إسرائيل تناقش خطوات لمساعدة اقتصاد الضفة الغربية في اجتماع سري مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية
اجتمع المندوبون في تل أبيب لمناقشة تخفيف التوترات قبل شهر رمضان؛ عباس يلتقي بوزير الخارجية الأمريكي بلينكن ويخطط حسب التقارير لعقد قمة مع قادة حماس في قطر
عقد مسؤولون أمنيون إسرائيليون رفيعون اجتماعا سريا مع نظرائهم من السلطة الفلسطينية في تل أبيب هذا الأسبوع لمناقشة الجهود لتهدئة التوترات في الضفة الغربية قبل شهر رمضان، الذي يبدأ بعد شهر، حسبما قال مسؤول إسرائيلي ودبلوماسي رفيع مطلعان على الأمر لتايمز أوف إسرائيل.
وحضر اللقاء رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي ورئيس الشاباك رونين بار ومنسق أعمال الحكومة في الأراضي غسان عليان من الجانب الإسرائيلي ورئيس المخابرات ماجد فرج ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ من السلطة الفلسطينية.
وناقش الجانبان الإجراءات التي يمكن لإسرائيل اتخاذها للمساعدة في التخفيف من أزمة رام الله الاقتصادية، والتي تفاقمت في أعقاب حجب القدس مئات الملايين من الدولارات من عائدات الضرائب؛ وحظرها عودة حوالي 150 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية إلى وظائفهم في إسرائيل والمستوطنات منذ هجوم 7 أكتوبر؛ والحظر الذي فرضته منذ اندلاع الحرب على دخول العرب الإسرائيليين إلى المدن الفلسطينية حيث يتسوق الكثير منهم؛ وإقامة العديد من الحواجز الإضافية في أنحاء الضفة الغربية، مما يزيد من تقييد الحركة والنشاط الاقتصادي.
وأخبر المسؤولون الإسرائيليون نظرائهم في السلطة الفلسطينية أنهم سيتخذون عدة خطوات لمعالجة الوضع، بما في ذلك تقليل عدد الحواجز، وتقليل عدد مداهمات الاعتقال، والسماح لمجموعة من عدة آلاف من العمال فوق سن 45 عاما بالعودة إلى وظائفهم في إسرائيل وإعادة فتح العديد من المدن الفلسطينية أمام العرب الإسرائيليين، قال المصدران لتايمز أوف إسرائيل.
وأضافا إن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين أعربوا عن تفاؤلهم بأن الحكومة ستوافق على الإجراءات التي تعهدوا بها، على الرغم من أنه من المرجح أن يواجهوا معارضة من الأعضاء المتشددين الذين لا يفرقوا بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس.
أما بالنسبة لمسألة عائدات الضرائب التي لا تزال معلقة، قال الدبلوماسي إن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين أشاروا إلى أن القدس ستكون على استعداد لتقديم المزيد من المرونة في هذا الشأن.
وتحتجز إسرائيل 275 مليون شيكل (75 مليون دولار) من عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن رام الله. ويعادل هذا المبلغ ما تدفعه السلطة الفلسطينية عادة لتغطية تكاليف الخدمات وأجور الموظفين في غزة. وصوتت الحكومة الإسرائيلية في نوفمبر لصالح حجب الجزء المخصص لغزة من الضرائب الشهرية بحجة احتمال تحويل الأموال إلى حماس.
وأجرت السلطة الفلسطينية محادثات مع الإمارات العربية المتحدة والنرويج حول تقديم أبو ظبي أو أوسلو لرام الله قرضا شهريا للتعويض عن الأموال المحتجزة، حسبما قال دبلوماسي غربي رفيع لتايمز أوف إسرائيل في الشهر الماضي. لكن الدبلوماسي قال إن إسرائيل منعت السلطة الفلسطينية من الحصول على القرض، وهددت بحجب كامل عائدات الضرائب، التي تشكل الغالبية العظمى من ميزانية السلطة الفلسطينية.
وفي حين أن الجزء الخاص بغزة من العائدات يشكل عادة 75 مليون دولار أو 25% من التحويلات الشهرية، إلا أنه انخفض بشكل حاد منذ اندلاع الحرب، مع توقف اقتصاد القطاع.
وقال الدبلوماسي إن المسؤولين الإسرائيليين في اجتماع تل أبيب أشاروا إلى أن اسرائيل ستكون مستعدة لخفض المبلغ الذي تحجبه كل شهر.
