إسرائيل تطالب الأمين العام للأمم المتحدة بالإستقالة بعد تصريحاته بأن هجوم حماس “لم يحدث في فراغ”
انتقد المبعوث الإسرائيلي تصريحات غوتيريش في مجلس الأمن واعتبرها مبررا للإرهاب، بينما ألغى وزير الخارجية لقاء معه؛ غانتس يصفه بـ"المدافع عن الإرهاب"
انتقد مسؤولون إسرائيليون الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الثلاثاء بعد أن بدا وكأنه يقول أن الدافع وراء هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر في إسرائيل هو استمرار سيطرة اسرائيل على الأراضي الفلسطينية، وطالب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة باستقالته.
وقال غوتيريش في اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول الحرب بين إسرائيل وحماس، التي اندلعت عندما اجتاحت الحركة البلدات الحدودية الإسرائيلية وقتل عناصرها حوالي 1400 إسرائيلي: “من المهم أيضا أن ندرك أن هجمات حماس لم تحدث في فراغ”.
“الشعب الفلسطيني خضع مدى 56 عاما للاحتلال الخانق. لقد شهدوا التهام المستوطنات لأراضيهم التي تعاني من العنف؛ وخنق اقتصادهم؛ وتهجيرهم وهدم منازلهم. آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم تتلاشى”، قال غوتيريش.
وقامت إسرائيل بإخلاء كافة المستوطنات والقوات العسكرية من قطاع غزة بموجب خطة فك الارتباط عام 2005. وقد فرضت، إلى جانب مصر، حصارا مشددا على القطاع منذ سيطرة حماس عليه عام 2007، وتقول اسرائيل أنه ضروري للحد من قدرة الحركة على تسليح نفسها لشن هجمات. وتوسعت المستوطنات في الضفة الغربية في ظل الحكومات المتعاقبة، حيث ادعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرارا بأن السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا ليست شريكا للسلام، بعد أن رفضت عدة عروض في الماضي.
وأضاف غوتيريش أن “مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تبرر الهجمات المروعة من قبل حماس. وهذه الهجمات المروعة لا يمكن أن تبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”، في إشارة على ما يبدو إلى حملة الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة في قطاع غزة، والتي يقول مسؤولو حماس إنها أسفرت عن مقتل الآلاف.
وأثارت تصريحات غوتيريش حفيظة إسرائيل. ووصفها المبعوث الإسرائيلي للأمم المتحدة جلعاد إردان بـ”الصادمة”، وطالب الأمين العام بالاستقالة. وألغى وزير الخارجية إيلي كوهين اجتماعا مع غوتيريش، ووصف الوزير بيني غانتس الأمين العام للأمم المتحدة بأنه “مدافع عن الإرهاب”.
“الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أبدى تفهّما للإرهاب وقتل الأطفال والنساء وكبار السن، ليس مؤهلا لقيادة الأمم المتحدة. أدعوه إلى الاستقالة على الفور”، كتب إردان على موقع X. “ليس هناك مبرر أو فائدة من التحدث مع أولئك الذين يظهرون التعاطف مع أشنع الفظائع المرتكبة ضد مواطني إسرائيل والشعب اليهودي. ببساطة لا توجد كلمات”.
The @UN Secretary-General, who shows understanding for the campaign of mass murder of children, women, and the elderly, is not fit to lead the UN.
I call on him to resign immediately.
There is no justification or point in talking to those who show compassion for the most…
— Ambassador Gilad Erdan גלעד ארדן (@giladerdan1) October 24, 2023
وقال إردان إن التصريحات “مروعة” و”منفصلة تماما عن الواقع في منطقتنا”.
وأنه “من المحزن أن يكون شخص لديه مثل هذه الآراء رئيسًا لمنظمة نشأت بعد المحرقة. إنه أمر لا يعقل”.
ونشر وزير الخارجية كوهين، الذي سافر إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات بشأن بالحرب، على موقع X (تويتر سابقا) أنه سيلغي اجتماعا كان مقررا مع غوتيريش. وكتب أنه بعد ما حدث في 7 أكتوبر، “لا يوجد مكان لنهج عادل. يجب محو حماس من على وجه الأرض”.
