إسرائيل تحذر لبنان من ضرورة التزام حزب الله بالهدنة وإلا ستكون الدولة هدفا للهجمات
وزير الدفاع يحض اللبنانيين على ضمان التزام الجماعة بشروط وقف إطلاق النار؛ مقتل منسق حزب الله مع الجيش السوري في غارة؛ الولايات المتحدة تقول إنها تضغط بحسب تقرير على القدس وبيروت للالتزام بالاتفاق
حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يوم الثلاثاء من أنه إذا انهار وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه مؤخرا مع حزب الله، فلن تكون دولة لبنان معفاة من اللوم على الهجمات، ولن تميز ردود الفعل العسكرية الإسرائيلية بين الجماعة والبلد الذي تتخذه مقرا لها.
جاءت تصريحات كاتس بعد يوم من تزعزع وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي بعد 14 شهرا من الصراع الذي بدأه حزب الله، بهجوم بقذيفتي هاون من حزب الله على الأراضي الإسرائيلية وضربات مضادة إسرائيلية على جنوب لبنان.
بينما أفادت تقارير أن وسيطي وقف إطلاق النار فرنسا والولايات المتحدة يضغطان على كل من القدس وبيروت لكبح جماح القتال ومنع انهيار الاتفاق، أدت غارة جوية إسرائيلية بالقرب من مطار دمشق الدولي في سوريا إلى مقتل ضابط كبير في حزب الله.
وقال كاتس خلال زيارة إلى المناطق الحدودية الشمالية التي تم إجلاء 60 ألفا من سكانها في أكتوبر الماضي عندما بدأ حزب الله إطلاق النار عبر الحدود اسنادا لحماس وسط حرب الجماعة الفلسطينية مع إسرائيل: “سنعمل بكل قوتنا لتطبيق جميع تفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار، ونظهر أقصى درجات الاستجابة وعدم التسامح”.
وأضاف “كان أمس الاختبار الأول، [حزب الله] يطلق النار على جبل دوف. لقد رددنا بقوة وهذا بالضبط ما سنفعله، ولن نسمح لحزب الله بالعودة إلى الأساليب القديمة التي كان يتبعها، مثل الخيمة التي أقيمت ولم يتم مهاجمتها”، في إشارة إلى مبنى وضعه حزب الله على ما يسمى بالخط الأزرق الذي يفصل بين إسرائيل ولبنان.
وقال كاتس إن لبنان يجب أن “يسمح للجيش اللبناني بتنفيذ دوره، وإبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني وتفكيك البنية التحتية بالكامل”.
وأضاف “إذا لم يفعلوا ذلك وانهار هذا الاتفاق بالكامل، فإن الواقع سيكون واضحا للغاية. أولا وقبل كل شيء، إذا عدنا إلى الحرب، فسنعمل بقوة، وسنذهب إلى عمق أكبر، والأمر الأكثر أهمية الذي يحتاجون إلى معرفته هو أنه لن تكون هناك حصانة لدولة لبنان”.
وحذر كاتس “إذا كنا حتى الآن نميز بين دولة لبنان وحزب الله، وبين بيروت ككل والضاحية الجنوبية معقل حزب الله، والتي ضربناها بقوة، فإن هذا لن يكون الحال بعد الآن”.
وأفادت قناة “المنار” التابعة لحزب الله بشن غارات إسرائيلية بمسيّرات على بلدة بيت ليف ثم في دير سريان.
وفي الوقت نفسه، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن غارة إسرائيلية أصابت سيارة على طريق يؤدي إلى مطار دمشق الدولي.
وفي وقت لاحق، أعلن الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن الغارة الجوية، قائلا إنها قتلت ضابط الارتباط بين حزب الله والجيش السوري، سلمان جمعة. كما ذكرت وكالة “رويترز” للأنباء، نقلا عن مصدر أمني محلي، أن الضربة قتلت ضابط الارتباط بين حزب الله والجيش السوري.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، كان جمعة شخصية “رئيسية” في العلاقة بين الجيش السوري وحزب الله، حيث سمح بنقل الأسلحة إلى الجماعة في لبنان عبر سوريا.
وقال الجيش الإسرائيلي “إن النظام السوري يدعم حزب الله ويسمح للمنظمة باستغلاله لنقل الأسلحة إلى لبنان”.
وأضاف الجيش أن جمعة، كجزء من دوره كحلقة وصل بين حزب الله والجيش السوري، “ساعد في نقل الأسلحة من السوريين إلى حزب الله”، بما في ذلك أثناء الصراع الأخير.
جمعة كان على “اتصال وثيق” مع كبار المسؤولين الحكوميين السوريين، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وقال الجيش إن جمعة، وهو من قدامى عناصر حزب الله، شغل مناصب مختلفة في الجماعة بما في ذلك في سوريا.
وكان في السابق رئيس استخبارات حزب الله في منطقة الخيام في جنوب لبنان، ثم رئيس العمليات في دمشق. وفي السنوات الأخيرة تم تعيينه كضابط اتصال مع الجيش السوري.
وأضاف الجيش الإسرائيلي إن “القضاء عليه يشكل ضربة” لترسيخ حزب الله في سوريا وقدرته على إعادة تسليح نفسه.
وجاء هذا التطور بعد يوم من تقرير لإذاعة “شام FM” السورية أفاد بأن سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت معابر حدودية بين لبنان وسوريا في منطقة القصير، وهو موقع سبق أن ضربته إسرائيل بدعوى إن حزب الله يستخدم هذه المعابر لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى لبنان.
