ضد الأقلية؛ دروز إسرائيل يطالبون بالتدخل

نفذ الجيش الإسرائيلي ضربة بطائرة مسيرة استهدفت مجموعة مسلحة كانت تستعد لمهاجمة بلدة درزية في صحنايا، على أطراف دمشق، بحسب بيان مشترك لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يوم الأربعاء.
وقال نتنياهو وكاتس إن “العملية التحذيرية” استهدفت “تجمعًا لمجموعة متطرفة كانت تستعد لمواصلة هجومها على السكان الدروز” في سوريا.
وفي بيان منفصل، قال الجيش الإسرائيلي إن الضربة استهدفت عناصر “بعد أن هاجموا مدنيين دروز”.
وأفاد مصدر في وزارة الداخلية السورية لوكالة رويترز أن أحد أفراد قوات الأمن الجديدة في سوريا قُتل نتيجة الضربة، نافيًا رواية إسرائيل، وقال إن قوات الأمن السورية كانت تسعى لإنهاء اشتباكات بين جماعات مسلحة تعمل خارج سيطرة الدولة.
كما وجه نتنياهو وكاتس “رسالة شديدة اللهجة” إلى القيادة السورية: “تتوقع إسرائيل منها أن تعمل على منع الإضرار بالدروز”.
وبحسب مصادر عسكرية، فقد نُفذت الضربة بطائرة مسيرة من طراز “هيرمس 450” التي يستخدمهخا سلاح الجو الإسرائيلي في المراقبة والهجوم، والتي أطلقت صاروخًا على مبنى تم تحديد وجود المسلحين فيه.
وعقب تقييم أمني يوم الأربعاء، أمر رئيس أركان الجيش الفريق إيال زمير الجيش باستهداف مواقع حكومية سورية “إذا لم يتوقف العنف ضد الدروز”.
وأضاف الجيش إنه “يتابع التطورات في سوريا. القوات منتشرة وجاهزة للدفاع ولمختلف السيناريوهات”.
وجاءت الضربة بعد مقتل أكثر من عشرة أشخاص في بلدة جرمانا ذات الغالبية الدرزية قرب العاصمة السورية يوم الثلاثاء، في اشتباكات اندلعت إثر تسجيل منسوب لرجل درزي يسبّ فيه النبي محمد، ما أثار غضب مسلحين سنيين، بحسب عناصر إنقاذ وأمن.
في وقت لاحق من الأربعاء، نقل الجيش الإسرائيلي ثلاثة مدنيين دروز سوريين، يبدو أنهم أُصيبوا في أعمال العنف الطائفي، إلى مستشفى في إسرائيل.
وقال الجيش إن الثلاثة وصلوا إلى الحدود الإسرائيلية ونُقلوا أولًا إلى قاعدة نفح في مرتفعات الجولان، ثم إلى مستشفى زيف في صفد لتلقي العلاج.
وشكلت الاشتباكات أحدث فصول العنف الطائفي القاتل في سوريا، حيث تزايدت المخاوف لدى الأقليات منذ أن أطاح متمردون بقيادة إسلامية بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر، وشكلوا حكومة جديدة وقوات أمن خاصة بهم.

وجاء في بيان الحكومة الإسرائيلية: “في يوم ذكرى جنود إسرائيل القتلى، حين نُكرم مساهمة الطائفة الدرزية الكبيرة في أمن إسرائيل وذكرى الدروز القتلى الذين خاطروا بحياتهم دفاعًا عن إسرائيل، نرى أهمية كبيرة في الوفاء بالتزامنا تجاه الطائفة الدرزية في إسرائيل وحماية إخوانهم في سوريا”.
وأضاف نتنياهو وكاتس: “لن تسمح إسرائيل بالإضرار بالطائفة الدرزية في سوريا، انطلاقًا من التزام عميق تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل، الذين تربطهم روابط عائلية وتاريخية بإخوانهم في سوريا”.
وجاء البيان في وقت قام فيه عشرات الدروز بقطع طرق في شمال إسرائيل، مطالبين القدس بالتدخل في دمشق وسط الاشتباكات الطائفية.

ويُقدر عدد الدروز في إسرائيل بنحو 140 ألف نسمة، وهم أقلية ناطقة بالعربية ومتميزة عن المجتمعات العربية المسلمة والمسيحية في البلاد.
الرباط الإسرائيلي-الدرزي “يتجاوز الحدود”
أكدت إسرائيل مرارًا استعدادها للتدخل في سوريا لحماية الدروز، وخلال كلمات في مراسم يوم الذكرى لتكريم جنود الجيش الإسرائيلي القتلى يوم الأربعاء، أكد وزراء إسرائيليون التزام القدس اتجاه الدروز داخل إسرائيل وخارجها.

