إسرائيل في حالة حرب - اليوم 402

بحث

إسرائيل ترفض تقريرا تدعمه الأمم المتحدة يشير إلى وجود مجاعة وشيكة في غزة

وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق تقول إن التقرير يعتمد على معلومات من حماس، ويقلل بشكل صارخ من كميات المياه المتاحة؛ مسؤول أمريكي يقول إن المجاعة "محتملة للغاية" في بعض المناطق في شمال القطاع

أطفال فلسطينيون نازحون يتجمعون للحصول على الطعام في مدرسة حكومية في رفح بجنوب قطاع غزة، 19 فبراير، 2024 (MOHAMMED ABED / AFP)
أطفال فلسطينيون نازحون يتجمعون للحصول على الطعام في مدرسة حكومية في رفح بجنوب قطاع غزة، 19 فبراير، 2024 (MOHAMMED ABED / AFP)

اعترضت إسرائيل يوم الجمعة على تقرير صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في غزة، ذكر أن المجاعة وشيكة ومن المرجح أن تحدث بحلول شهر مايو في شمال غزة، وبحلول يوليو في أجزاء أخرى من القطاع.

التقرير الصادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أدى إلى زيادة المخاوف الدولية بشأن الوضع الانساني في القطاع الذي مزقته الحرب.

تستخدم IPC مجموعة معقدة من المعايير التقنية. التحذير الأكثر تطرفا هو المرحلة الخامسة، والتي تتكون من مستويين، الكارثة والمجاعة. وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 20٪ من السكان يعانون من نقص حاد في الغذاء، حيث يعاني طفل من كل ثلاثة أطفال من سوء التغذية الحاد ويموت شخصان من كل 10 آلاف شخص يوميا بسبب الجوع أو سوء التغذية والمرض.

في شمال غزة، “من المتوقع أيضا أن يتسارع الاتجاه التصاعدي في الوفيات غير الناجمة عن الصدمات، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى تجاوز جميع عتبات المجاعة  قريبا”، حسبما جاء في تقرير IPC.

وقالت الدراسة إن عدد الأشخاص الذين من المتوقع أن يواجهوا “جوعا كارثيا” في جميع أنحاء الجيب المحاصر من الآن وحتى منتصف يوليو تضاعف إلى 1.1 مليون، أو حوالي نصف السكان، منذ آخر تقرير صدر عن IPC، عندما كان هناك بالفعل جوع حطم أرقاما قياسية.

وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (كوغات) التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية، في رد يوم الجمعة، إن “التقرير يحتوي على عيوب في الحقائق وعيوب منهجية متعددة، بعضها خطير”.

شاحنات المساعدات الإنسانية تدخل قطاع غزة من إسرائيل عبر معبر كيرم شالوم في رفح، 14 يناير، 2024. (AP Photo/Hatem Ali)

وقالت كوغات إن التقرير قلل بشكل كبير من كمية المياه المتاحة للشخص الواحد يوميا (مدعية أن الكمية المتاحة تبلغ أكثر من 20 لترا مقابل تقييم التقرير بأقل من لتر واحد) بينما أشارت إلى أنه يفتقر إلى المعلومات الأساسية وسط فوضى الصراع – كما أقر بذلك تقرير التصنيف المرحلي المتكامل – واعتمد في وقت لاحق على بيانات غير كاملة، بما في ذلك من حماس.

كما قالت كوغات: “نظرا لصعوبة إجراء المسوحات وأخذ العينات، فإن المسوحات التي يتم إجراؤها عن بعد أو المسوحات التي تجريها أطراف ثالثة داخل قطاع غزة، تقلل من موثوقية البيانات”.

وأضافت أنها تتابع التقارير التي تنشرها وسائل الإعلام الفلسطينية “كل يوم” عن “امتلاء أسواق المواد الغذائية بجميع الأجناس والأنواع” في أجزاء مختلفة من غزة، بما في ذلك شمالها.

وقالت كوغات أيضا: “إننا نرفض بشكل قاطع أي مزاعم مفادها أن إسرائيل تقوم عمدا بتجويع السكان المدنيين في غزة”.

“حتى في ذروة الأعمال العدائية، وفي الحرب التي فُرضت عليها، لا تضع إسرائيل أي حدود على كمية المساعدات التي يمكن أن تدخل غزة، ولا تحد على الإطلاق من دخول المواد الغذائية. كما أنها تسهل دخول المنتجات التكميلية مثل غاز الطهي ووقود الديزل لتشغيل مراكز المساعدة والمخابز وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، توفر إسرائيل 14 مليون لتر من المياه”.

