إسرائيل تقلل من دور السلطة الفلسطينية في غزة بعد الحرب وتنفي وعدها السعودية بإقامة دولة فلسطينية
مكتب رئيس الوزراء ينفي تقريرا يزعم أن السلطة الفلسطينية ستتولى السيطرة على معبر رفح؛ رون ديرمر يقول إنه لا يوجد "وعد" للرياض بشأن إقامة الدولة الفلسطينية

حاولت إسرائيل يوم الأربعاء التقليل من شأن التقارير والتكهنات التي تشير إلى أن السلطة الفلسطينية ستلعب دورا أكبر في غزة بعد الحرب وأن الاتفاق مع المملكة السعودية قد يشمل إقامة دولة فلسطينية.
مع بدء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، تكثف الحديث حول “اليوم التالي” في غزة، حيث دعت العديد من الشخصيات الدولية إلى عودة السلطة الفلسطينية إلى السيطرة على القطاع، فضلاً عن زيادة الجهود نحو التوصل إلى حل شامل قائم على دولتين إسرائيلية فلسطينية.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية ومقرها المملكة المتحدة يوم الأربعاء، وافقت إسرائيل على السماح للسلطة الفلسطينية بالسيطرة على معبر رفح بين غزة ومصر في المراحل المستقبلية من الصفقة.
وقال التقرير إن إسرائيل وافقت خلال اجتماعات عقدت هذا الأسبوع في القاهرة بين مسؤولين في الاستخبارات المصرية ورئيس جهاز الشاباك رونين بار ورئيس الموساد دافيد برنياع على السماح للسلطة الفلسطينية بإدارة المعبر “تحت إشراف دولي ومن الأمم المتحدة”. وأشار التقرير، نقلاً عن مصدر مطلع على الاجتماعات، إلى أن الترتيبات الحالية مؤقتة و”تتعلق بهذه المرحلة فقط من وقف إطلاق النار”.
ونفى مكتب رئيس الوزراء التقرير، واتهم السلطة الفلسطينية بمحاولة “خلق صورة كاذبة مفادها أنها تسيطر على المعبر”.
ومع ذلك، اعترف مكتب رئيس الوزراء بأن الترتيب الحالي في المعبر “صحيح للمرحلة الأولى من الإطار وسيتم تقييمه في المستقبل”، وأن السلطة الفلسطينية تلعب حاليا دورا محدودا في إدارة المعبر الحدودي.
وبحسب مكتب رئيس الوزراء، يسيطر الجيش الإسرائيلي حاليا على المعبر و”لا أحد يمر من خلاله دون إشراف ورقابة وموافقة مسبقة من الجيش والشاباك”. وذكر أن “سكان غزة من غير حماس” يشغلون المعبر بإشراف دولي، والسلطة الفلسطينية توفر الختم على جوازات السفر للسماح لسكان غزة بالخروج من القطاع.
وقد رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علناً تولي السلطة الفلسطينية الحكم في غزة بعد الحرب، متهماً إياها بتمجيد الإرهاب ودعم هجوم السابع من أكتوبر. ولكن العديد من المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يؤيدون هذه الخطوة سراً بسبب عدم وجود بديل آخر واقعي لحماس.
في مارس 2024، ورد أن وزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت قال في اجتماع لمجلس الوزراء الأمني إن حكم السلطة الفلسطينية في غزة هو الخيار الأقل سوءًا الذي تواجهه إسرائيل.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيطالي يوم الاثنين، لم يستبعد وزير الخارجية جدعون ساعر إمكانية تولي السلطة الفلسطينية دورا في حكم غزة بعد الحرب، لكنه قال إنها ستحتاج إلى الخضوع لإصلاحات جادة.
وأضاف ساعر أنه إذا أنهت السلطة الفلسطينية “دعمها للإرهاب”، و”عالجت هذه المشاكل، وغيرت مواقفها، فسوف تكون هناك سلطة فلسطينية مختلفة، ومن ثم يمكننا أن نناقش معا بشكل جدي مستقبل أفضل لكلا البلدين”.
وقال وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر في كلمة ألقاها في الكنيست يوم الأربعاء إن إسرائيل جزء من المناقشات حول رؤية غزة ما بعد الحرب، ولكن أي ترتيبات من هذا القبيل يجب أن تشمل لاعبين دوليين.

وقال ديرمر من على منصة الكنيست: “نحن نعمل على هذا الأمر، وأنا جزء من هذا العمل، بشأن ’اليوم التالي’ في غزة. ولكن عليكم أن تفهموا أن أي خطة إسرائيلية سوف ترفض فور وصولها، لأنها خطة إسرائيلية”.
وقال ديرمر: “لذلك نحن بحاجة إلى تجنيد الولايات المتحدة والقوى الإقليمية” للمشاركة في مثل هذه الجهود، رافضًا الخوض في مزيد من التفاصيل بشأن الشركاء المحتملين.
وأضاف: “أنا متفائل للغاية بأننا نستطيع تحقيق الحكم في غزة في اليوم التالي بالضبط وفقًا للإطار الذي حدده رئيس الوزراء”، رافضا سؤالاً آخر من عضو في الكنيست ومشيرًا إلى أن إسرائيل بحاجة إلى “التحدث أقل والقيام بالمزيد”.
ويبدو أن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها ديرمر، الذي نادرا ما يدلي بتصريحات عامة، في الجلسة الكاملة للكنيست منذ أدائه اليمين الدستورية كوزيرا في ديسمبر 2022.
ونفى الوزير، الذي يعتبر من المقربين من نتنياهو، أن تكون إسرائيل قد قدمت أي وعد للسعودية بأنها ستدعم إقامة دولة فلسطينية مقابل إقامة العلاقات.
وقال ديرمر: “لا يوجد وعد مثل هذا على الإطلاق”.

وفي حديثه في دافوس يوم الثلاثاء، قال الرئيس إسحاق هرتسوغ – الذي يشغل منصبا رمزيا إلى حد كبير – إن هناك “حوارا حقيقيا بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية” بشأن جهود التطبيع.
وقال هرتسوغ أنه على الرغم من أنه كان مؤيدًا لفترة طويلة لحل الدولتين أثناء قيادته لحزب العمل اليساري، إلا أن هجوم السابع من أكتوبر هز رؤيته للعالم. وقال إنه يفهم اليوم “أنه يجب أن يكون هناك تحرك سياسي للأمام على الجبهة الفلسطينية”، لكنه يعتقد أن “المضي قدمًا مع المملكة العربية السعودية، ومع الدول العربية، والذي يضع بالطبع القضية الفلسطينية كنقطة محورية في المناقشات، هو أكثر منطقية بالنسبة لي”.
وقال نتنياهو إن معارضته لإقامة دولة فلسطينية اشتدت بعد مذبحة حماس في 7 أكتوبر، وفي فبراير 2024 قال: “الجميع يعلم أنني أنا الذي عرقل لعقود إقامة دولة فلسطينية من شأنها أن تعرض وجودنا للخطر”.
وفي يوليو 2024، صوت الكنيست بأغلبية ساحقة على تأييد قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية، حتى كجزء من تسوية تفاوضية مع إسرائيل.