وستظل السلطة الفلسطينية ممنوعة من استخدام عائدات الضرائب لدفع تكاليف الخدمات في غزة. وقال الدبلوماسي إنه يمكن للسلطة الفلسطينية اسيتخدام المبلغ الأصغر من عائدات الضرائب التي تجمعها بشكل مستقل في الضفة الغربية من أجل دفع تكاليف الخدمات والموظفين في غزة في هذه الأثناء.
وانتقدت الولايات المتحدة احتجاز إسرائيل لهذه الأموال، مؤكدة أنها تابعة لرام الله.
ووافقت إسرائيل الشهر الماضي على إطار يتم بموجبه إرسال الجزء الخاص بغزة إلى النرويج، والتي تحتفظ بالأموال حتى يسمح وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش بتحويلها إلى السلطة الفلسطينية. ولم تقبل أوسلو الاقتراح رسميا.
ودعمت واشنطن الإطار الذي تبنته الحكومة وحثت السلطة الفلسطينية على قبوله، على الرغم من أن رام الله حذرت من أنه يعطي صلاحيات مفرطة لسموتريتش، الذي دعا إلى حل السلطة الفلسطينية بالكامل.
وفي غضون ذلك، ناقش وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن “فوائد إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية” خلال لقائه الأربعاء مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية.
وتضغط واشنطن من أجل إجراء إصلاحات كبيرة على السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من العودة إلى حكم غزة بعد انتهاء الحرب.
كما أكد بلينكن دعم الولايات المتحدة لتوجيه المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، بحسب ما جاء في بيان أمريكي، وسط الذعر في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) بشأن قرارات الولايات المتحدة وأكثر من اثنتي عشرة دولة أخرى بتعليق تمويلها في أعقاب مزاعم بأن 12 من موظفيها شاركوا في هجوم 7 أكتوبر.
وقالت الولايات المتحدة إنها ستحول تمويلها إلى وكالات مساعدات أخرى إذا لزم الأمر، لكن مسؤولي الأونروا يحذرون من أنها المنظمة الوحيدة المجهزة حاليا لتوزيع المساعدات في غزة.
وأضاف البيان الأمريكي أن “بلينكن أكد على دعم الولايات المتحدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة باعتبارها أفضل طريق لتحقيق السلام والأمن الدائمين للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء”.
وكان كبير الدبلوماسيين الأمريكيين في زيارته السابعة لإسرائيل منذ بداية الحرب.
وخلال الاجتماع، دعا عباس إلى اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية التي تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وإلى العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا. وأكد أن السلام والأمن يمكن تحقيقهما فقط من خلال حل الدولتين.
كما أعرب عباس عن “خيبة أمله” إزاء القرار الذي وافق عليه مجلس النواب الأسبوع الماضي والذي يحظر الدخول إلى الولايات المتحدة لأعضاء منظمة التحرير الفلسطينية، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وقال إن الإجراء سوف “يؤثر على الدور الأميركي” في تشكيل سياسات المنطقة. ولم تتم الموافقة على مشروع القانون بعد من قبل مجلس الشيوخ.
ودعا رئيس السلطة الفلسطينية إلى تكثيف الجهود لوقف “العدوان الإسرائيلي” وتهجير الشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، ووضع حد لهجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، وخاصة في غور الأردن.
كما حث عباس بلينكن على زيادة الضغط على إسرائيل لتسليم عائدات الضرائب.
وذكرت القناة 12 يوم الأربعاء أن عباس يعتزم زيارة قطر في الأيام المقبلة بهدف الاجتماع مع قادة حماس، بما في ذلك زعيم الحركة السياسي إسماعيل هنية. وقالت القناة نقلا عن مصادر فلسطينية إن الاجتماع سيتمحور حول احتمال تشكيل حكومة وحدة مع حماس ومصير غزة عندما تنتهي الحرب.
وبحسب التقرير، يعتبر عباس السلطة الفلسطينية النظام الشرعي لحكم قطاع غزة.
وسيطرت حماس على الحكم من السلطة الفلسطينية في انقلاب دموي عام 2007، وأصبحت القوة الحاكمة الفعلية في القطاع الفلسطيني منذ ذلك الحين. وظلت السلطة الفلسطينية، التي تهيمن عليها حركة فتح التي يتزعمها عباس، على خلاف مع حماس منذ ذلك الحين.
وأكدت إسرائيل على أن إزالة حماس من السلطة في غزة هو الهدف الرئيسي للحرب، لكنها تبقى غامضة بشأن النظام الذي تتصوره هناك بعد انتهاء الصراع، في حين ترفض تولي السلطة الفلسطينية الحكم بحجة إنها تحرض باستمرار ضد إسرائيل.
آخر مرة التقى فيها عباس بقادة حماس كانت في تركيا قبل ستة أشهر.