إسرائيل تقصف مرفأ يسيطر عليه الحوثيون في اليمن بعد هجوم مسيّرة قاتل على تل أبيب
استهداف مستودع وقود ومنشآت آخرى في مرفأ الحديدة في أول ضربة إسرائيلية على اليمن، وهي واحدة من أبعد عملياتها العسكرية على الإطلاق، ردا على أشهر من الهجمات على البلاد وسط الحرب مع غزة

قال الجيش الإسرائيلي ووسائل إعلام محلية إن سلاح الجو قصف مرفأ الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون في غرب اليمن يوم السبت، بعد يوم من انفجار مسيّرة أطلقتها الجماعة المدعومة من إيران في تل أبيب، مما أسفر عن مقتل إسرائيلي.
ونقلت قناة “المسيرة”، وهي وسيلة الإعلام الإخبارية الرئيسية التي تديرها جماعة الحوثي، إن ثلاثة أشخاص قُتلوا في الغارات الإسرائيلية وأصيب 87 آخرين.
في بيان، قال الجيش الإسرائيلي إن “طائرات مقاتلة قصفت أهدافا عسكرية لنظام الحوثي الإرهابي في منطقة مرفأ الحديدة في اليمن، ردا على مئات الهجمات التي نُفذت ضد دولة إسرائيل في الأشهر الأخيرة”.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها الجيش الإسرائيلي بضربات في اليمن. وقد أطلق الجيش على الهجوم اسم “عملية الذراع الطويلة”.
وهدفت ضربة سلاح الجو الإسرائيلي على الميناء إلى منع الحوثيين من استيراد الأسلحة الإيرانية، فضلا عن إلحاق أضرار مالية بالمتمردين المدعومين من إيران.
وفقا للجيش، تم استخدام الميناء في المدينة التي يسيطر عليها الحوثيون مرارا لجلب الأسلحة من إيران، وبالتالي اعتبرته إسرائيل هدفا عسكريا مشروعا.
استهدفت الغارة الجوية مستودعات الوقود والمواقع المرتبطة بالطاقة ومنشآت أخرى في الميناء. وأظهرت صور ومقاطع فيديو ألسنة اللهب الهائلة والدخان يتصاعد من الميناء.

وتصرفت إسرائيل بمفردها في الهجوم دون أي تدخل عسكري أمريكي. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي أنه تم إطلاع الولايات المتحدة على آخر المستجدات قبل الهجوم.
شاركت في الهجوم ما لا يقل عن اثنتي عشرة طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز F-35 ومقاتلات من طراز F-15 وطائرات استطلاع وطائرات للتزود بالوقود – الأخيرة شاركت لأن الهدف كان على بعد حوالي 1800 كيلومتر من إسرائيل.
وأظهرت لقطات فيديو التقطها مرتادو الشاطئ في مدينة إيلات بأقصى جنوب البلاد، الطائرات الإسرائيلية وهي تتجه نحو اليمن بعد ظهر السبت.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيئل هغاري في مؤتمر صحفي: “هذا هجوم معقد، وهو من أبعد وأطول الهجمات التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي. لقد تطلب الأمر تخطيطا وإعدادا دقيقا لمجموعة متنوعة من التهديدات المحتملة في المنطقة”.

وهددت إسرائيل بالرد على الهجوم المميت بمسيّرة على تل أبيب فجر الجمعة، والذي أسفر عن مقتل يفغيني فيردر (50 عاما). وقال الجيش إن الدفاعات الجوية لم تعترض المسيّرة إيرانية الصنع التي أطلقها الحوثيون بسبب “خطأ بشري”.
وعقد وزير الدفاع يوآف غالانت، صباح السبت، اجتماعا مع كبار المسؤولين العسكريين، تمت خلاله الموافقة على الضربة على مرفأ الحديدة.
في وقت لاحق من اليوم، انعقد المجلس الوزاري الأمني المصغر للموافقة على الهجوم. واستمر الاجتماع ساعات، وكان الوزراء ما زالوا مجتمعين عندما تم تنفيذ الضربة في حوالي الساعة السادسة مساء.
وفقا للجيش الإسرائيلي، أطلق الحوثيون اليمنيون في الأشهر التسعة الماضية أكثر من 220 صاروخا بالستيا وصواريخ كروز ومسيّرات على إسرائيل – معظمها باتجاه مدينة إيلات في أقصى الجنوب – تضامنا مع قطاع غزة، حيث تخوض إسرائيل حربا ضد حركة حماس.