بينما غرد غانتس، الذي انضم مؤخرًا إلى الحكومة كعضو في مجلس الوزراء الحربي المصغر الذي يشرف على المجهود الحربي: “إنها أيام مظلمة عندما يتغاضى الأمين العام للأمم المتحدة عن الإرهاب”.
وكتب “لا شيء على الإطلاق يمكن أن يبرر ذبح المدنيين الأبرياء. لقد حان الوقت للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ. لا يمكن للمدافعين عن الإرهاب أن يتحدثوا نيابة عن العالم”.
وفي 7 أكتوبر، قصفت حماس إسرائيل فجأة بآلاف الصواريخ بينما تسلل أكثر من 2500 مسلح الحدود مع قطاع غزة. واجتاح المسلحون المناطق الجنوبية وقتلوا كل من صادفوه، وقتلوا أيضا 260 شخصا في مهرجان موسيقي في الهواء الطلق. وتم اختطاف أكثر من 220 شخصًا من جميع الأعمار وسحبهم إلى غزة كرهائن. وتم إطلاق سراح أربعة رهائن منذ ذلك الحين.
وردت إسرائيل على هجوم حماس بالتعهد بتدمير الحركة وشن ضربات مكثفة على غزة، قائلة إنها تضرب أهدافا تابعة لحماس بينما تحاول تجنب وقوع إصابات بين المدنيين. وطلبت من أكثر من مليون من سكان غزة إخلاء الجزء الشمالي من القطاع قبل التوغل البري المتوقع.
وتقول وزارة الصحة التي تسيطر عليها حماس إن الغارات أسفرت عن مقتل أكثر من 5700 فلسطيني حتى الآن. ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، ويعتقد أنها تشمل أعضاء في حماس، فضلا عن المدنيين الذين قتلوا بصواريخ فلسطينية طائشة.
وجمعت جلسة مجلس الأمن الدولي كبار الدبلوماسيين، بمن فيهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي رفض في السابق دعوات لوقف إطلاق النار، قائلا أنه لن يحقق أي شيء غير تمكين حماس من إعادة تنظيم صفوفها.
وأعرب غوتيريش عن “القلق البالغ بشأن الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني في غزة”، وأكد أن “أي طرف في الصراع المسلح ليس فوق هذا القانون”.
وأضاف إن “القصف المتواصل لغزة من قبل القوات الإسرائيلية، ومستوى الخسائر في صفوف المدنيين، والتدمير الشامل للأحياء ما زال يتصاعد ويثير قلق عميق”.
ومشيرا إلى أنه كان قد “أدان في السابق بشكل لا لبس فيه الأعمال الإرهابية المروعة وغير المسبوقة التي ارتكبتها حماس”، دعا غوتيريش إلى معاملة جميع الرهائن بشكل إنساني و”الإفراج عنهم على الفور ودون شروط”.
وإلى جانب حملتها العسكرية، فرضت إسرائيل أيضا حصارا شبه كامل على غزة، على الرغم من السماح لبعض المساعدات الإنسانية بالدخول من مصر في الأيام الأخيرة بموجب اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة.
لكن قال غوتيريش إن المساعدات التي دخلت الى الآن “هي مجرد قطرة في محيط الحاجات”، وحذر من أن تفاذ الوقود في غزة سيكون “كارثة”.
وحذر من أن الصراع قد يؤدي إلى “تصاعد في جميع أنحاء المنطقة” ودعا إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية” بينما نادى إلى حل دولتين في نهاية المطاف يشهد قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وحضر وزير الخارجية كوهين أيضا اجتماع مجلس الأمن، وأحضر معه أفراد عائلات بعض الرهائن في غزة.
وفي كلمته أمام المنتدى، حذر من أنه إذا لم تدعم الأمم المتحدة حملة القضاء على حماس، فإنها ستواجه “أقتم ساعاتها” في عهد غوتيريش.
وفي غضون ذلك، دعت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إلى تحسين التنسيق بين المنظمات الإنسانية للتأكد من أن الكمية الصغيرة من المساعدات التي تدخل القطاع الآن تحتوي فقط على المواد الملحة.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن بعض المواد الغذائية التي تم تسليمها إلى غزة حتى الآن، مثل الأرز والعدس، كانت غير عملية نظرا لتضاؤل توفر المياه العذبة والوقود.