وينص وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء الماضي على أن الجيش الإسرائيلي لديه 60 يوما للانسحاب من جنوب لبنان، حيث أطلق عملية في أكتوبر لإبعاد حزب الله من منطقة الحدود، والتنازل عن المسؤولية عن المنطقة للجيش اللبناني. وسيتم إنشاء لجنة بقيادة أميركية للبت في الشكاوى المتعلقة بانتهاكات وقف إطلاق النار المحتملة.
وبحسب الاتفاق، ستنسحب قوات حزب الله من جنوب لبنان، وسيتم تفكيك البنية التحتية العسكرية للجماعة. كما ورد أن الولايات المتحدة قدمت أيضا خطابا جانبيا يحدد حقوق إسرائيل في الرد على أي انتهاكات للاتفاق. وأفادت تقارير أن الرسالة تتضمن ضمانات من واشنطن تسمح لإسرائيل بطلعات جوية استطلاعية فوق لبنان طالما أنها لا تخرق جدار الصوت.
وكان الجيش اللبناني، الذي ظل على الهامش خلال القتال بين إسرائيل وحزب الله، يبحث عن المزيد من المجندين مع تعزيز وجوده في جنوب لبنان.
وقال الجيش إن الراغبين في الانضمام لديهم مهلة شهر واحد لتقديم طلباتهم، اعتبارا من يوم الثلاثاء.
ويبلغ تعداد الجيش اللبناني نحو 80 ألف جندي، منهم نحو 5 آلاف ينتشرون في الجنوب. ولكن قبل بدء الحرب لم تكن قواته ندا لحزب الله المدعوم من إيران.
واشنطن وباريس تعملان على منع انهيار وقف إطلاق النار
قال مصدران سياسيان لبنانيان كبيران لوكالة “رويترز” إن كبار المسؤولين اللبنانيين حثوا واشنطن وباريس على الضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار وسط تجدد تبادل إطلاق النار.
وقالت المصادر إن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف الوثيق لحزب الله والذي تفاوض على الاتفاق نيابة عن لبنان، تحدثا إلى مسؤولين في البيت الأبيض والرئاسة الفرنسية في وقت متأخر من يوم الاثنين وأعربا عن قلقهما بشأن حالة وقف إطلاق النار.
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الرئاسة الفرنسية أو وزارة الخارجية. وتحدث وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى نظيره الإسرائيلي غدعون ساعر يوم الاثنين، قائلا إن الجانبين يجب أن يلتزما بوقف إطلاق النار.
ولم تبدأ الآلية التي ترأسها الولايات المتحدة، والتي ستتولى مهمة مراقبة الهدنة والتحقق منها والمساعدة في تطبيقها، عملها بعد.
وقال مصدران مطلعان على الأمر لرويترز إن ممثل فرنسا في اللجنة الجنرال جيوم بونشين سيصل إلى بيروت يوم الأربعاء وإن اللجنة ستعقد اجتماعها الأول يوم الخميس.
وقال المصدر “هناك ضرورة ملحة لاستكمال الآلية وإلا فسيكون الأوان قد فات”، في إشارة إلى تكثيف إسرائيل للضربات ردا على عدم التزام حزب الله بنصيبه من الصفقة وعدم اتخاذ السلطات اللبنانية إجراءات كافية لضمان ذلك.
وذكرت وسائل إعلام عبرية نقلا عن مصادر إسرائيلية أن الولايات المتحدة ضغطت على إسرائيل للحد من ردها على هجوم حزب الله بقذائف الهاون يوم الاثنين والامتناع عن ضرب بيروت.
وذكر موقع “واينت” الإخباري أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل الامتناع عن “ردود غير متناسبة”.
كما ضغطت واشنطن على لبنان لضمان عدم قيام حزب الله بتصعيد الهجمات وتعريض وقف إطلاق النار للخطر، حسبما أفادت تقارير.
وزعم حزب الله أنه أطلق قذيفتي الهاون ردا على “الانتهاكات المتكررة” من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، وقال إن الهجوم كان بمثابة “تحذير أولي” بشأن ضربات الجيش الإسرائيلي على لبنان أثناء الهدنة و”الانتهاك المستمر للمجال الجوي اللبناني من قبل الطائرات الإسرائيلية المعادية”.
وبينما أصرت إسرائيل على أن ضرباتها مشروعة، لأنها تستهدف عناصر حزب الله وبنيته التحتية، أفادت تقارير أن الولايات المتحدة حذرت يوم الاثنين من أن أفعالها تنتهك شروط اتفاق وقف إطلاق النار.
وفقا لتقارير إعلامية عبرية، أرسل المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكستين رسالة حث فيها إسرائيل على الالتزام بالاتفاق، وأشار على وجه الخصوص إلى تحليق المسيّرات الإسرائيلية فوق بيروت.
بدأ حزب الله في إطلاق النار على إسرائيل بعد يوم واحد من هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 في جنوب إسرائيل، دعما للحركة الفلسطينية، مما أدى إلى ضربات مضادة إسرائيلية ونزوح حوالي 60 ألف من سكان شمال إسرائيل.
اشتد القتال في أواخر سبتمبر، حيث قتلت إسرائيل معظم قادة حزب الله وبدأت توغلا بريا محدودا في الأول من أكتوبر شهد قيام الجنود بتفتيش القرى بحثا عن الصواريخ والأسلحة الأخرى التي تحتفظ بها الجماعة، والتعامل مع أنفاقها والبنية التحتية الأخرى.