وتم اعتراض الغالبية العظمى من مقذوفات الجماعة المدعومة من إيران من قبل القوات الأمريكية المتمركزة في البحر الأحمر والدفاعات الجوية والطائرات المقاتلة الإسرائيلية، أو أنها أخطأت هدفها. قبل الهجوم على تل أبيب يوم الجمعة، نجح الحوثيون في ضرب إسرائيل بقذيفة واحدة فقط، وهي صاروخ كروز، حيث أصابت منطقة مفتوحة بالقرب من إيلات في مارس.
وحتى يوم السبت، لم ترد إسرائيل على هجمات الحوثيين. وكانت تفضل أن يواصل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضرب الحوثيين ردا على هجمات الجماعة المدعومة من إيران على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر.
ولم يستهدف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الميناء، حيث كان يُنظر إليه على أنه يُستخدم أيضا لجلب المساعدات الإنسانية إلى الدولة التي مزقتها الحرب.
ومع ذلك، قال هغاري إن إسرائيل ليس لديها أي نية لإيذاء الشعب اليمني، وأضاف “نحن نعمل ضد الإرهاب الحوثي”.
كما قال إن “إسرائيل تتوقع من دول العالم الوقوف على جبهة واحدة، هذه مصلحة دولية مشتركة”.

وقالت وزارة الصحة التي يديرها الحوثيون إن الهجوم أسفر عن وقوع إصابات.
وقال مسؤول في الحركة المدعومة من إيران إن الهجوم سيقابل بـ”التصعيد”.
وقال عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي، في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي، إن “الكيان الصهيوني سيدفع ثمن استهداف المنشآت المدنية، وسنقابل التصعيد بالتصعيد”.
وقال الجيش الإسرائيلي أنه لم يطرأ أي تغيير على التعليمات الموجهة للمدنيين الإسرائيليين، رغم أنه يتوقع ردا من الحوثيين.
عقب الهجوم، قال غالانت أن الهدف من الغارة كان توجيه رسالة إلى أعداء إسرائيل في الشرق الأوسط.
وقال غالانت في بيان مصور: “إن النار المشتعلة حاليا في الحديدة يمكن رؤيتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأهميتها واضحة. لقد هاجمَنا الحوثيون أكثر من 200 مرة. في المرة الأولى التي ألحقوا فيها الأذى بمواطن إسرائيلي، ضربناهم. وسنفعل ذلك في أي مكان حيثما يقتضي الأمر ذلك”.
وأضاف: “إن دماء المواطنين الإسرائيليين لها ثمن. لقد تم توضيح ذلك في لبنان وغزة واليمن وأماكن أخرى – إذا تجرأوا على مهاجمتنا، فستكون النتيجة واحدة”.

ويعد الحوثيون المدعومين من إيران، والذين استولوا على العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2014 ويسيطرون على مساحات كبيرة من البلاد، “جزءا من محور المقاومة” ضد إسرائيل إلى جانب حماس – التي ترعاها طهران أيضا.
وأعرب المتمردون الحوثيون عن دعمهم للفلسطينيين وهددوا إسرائيل وسط الحرب بين إسرائيل وحماس. شعار الجماعة المدعومة من إيران هو “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.
وفي البحر الأحمر، أطلق الحوثيون النار على السفن التجارية والعسكرية عشرات المرات منذ نوفمبر.
ويقول الحوثيون إنهم يستهدفون السفن ردا على الهجوم الإسرائيلي في غزة ضد حماس. لكنهم يستهدفون في كثير من الأحيان سفنا لها روابط هشة أو ليس لها روابط واضحة مع إسرائيل، مما يعرقل النقل البحري في طريق رئيسي للتجارة العالمية بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.
كما زعمت جماعات أخرى مدعومة من إيران، في العراق وسوريا، أنها أطلقت عشرات المسيّرات وصواريخ كروز على إسرائيل خلال الحرب المستمرة التي أشعلها الهجوم المدمر الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، في حين يهاجم حزب الله اللبناني بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية في شمال إسرائيل على أساس شبه يومي.
كما نفذت إيران نفسها هجوما غير مسبوق على إسرائيل في أبريل بمئات المسيّرات والصواريخ التي تم اعتراضها.
ساهمت وكالات في هذا التقرير