وقالت تمارا الرفاعي، المتحدثة باسم الأونروا، إن “التحدي الإضافي في التدفق المحدود للغاية للإمدادات هو أننا لا نتلقى بالفعل الإمدادات التي تحتاجها غزة، أو الإمدادات الأكثر أهمية”.
وقالت للصحفيين في مقر الأمم المتحدة في جنيف عبر الفيديو من العاصمة الأردنية عمان، حيث يوجد مقر الأونروا: “في إحدى الشحنات خلال اليومين الماضيين، تلقينا صناديق من الأرز والعدس”.
“لكن لكي يتمكن الناس من طهي العدس والأرز، فإنهم يحتاجون إلى الماء والغاز. وبالتالي، فإن هذا النوع من الإمدادات – رغم أنها سخية للغاية وحسنة النية – ليست قابلة للاستخدام في الوقت الحالي”.
وأضافت الرفاعي أنه قبل 7 أكتوبر، كانت حوالي 500 شاحنة تدخل غزة يوميا من إسرائيل ومصر، محملة بمزيج من السلع التجارية والغذاء والمساعدات والوقود.
لكن دخلت بضع عشرات فقط من الشاحنات التي تحمل الغذاء والدواء والمياه غزة عبر الحدود الجنوبية مع مصر منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ يوم السبت.
وقالت الرفاعي: “علينا أن نتحسن كمجموعة من العاملين في المجال الإنساني في إرسال قوائم واضحة بالأمور الضرورية”.
مخاوف بشأن الوقود
حذرت الأمم المتحدة من أن المزيد من المستشفيات والخدمات الحيوية الأخرى في القطاع الفلسطيني معرضة لخطر الإغلاق دون إمدادات الوقود.
وتخشى إسرائيل أن تستخدم حماس الوقود الذي يتم توصيله إلى غزة لتصنيع الأسلحة والمتفجرات. وقال الجيش الإسرائيلي أيضا يوم الثلاثاء إن حماس تحتجز ما لا يقل عن نصف مليون لتر من الوقود لأغراضها العسكرية، وتحجبها عن المستشفيات.
وقالت الرفاعي إن الأونروا يمكنها التعامل مع لوجستيات دخول الوقود إلى غزة، وأنها ملزمة بالإبلاغ عن أي سوء استخدام.
وقالت إنه “عندما نتلقى في الأونروا الوقود أو أي معدات أخرى، فنكون مسؤولين عن التعامل معها. لقد أثارت بعض الدول المانحة المقربة مسألة الأمن… نحن ملزمون بإبلاغها بأي سوء استخدام نراه، أو أي خطر”.
وقالت الرفاعي إن الأونروا لديها “نظام تحقق قوي للغاية للتأكد من أن كل ما نتلقاه يستخدم فقط للأغراض الإنسانية”.
وكثيرا ما اتهمت إسرائيل الأونروا بالفشل في الإبلاغ عن تجاوزات حماس، مما مكن الحركة من العمل بحرية بين السكان المدنيين في غزة.
المساعدات الطبية
من ناحية أخرى، قالت منظمة الصحة العالمية إنها لم تتمكن من توزيع أي من الإمدادات الصحية الحيوية من قوافل الشاحنات إلى المستشفيات الكبرى في شمال غزة، بسبب نقص الضمانات الأمنية.
وأضافت أن هناك الآن ثلاثة مرضى لكل سريرين في مستشفى الشفاء الرئيسي في الشمال.
وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان إنه “بالإضافة إلى المستشفيات التي اضطرت إلى إغلاق أبوابها بسبب الأضرار والهجمات، فقد أغلقت ستة مستشفيات في أنحاء قطاع غزة أبوابها بالفعل بسبب نقص الوقود”.
وقالت الوكالة إنه تم تسليم الإمدادات الطبية إلى أربعة مستشفيات في جنوب غزة، وقام المسعفون “بأخذ صناديق الإمدادات من الشاحنات مباشرة إلى غرف العمليات، حيث يجري الأطباء عمليات جراحية دون تخدير أو غيرها من المستلزمات الجراحية الأساسية”.