القوات الإسرائيلية تحتجز ناشطين متجهين إلى غزة وتسحب سفينتهم إلى أشدود بعد محاولة لكسر الحصار
سيتم إعادة الركاب، بمن فيهم غريتا ثونبرغ، إلى ديارهم؛ لم يبلغ عن وقوع إصابات؛ إسرائيل تصف ”يخت السيلفي“ بأنه عمل استفزازي، وتقول إن المساعدات الموجودة على متنه سترسل إلى قطاع غزة عبر ”قنوات إنسانية حقيقية“
سيطرت القوات الإسرائيلية على السفينة ”مادلين“ المتجهة إلى غزة في وقت مبكر من يوم الاثنين واعتقلت مجموعة من 12 ناشطا كانوا على متنها، بعد تحذيرات متكررة للناشطين من محاولة الوصول إلى سواحل غزة، التي تخضع لحصار بحري مشدد.
وكانت بعثة الناشطين التي نظمها ”ائتلاف أسطول الحرية“ المؤيد للفلسطينيين والمناهض لإسرائيل تهدف إلى تحدي الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وزيادة الوعي بالأزمة الإنسانية التي خلقتها الحرب المستمرة منذ 20 شهرا بين إسرائيل وحركة حماس، وكانت البعثة تخطط لتسليم كمية رمزية من المساعدات إلى القطاع الذي مزقته الحرب.
وسيتم تسليم مجموعة الناشطين – ومن بينهم الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا ثونبرغ، والناشط البرازيلي تياغو أفيلا، والعضو الفرنسية من أصول فلسطينية في البرلمان الأوروبي ريما حسن – إلى الشرطة لترحيلهم فور وصولهم إلى ميناء أشدود.
تجاهلت السفينة التحذيرات المتكررة التي أصدرتها إسرائيل لها بالعودة إلى الوراء منذ مغادرتها صقلية يوم الأحد الماضي. وفي حوالي الساعة 3 فجرا، اعترضتها وحدة الكوماندوز البحرية ”شايطيت 13“ ووحدة أمن الموانئ “سنابير”، وفقا لما صرح به مسؤول عسكري لـ”تايمز أوف إسرائيل“.
وأعطيت السفينة فرصة أخيرة من قبل وزارة الخارجية وسلاح البحرية الإسرائيلي لتغيير مسارها قبل أن يتم اقتحامها، لكنها رفضت مرة أخرى.
وحذرت وزارة الخارجية، التي قدمت تحديثات دورية باللغة الإنجليزية طوال ليلة الأحد وصباح الاثنين، من أن “المنطقة البحرية لغزة لا تزال منطقة نزاع نشط، وقد استغلت حماس في السابق الطرق البحرية لشن هجمات إرهابية، بما في ذلك مذبحة 7 أكتوبر“.

وقالت الوزارة إن ”المحاولات غير المصرح بها لخرق الحصار خطيرة وغير قانونية وتقوض الجهود الإنسانية الجارية“ ودعت ”جميع الأطراف الفاعلة إلى التصرف بمسؤولية وتوجيه المساعدات الإنسانية من خلال آليات شرعية ومنسقة، وليس من خلال أعمال استفزازية“.
ثم نشرت مقطع فيديو يظهر مجندة في سلاح البحرية الإسرائيلي تتحدث عبر مكبر الصوت إلى السفينة، وتبلغ الناشطين أن المنطقة البحرية المحيطة بغزة مغلقة، لكن يمكن تسليم المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر ميناء أشدود.
The Israeli Navy is currently communicating with the “selfie yacht”. Using an international civilian communication system, the Israeli Navy has instructed the “selfie yacht” to change its course due to its approach toward a restricted area. pic.twitter.com/KnSqWrsXU2
— Israel Foreign Ministry (@IsraelMFA) June 8, 2025
ونشر ناشطون على متن السفينة مقطع فيديو يظهرهم وهم يختبئون بينما تحوم طائرة مسيرة فوقهم.
ويقول أحد الناشطين: ”نحن هنا محاطون بطائرات مسيرة إسرائيلية. أرجوكم أخبروا الجميع. أرجوكم احتموا جميعا. اتخذوا مواقعكم“.
