إسرائيل تسعى إلى الحد من نطاق الشق الفلسطيني من صفقة التطبيع السعودية
بينما يقوم مستشارو بايدن برحلة أخرى إلى الرياض لإجراء محادثات مع محمد بن سلمان، مساعدو نتنياهو يصفون عباس بازدراء بأنه "عمدة رام الله" ويصرون على أنه لن يملي شروط الاتفاق
قام اثنان من كبار مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة أخرى إلى الرياض الأسبوع الماضي للدفع بالمفاوضات نحو اتفاق التطبيع بين إسرائيل والمملكة السعودية، بينما عمل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الحد من نطاق المكون الفلسطيني من الصفقة.
وأفاد موقع “أكسيوس” الإخباري يوم الأربعاء أن منسق الشرق الأوسط في البيت الأبيض بريت ماكغورك ومستشار الطاقة عاموس هوكشتاين التقيا بولي العهد محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين. وأكد البيت الأبيض الرحلة لكنه أصر على أنها كانت جزءا من السفر الروتيني لماكغورك وهوكشتاين وأنهما ناقشا مجموعة من القضايا بالإضافة إلى اتفاق التطبيع المحتمل.
ومع ذلك، كانت هذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها ماكغورك إلى الرياض في سبتمبر – وهو الشهر الذي شهد مناقشة بايدن ونتنياهو للصفقة المحتملة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقول محمد بن سلمان لشبكة “فوكس نيوز” إن الاتفاق عالي الرهانات يقترب كل يوم.
ولا يزال هناك عدد من النقاط الشائكة، إذ من المؤكد أن الضمانات الدفاعية الأمريكية ودعم البرنامج النووي المدني الذي تسعى إليه السعودية ستثير غضب الديمقراطيين في الكونغرس بالنظر إلى سجل الرياض في مجال حقوق الإنسان. وتأمل إدارة بايدن أن يكون وجود مكون فلسطيني كبير يدفع بحل الدولتين كافيا لتهدئة التقدميين وإقناعهم بدعم الصفقة، والتي قد تتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ.
لكن هذا العنصر أصبح نقطة توتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تتألف حكومتها المتشددة بأغلبية ساحقة من مشرعين يعارضون إيديولوجيا إقامة دولة فلسطينية.
يوم الأربعاء، ذكرت صحيفة “هآرتس” أن مسؤولا إسرائيليا كبيرا مقربا من نتنياهو أبلغ مسؤولين في إدارة بايدن إن “عمدة رام الله لن يحدد تفاصيل” اتفاق التطبيع – مشيرا بازدراء لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن محمد بن سلمان لا يسعى إلى تعزيز السيادة السياسية للفلسطينيين، مشيرين إلى تصريحات ولي العهد السعودي لقناة فوكس نيوز، والتي قال فيها إنه يهدف إلى “تيسير حياة الفلسطينيين”. وقال ثلاثة مسؤولين أيضا لـ”تايمز أوف إسرائيل” في الأسبوع الماضي إن الرياض تضع جانبا بهدوء مبادرة السلام العربية التي رعتها قبل أكثر من 20 عاما وتستعد لاحتمال تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون تأمين إقامة دولة فلسطينية أولا.
لكن بن سلمان قال أيضا في المقابلة مع قناة فوكس نيوز إن “القضية الفلسطينية مهمة جدا. نحن بحاجة إلى حل هذا الجزء”. كما أكد المسؤولون السعوديون لنظرائهم الفلسطينيين أنهم لن يتخلوا عنهم في جهود التطبيع. كما عينت الرياض سفيرا لدى فلسطين وترأس بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي مبادرة تهدف إلى إحياء عملية السلام.
ولقد قال نتنياهو علنا إن الفلسطينيين ينبغي أن يكونوا جزءا من الاتفاق ولكن لا ينبغي أن يكون لهم حق النقض في الاتفاق.
بشكل سري، يهدف نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر إلى جعل المكون الفلسطيني يقتصر على المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية التي تعاني من ضائقة مالية، وفقا لمسؤولين مطلعين على الأمر.
وقال مسؤولون فلسطينيون لتايمز أوف إسرائيل الشهر الماضي إنهم يدفعون فقط من أجل وقف متبادل للإجراءات الأحادية الجانب في سياق مفاوضات التطبيع، بالإضافة إلى “خطوات أخرى لا رجعة فيها” يمكن أن تساعد في خلق “أفق دبلوماسي” لمستقبل اتفاق. وتشمل هذه الخطوات نقل إسرائيل أراضي في الضفة الغربية إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، وإزالة البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية، والحد من النشاط الاستيطاني الاستراتيجي والالتزام العام بحل الدولتين.
أي من هذه الخطوات وحدها يمكن أن تكون أكثر من اللازم بالنسبة لنتنياهو، حيث حذر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير من أن الحزبين اليمينيين المتطرفين في الائتلاف سينسحبان إذا تم تقديم أي تنازلات للفلسطينيين.
من المقرر أن يزور وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن إسرائيل والضفة الغربية والسعودية في غضون أسبوعين على أمل إحراز تقدم أكبر في القضية، لكن المسؤولين الأمريكيين أكدوا مجددا أن الاتفاق لا يزال بعيدا عن التوقيع.
وقال مسؤولون في الإدارة الأمريكية إنه تم تحديد إطار عام لما يجب على كل جانب تقديمه، لكن التفاصيل الدقيقة لا تزال بحاجة إلى صياغة.
ومن المتوقع أن تستمر المحادثات حتى ديسمبر، حيث يأمل البيت الأبيض في التوصل إلى اتفاق يكون جاهزا لتقديمه إلى الكونغرس بحلول يناير، وفقا لمسؤولين مطلعين على الأمر.
يوم الأربعاء، كتب 20 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين رسالة إلى بايدن أعربوا فيها عن دعمهم العام لجهود التطبيع لكنهم أكدوا قلقهم بشأن الأمن السعودي والمطالب النووية للمملكة بينما حثوا إدارة بايدن على استخدام الاتفاق للدفع بحل الدولتين.