وأضافت “في الأشهر الأخيرة يتم دخول ما بين 150-200 شاحنة يوميا، معظمها شاحنات طعام. وهذا ارتفاع بنسبة 80٪ مقارنة بالمتوسط اليومي لشاحنات الغذاء التي دخلت غزة قبل 7 أكتوبر”.

ومرة أخرى، زعمت كوغات أن السبب الرئيسي لنقص الغذاء هو عدم قدرة الوكالات الدولية العاملة في غزة على توزيع السلع: “الحقيقة هي أنه في أي لحظة هناك مئات الشاحنات محتجزة على الجانب الغزاوي من معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) بعد أن تمت معالجتها بالكامل من قبل السلطات في إسرائيل، في انتظار الاستقبال والتوزيع من قبل وكالات الإغاثة”.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت كوغات إلى “تقارير وشهادات عن سرقة ونهب ومصادرة شاحنات المساعدات من قبل جهات مسلحة، بعضها على يد حماس، والبعض الآخر بتوجيه من حماس، والاستيلاء على المساعدات الإنسانية والاحتفاظ بها لمصالحها الخاصة، بطريقة تقلل من كميات المساعدات الإنسانية التي تصل إلى السكان المدنيين”.

وقالت أيضا “علاوة على ذلك، تستخدم حماس سيطرتها على المساعدات لتعزيز حكمها في قطاع غزة. هذه الظاهرة تعيق أيضا العمل المستمر لوكالات الإغاثة”.

تظهر هذه الصورة الملتقطة من الحدود الجنوبية لإسرائيل مع قطاع غزة طائرة عسكرية تقوم بإسقاط جوي لمساعدات إنسانية فوق الأراضي الفلسطينية في 27 مارس، 2024. (JACK GUEZ / AFP)

وأشارت كوغات إلى أنها تعمل أيضا على تسهيل دخول المساعدات إلى غزة عبر الجو والبحر. وتقول وكالات الإغاثة إن هذه الأساليب ليست بديلا عن جلب المساعدات عن طريق البر.

يوم الجمعة، قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية لوكالة “رويترز”  إن هناك حاليا ما معدله 250 شاحنة مساعدات تدخل غزة يوميا لكن هناك حاجة للمزيد. وقال المسؤول إن الولايات المتحدة تعمل على المساعدة في الحصول على المزيد من المساعدات بشكل منتظم عبر البوابة 96، وهي نقطة دخول جديدة للوصول إلى شمال غزة، مشيرا إلى عدم وجود سائقين خضعوا للتدقيق.

وقال إن إسرائيل قامت بشكل منفصل بتسهيل وصول ما بين 350 إلى 400 شاحنة من المساعدات الإنسانية المتعاقد عليها من قبل القطاع الخاص إلى شمال غزة خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الماضية.

أشخاص يتجمعون عند معبر نيتسانا الحدودي الإسرائيلي مع مصر في 5 مارس، 2024، مطالبين بوقف تسليم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن الذين يحتجزهم مسلحو حماس. (AP Photo/Leo Correa)

وقد أبلغت السلطات الصحية في غزة عن وفاة أطفال بسبب سوء التغذية أو الجفاف، ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن النظام الصحي انهار بشكل أساسي، مما يجعل من الصعب مراقبة الوضع.

وقال أحد عمال الإغاثة الذي طلب عدم ذكر اسمه: “من المستحيل العثور على بيانات تفي بمعاييرهم في شمال غزة لأن الناس لا يموتون في المستشفيات، لذا فالوفيات غير مسجلة”.

وقالت IPC إنه بسبب نقص المساعدات، فإن جميع الأسر تقريبا تتخطى وجبات كل يوم، وإن البالغين يقللون من وجباتهم حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام.

وأضافت أنه في شمال غزة، لدى ما يقرب من ثلثي الأسر، قضى الناس أياما وليال كاملة دون تناول الطعام 10 مرات على الأقل خلال الثلاثين يوما الماضية. وفي المناطق الجنوبية، ينطبق ذلك على ثلث الأسر.

وقال تحليل IPC أنه لا يزال من الممكن تجنب المجاعة إذا أوقفت إسرائيل وحماس القتال وحصلت منظمات الإغاثة على إمكانية الوصول بشكل أكبر.

الولايات المتحدة: “من المحتمل جدا” أن تكون المجاعة موجودة في أجزاء من شمال غزة

قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية لوكالة “رويترز” يوم الجمعة إن الحرب المستمرة خلقت أيضا أزمة إنسانية في غزة لأن المجاعة تشكل خطرا و”من المحتمل جدا” أن تكون موجودة في بعض المناطق على الأقل في شمال غزة.

وأضاف أن ندرة الشاحنات تمثل عقبة أمام إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المكتظ بالسكان والذي تضرر بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.

رجل فلسطيني يقوم بإعداد أطباق الطعام قبل وجبة الإفطار، في اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك، في مخيم للنازحين في رفح بجنوب قطاع غزة، 12 مارس، 2024. (Mohammed Abed/AFP)

وقال المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية، متحدثا لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويته: “يمكننا القول بثقة إن المجاعة تشكل خطرا كبيرا في الجنوب والوسط لكنها غير موجودة، غير أنها في الشمال تشكل خطرا ومن المحتمل تماما أن تكون موجودة في بعض المناطق على الأقل”.

في ما يبدو أنه تسريب منسق، ذكرت وسائل إعلام عبرية عدة مساء الجمعة أن إسرائيل تضغط من أجل إنشاء قوة حفظ سلام دولية لتأمين قطاع غزة وتسهيل ايصال المساعدات الإنسانية.

وذكرت التقارير أن وزير الدفاع يوآف غالانت أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه أحرز تقدما في هذا الشأن خلال زيارته لواشنطن هذا الأسبوع.

في وقت سابق من هذا الشهر، قال متحدث بإسم كوغات لتايمز أوف إسرائيل: “لا نعتقد أن هناك مجاعة في قطاع غزة”.

وقال المتحدث: “هذا لا يعني أنه لا توجد صعوبات في بعض المناطق، ولكننا نبذل كل ما في وسعنا لتسهيل تقديم كميات كبيرة من المساعدات”.

وتقوم إسرائيل بتفتيش جميع الشحنات المتجهة إلى القطاع لضمان عدم تهريب المواد إلى حماس، مما يؤدي إلى إبطاء العملية.

وقال المتحدث باسم كوغات إن إسرائيل قادرة على تفتيش 44 شاحنة في الساعة في كيرم شالوم ونيتسانا، مضيفا “هذا أكثر بكثير مما يمكن استلامه على الجانب الآخر”.

“يمكننا التفتيش في أسرع وقت ممكن، مضيفا أنه عند الضرورة “نحن على أتم استعداد لإجراء تحسينات”.

وأضاف أن هناك فريقا من الجيش الإسرائيلي يجتمع يوميا مع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى لفهم ما هو مطلوب على الأرض في غزة.

سفينة Open Arms (وسط الصورة)، التي تحمل مئتي طن من المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة، في ميناء لارنكا القبرصي، 11 مارس، 2024. (Iakovos Hatzistavrou / AFP)

أنباء عن إطلاق نار وتدافع بينما يحاول سكان غزة اليائسون الحصول على الطعام

في غضون ذلك، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن خمسة أشخاص قُتلوا وأصيب العشرات في إطلاق نار وتدافع خلال تسليم مساعدات يوم السبت في شمال غزة.

وقال الهلال الأحمر إن ذلك حدث بعد أن تجمع آلاف الأشخاص في انتظار وصول حوالي 15 شاحنة من الدقيق والمواد الغذائية الأخرى، والتي كان من المفترض أن يتم تسليمها في دوار الكويت بمدينة غزة، شمال القطاع.

وقال الهلال الأحمر إن ثلاثة من الخمسة الذين قُتلوا في وقت مبكر من يوم السبت أصيبوا بالرصاص.

وأفاد شهود عيان وكالة فرانس برس بأن أهالي غزة الذين كانوا يشرفون على توزيع المساعدات أطلقوا النار في الهواء، لكن القوات الإسرائيلية في المنطقة أطلقت النار أيضا فيما صدمت بعض الشاحنات أفرادا كانوا يحاولون الحصول على مواد غذائية.

وأفاد الجيش الإسرائيلي وكالة فرانس برس بأن “ليس لديه بلاغ عن الحادثة المذكورة”.

اندلعت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر. وقتلت حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واختطفت 253 آخرين واحتجزتهم كرهائن في غزة عندما اجتاح آلاف المسلحين جنوب إسرائيل، وارتكبوا فظائع مثل عمليات اغتصاب وتعذيب.

وردت إسرائيل بحملة قصف متواصلة وهجوم بري في الأراضي الفلسطينية التي تديرها حماس، وتعهدت بالقضاء على الحركة وإطلاق سراح الرهائن.

اقرأ المزيد عن