Je suis journaliste et après avoir couvert pendant une semaine le convoi de la Feeedom Flotilla mon arrestation par l'armée israélienne est imminente. Des humanitaires et des journalistes n'ont pas être arrêté J'appelle tous mes confrères à se mobiliser. @blast_france pic.twitter.com/T1hiNZXLQf
— Yanis Mhamdi (@yanmdi) June 8, 2025
“انتهى العرض”
ثم قال “تحالف أسطول الحرية” على تلغرام إن جنودا صعدوا على متن السفينة وأن الاتصال بها انقطع.
وبدأ في نشر سلسلة من مقاطع الفيديو المسجلة مسبقا لأولئك الذين كانوا على متن اليخت يطلبون المساعدة من بلدانهم.
وقال إن طاقم الناشطين ”اختُطف من قبل القوات الإسرائيلية“.
”تم اقتحام السفينة بشكل غير قانوني، واختطاف طاقمها المدني الأعزل، ومصادرة حمولتها المنقذة للحياة، بما في ذلك حليب الأطفال والغذاء والمستلزمات الطبية“.
Je suis journaliste et après avoir couvert pendant une semaine le convoi de la Feeedom Flotilla mon arrestation par l'armée israélienne est imminente. Des humanitaires et des journalistes n'ont pas être arrêté J'appelle tous mes confrères à se mobiliser. @blast_france pic.twitter.com/T1hiNZXLQf
— Yanis Mhamdi (@yanmdi) June 8, 2025
وأكدت إسرائيل أنها سيطرت على القارب وأنها تقوم بسحبه نحو ميناء أشدود في بيان صدر عن وزارة الخارجية، والذي قال إن ”يخت السيلفي… يشق طريقه بأمان نحو شواطئ إسرائيل“.
وأضاف البيان أن ”من المتوقع أن يعود الركاب إلى بلدانهم“.
وقالت وزارة الخارجية إن القارب كان يحمل ”أقل من حمولة شاحنة واحدة من المساعدات“. وفي المقابل، قالت إن ”أكثر من 1200 شاحنة مساعدات دخلت غزة من إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة إلى أن مؤسسة غزة الإنسانية وزعت ما يقرب من 11 مليون وجبة طعام مباشرة على المدنيين في غزة“.
استأنفت إسرائيل جزئيا عمليات الإغاثة في قطاع غزة الشهر الماضي، وسمحت بدخول بعض الإمدادات الأساسية مرة أخرى، بعد حصار كامل دام شهرين ونصف. وحذر عمال الإغاثة من حدوث مجاعة ما لم يتم رفع الحصار تماما وإنهاء الهجوم العسكري الإسرائيلي.
وأضافت الوزارة ”هناك طرق لتقديم المساعدات إلى قطاع غزة، وهي لا تتضمن التقاط صور سيلفي على إنستغرام. سيتم نقل الكمية الضئيلة من المساعدات التي كانت على متن اليخت ولم يستهلكها ’المشاهير‘ إلى غزة عبر قنوات إنسانية حقيقية“.
ونشرت بعد ذلك بوقت قصير مقطع فيديو يظهر الناشطين المحتجزين وهم يُقتادون إلى ميناء أشدود، مؤكدة أن الركاب ”بخير ولم يصابوا بأذى“ وأنهم حصلوا على شطائر ومياه.
وقالت “انتهى العرض”.
وفي محاولة كما يبدو لتهدئة المخاوف بشأن سلامة طاقم السفينة “مادلين”، قالت الوزارة على منصة X إن ثونبرغ ”في حالة معنوية جيدة“، ونشرت صورة للناشطة المناخية وهي تبتسم بخجل بينما تقدم لها جندية شطيرة مغلفة بكيس بلاستيكي.
Greta Thunberg is currently on her way to Israel, safe and in good spirits. pic.twitter.com/pjWSr0lOsE
— Israel Foreign Ministry (@IsraelMFA) June 9, 2025
لكن في وقت لاحق من يوم الاثنين، قال مركز ”عدالة- المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل” إنه بعث برسالة إلى السلطات الإسرائيلية يطالبها بمعلومات عن مكان وجود الناشطين ويؤكد على حقهم في الحصول على استشارة وتمثيل قانونيين.