وقال وزير الطاقة إيلي كوهين خلال كلمة ألقاها في مقبرة الطائفة الدرزية في المغار: “التحالف بين الشعب اليهودي والطائفة الدرزية يتجاوز الحدود. لن تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي إذا جرى المساس بالدروز خارج حدودها”.
وقال وزير شؤون القدس مئير بوروش لجمهور اجتمع في مقبرة عسكرية في حرفيش إن الحكومة على علم بـ”الوضع الرهيب في سوريا”، و”سنتأكد من عدم إيذاء أي درزي في سوريا”.
وقال بوروش إن الدروز “يقدمون الكثير للأمة. نعلم أن الحكومة يمكنها أن تفعل المزيد لتعزيز الطائفة الدرزية”.
وأضاف: “الميثاق بين الدروز واليهود هو ميثاق حياة”.
ودعا الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، إلى “التحرك الفوري لمنع مذبحة في المجتمعات الدرزية قرب دمشق”.
العنف الطائفي في سوريا
قال مصدر أمني سوري إن شيوخا من الدروز اجتمعوا مع قوات الأمن في محاولة لمنع المزيد من التصعيد.

وقال الشيخ يوسف جربوع الزعيم الديني الدرزي إن ما صدر عن قلة من الأفراد بحق النبي محمد لا يمثل إلا أنفسهم وهو مرفوض من قبل الدروز والمجتمع كله، داعيا الطائفتين إلى رفض محاولات تأجيج الانقسامات الطائفية.
وأفادت وسائل الإعلام الرسمية السورية في وقت لاحق من الأربعاء أن قوات الأمن انتشرت قرب دمشق لضمان “الأمن والاستقرار”.
وقال مدير مديرية الأمن في ريف دمشق المقدم حسام الطحان “نعلن انتهاء العملية الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا، وانتشار قوات الأمن العام في أحياء المنطقة لضمان عودة الأمن والاستقرار”، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وأكد بيان لوزارة الخارجية السورية رفض البلاد “القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية”، دون ذكر إسرائيل. وشدد البيان على التزام البلاد “الراسخ بحماية جميع مكونات الشعب السوري دون استثناء بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية الكريمة”.
وتصاعدت مخاوف الأقليات في سوريا بعد مقتل المئات من العلويين في شهر مارس آذار، فيما يبدو أنه انتقام لهجوم شنه موالون للأسد.
وقال مسؤولون سوريون وزعماء علويون ومنظمات حقوقية تحدثوا إلى رويترز إنه منذ تولي الرئيس المؤقت أحمد الشرع السلطة في ديسمبر، أجبرت قوات الأمن مئات العلويين على مغادرة منازلهم في دمشق. ولم ترد بعد وزارة الداخلية التي تشرف على جهاز الأمن العام ومكتب الشرع على طلبات التعليق.
وقسمت الحرب السورية التي استمرت قرابة 14 عاما البلاد إلى مناطق نفوذ مختلفة، حيث تسلح الدروز -وهم أقلية عربية- للدفاع عن بلداتهم.
وتدعو الإدارة السورية الجديدة التي يقودها إسلاميون إلى وضع جميع الأسلحة تحت سلطتها، لكن المقاتلين الدروز يعارضون ذلك قائلين إن دمشق لم تضمن حمايتهم من المسلحين المعادين.
واتهم شيوخ الطائفة الحكومة بالفشل في منع هجوم اليوم الثلاثاء وحذروا من أنها ستتحمل مسؤولية أي تداعيات مستقبلية.

ومنذ شهر ديسمبر، شنت إسرائيل غارات جوية مكثفة على قواعد عسكرية كانت تابعة للنظام السابق في سوريا، ونشرت قواتها في منطقة منزوعة السلاح خاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في الجانب السوري من مرتفعات الجولان.
ويصف الجيش الإسرائيلي وجوده في المنطقة العازلة جنوب سوريا بأنه إجراء مؤقت ودفاعي، رغم أن كاتس قال إن القوات ستظل منتشرة في المنطقة “إلى أجل غير مسمى”.
ساهمت ديانا بليتر ووكالات في إعداد هذا التقرير