وأشار المركز الحقوقي إلى أن القوات الإسرائيلية احتجزت السفينة في المياه الدولية ”حيث لا تتمتع إسرائيل بأي ولاية قضائية أو سلطة قانونية“، مما يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.
وأضاف ”سيتخذ مركز عدالة الإجراءات القانونية اللازمة لضمان سلامة الناشطين وإطلاق سراحهم“.
من جانبه، أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بسلاح البحرية الإسرائيلي لسرعة استيلائه على السفينة. وأظهرت لقطات قبل صعود الجنود أن الناشطين كانوا يخططون للتظاهر بعدم المقاومة.
ثم أعلن كاتس أنه أمر الجيش بعرض فيديو يظهر الفظائع التي ارتكبت في 7 أكتوبر 2023 على الناشطين المحتجزين فور وصولهم بسلام إلى الميناء.
يُظهر الفيديو المروع الذي مدته 43 دقيقة، والذي أنتجه مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، لقطات غير خاضعة للرقابة وصادمة لأشخاص يُذبحون وجثثهم تُشوه خلال الهجوم، وقد تم التقاط معظمها من كاميرات مثبتة على أجسام المسلحين.
وقال وزير الدفاع: ”من المناسب أن ترى غريتا المعادية للسامية وأصدقاؤها المؤيدون لحماس بالضبط من هي جماعة حماس الإرهابية التي يدعمونها ويعملون لصالحها، وما هي الأعمال الوحشية التي ارتكبتها ضد النساء والمسنين والأطفال، ومن تقاتل إسرائيل للدفاع عن نفسها“.
عرضت إسرائيل مقطع فيديو عن الفظائع بعنوان ”شهادة“ على الصحفيين والشخصيات العامة في عروض محدودة حول العالم كجزء من جهودها لحشد الدعم لحربها على حماس، إلا أن استخدامها للقطات أثار جدلا في بعض الأحيان.

على الرغم من اعتراضها في نهاية المطاف، إلا أن السفينة “مادلين” حظيت بمصير أفضل من سفينة أخرى أرسلها أسطول الحرية قبل شهر. فقد تعرضت السفينة، التي أفادت تقارير أنها تتبع لحركة حماس، لهجوم من طائرتين مسيرتين أثناء إبحارها في المياه الدولية قبالة مالطا. واتهمت المنظمة إسرائيل بالهجوم الذي ألحق أضرارا بالجزء الأمامي من السفينة. ولم تعلق إسرائيل على الحادث.
كما فشلت محاولات سابقة لكسر الحصار، وأبرزها حادثة “مافي مرمرة” في عام 2010، التي شهدت صعود قوات كوماندوز إسرائيلية على متن سفينة تركية كانت متجهة إلى غزة. وأسفرت أعمال العنف التي اندلعت بين ركاب السفينة والجنود عن مقتل 10 ناشطين وإصابة جندي بجروح خطيرة، مما أثار إدانة دولية وصدع دبلوماسي حاد بين إسرائيل وتركيا.

فرضت إسرائيل ومصر حصارا بدرجات متفاوتة على غزة منذ أن استولت حركة حماس على السلطة من قوات السلطة الفلسطينية في عام 2007 في انقلاب عنيف. وتقول إسرائيل إن الحصار ضروري لمنع حماس من تهريب الأسلحة التي قد تستخدمها لمهاجمة الدولة اليهودية. منتقدو الحصار يقولون إنه بمثابة عقاب جماعي لحوالي مليوني فلسطيني في غزة.
قتل مسلحون بقيادة حماس حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، في هجوم 7 أكتوبر واختطفوا 251 آخرين. ولا تزال حماس تحتجز 55 رهينة، يُعتقد أن 20 منهم أحياء.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 54 ألف فلسطيني في القطاع قُتلوافي القتال حتى الآن، إلا أنه لا يمكن التحقق من عدد القتلى وهو لا يميز بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 20 ألف مقاتل في القتال حتى يناير، و 1600 مسلح آخر داخل إسرائيل خلال الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر.
وتقول إسرائيل إنها تسعى إلى التقليل من عدد الضحايا في صفوف المدنيين وتشدد على أن حماس تستخدم المدنيين في غزة كدروع بشرية، وتقاتل من مناطق مدنية، بما في ذلك من المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد.