إدانات واسعة بعد انتشار مقطع فيديو ليهود حريديم يقومون بالبصق على مسيحيين في القدس
لا تعليق من الكنيسة أو الشرطة على حادثة المضايقة الأخيرة للحجاج غير اليهود في البلدة القديمة بالقدس؛ مساعد سابق لنائبة في الكنيست يزعم أن البصق هو "عادة يهودية قديمة"
تم تصوير يهود حريديم، من ضمنهم أطفال، يوم الاثنين وهم يبصقون تجاه مصلين مسيحيين في البلدة القديمة بالقدس، وسط تصاعد الحوادث التي تستهدف الكهنة والحجاج في المدينة.
وقد قوبل الإعتداء بإدانات واسعة من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين، بما في ذلك سياسيون من المجتمع الحريدي، الذين رفضوا فكرة أن البصق هو تقليد يهودي أو ضرورة دينية.
في مقطع فيديو نشره مراسل صحيفة “هآرتس” على الإنترنت، تظهر مجموعة من المسيحيين خلال خروجهم من كنيسة وهم يحملون صليبا خشبيا ويسيرون بجوار مجموعة من اليهود المتدينين الذين ساروا في الاتجاه الآخر. عندها قام عدد من اليهود بالبصق على الأرض في اتجاه المسيحيين أثناء مرورهم.
وبدا أن بعض الأشخاص في مقطع الفيديو هم قاصرون حريديم الذين بصقوا على المسيحيين بعد أن شاهدوا رجلا بالغا يقوم بذلك.
وراء مجموعة اليهود سار شرطي حرس حدود الذي لم يتخذ أي إجراء ردا على البصق. ولم يكن من الواضح ما إذا كان بإمكانه رؤية البصق من موقعه.
ولم تستجب البطريركية اللاتينية على طلبات للتعليق.
وتشهد البلدة القديمة في القدس ازدحاما بشكل خاص هذا الأسبوع خلال عيد العرش (السوكوت). حضر عشرات الآلاف من اليهود البركة الكهنوتية عند الحائط الغربي صباح الإثنين.
קבוצה של צליינים יוצאת עם הצלב לרחוב שער האריות ונתקלת בקבוצה של מתפללים יהודים עם 4 המינים ואז מתחילות היריקות. ספרתי לפחות 7 בכמה שניות. pic.twitter.com/YjqaknATLw
— نير حسون Nir Hasson ניר חסון (@nirhasson) October 2, 2023
وكتب نتنياهو في تغريدة إن “إسرائيل ملتزمة تماما بحماية الحق المقدس في العبادة والحج إلى الأماكن المقدسة لجميع الأديان. أدين بشدة أي محاولة لترهيب المصلين، وأنا ملتزم باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة ضدها”.
وأضاف إن “السلوك المهين تجاه المصلين هو تدنيس للمقدسات وهو ببساطة غير مقبول. لن يتم التسامح مع أي شكل من أشكال العداء تجاه أفراد مشاركين في الصلاة”.
وتحدث الحاخام الأشكنازي الأكبر دافيد لاو ضد الحادثة قائلا أن “مثل هذه الظواهر غير مبررة وبالتأكيد لا ينبغي أن تُنسب إلى الشريعة اليهودية”.
كما أدان وزير الخدمات الدينية ميخائيل مالكيئلي من حزب “شاس” الحريدي الحادثة، وقال: “هذا ليس طريق التوراة، ولا يوجد حاخام يدعم أو يعطي الشرعية لهذا السلوك المستهجن”.
وقال وزير الإسكان يتسحاق جولدكنوبف، رئيس حزب “يهدوت هتوراة” الحريدي الأشكنازي، إن “التوراة المقدسة لدينا تأمرنا بالتصرف باحترام تجاه كل شخص، بغض النظر عن معتقده أو دينه أو أصله”.
وأعرب العديد من المسؤولين عن مخاوفهم من أن تضر هجمات البصق بمكانة إسرائيل بين الحجاج، وهم مصدر رئيسي للسياحة الوافدة.
وقال وزير الخارجية إيلي كوهين إن البصق “لا يمثل القيم اليهودية”.
ووصف وزير السياحة حاييم كاتس فكرة أن يكون البصق على المسيحيين عادة يهودية بأنها “بائسة”.
وقال في بيان: “بدلا من أن نكون نورا للأمم، فإن تصرفات حفنة من المتطرفين تجلب الكراهية لليهودية وللشعب اليهودي، وتضر بصورة إسرائيل وسياحتها. ينبغي عدم التسامح إطلاقا تجاه المس بالرموز دينية أيا كانت”.
وأثار إليشاع ييريد، مستشار سابق لعضو الكنيست من حزب “عوتسما يهوديت” ليمور سون هار-ميلخ، ردود فعل غاضبة بعد أن بدا وكأنه يدعم المضايقات، مدعيا أن البصق على الكهنة أو الكنائس هو “عادة يهودية قديمة”.
وقالت نائبة رئيس بلدية القدس فلور حسن ناحوم، التي تقود الجهود في مجلس المدينة لمكافحة المضايقات ضد المسيحيين، إن الشرطة بدأت تأخذ هذه القضية على محمل الجد.
وقالت حسن ناحوم لـ”تايمز أوف إسرائيل”: “لا ينبغي أن نتسامح أبدا مع هؤلاء المشاغبين المدفوعين بسوء تربية وكراهية، ويهاجمون المصلين في أي مكان بالمدينة… بعد أشهر من الضغط، يسعدنا أن الشرطة تقوم باتخاذ إجراءات وتعتقل المسؤولين”.
وفقا للشرطة في أغسطس، تم فتح 16 تحقيقا هذا العام، وتم تنفيذ 21 عملية اعتقال واحتجاز فيما يتعلق بالهجمات على المسيحيين.
ولم يرد المتحدثون باسم شرطة القدس على طلب للحصول على تعليق يوم الثلاثاء.
وقال رجال دين كاثوليك لتايمز أوف إسرائيل في الشهر الماضي إن شرطيين يتنكرون بزي كهنة ورهبان في البلدة القديمة للقبض على الأشخاص الذين يعتدون على المسيحيين.
في أغسطس، قام رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ بزيارة ة دير مار الياس في حيفا برفقة المفوض العام للشرطة كوبي شبتاي للقاء الزعماء المسيحيين، كجزء من جهوده مؤخرا لرفع مستوى الوعي العام بمسألة سلامة المجتمع المسيحي في إسرائيل.
وقال مفوض الشرطة كوبي شبتاي، الذي جلس بجوار هرتسوغ في المناقشة التي جرت في الدير مع رؤساء الطوائف المسيحية في إسرائيل، إن الشرطة “تقوم بعمليات خلاقة للقضاء على كل هذه الظواهر الصغيرة، هذه الظواهر التي تؤثر على شعور الجميع. نحن هنا لنمنحكم الشعور بالأمان”.
وقال هرتسوغ متحدثا من أمام الدير الكرملي الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر: “في الأشهر الأخيرة نشهد ظاهرة خطيرة للغاية في معاملة أعضاء المجتمعات المسيحية في الأراضي المقدسة، إخوتنا وأخواتنا، المواطنين المسيحيين، الذين يشعرون بأنهم يتعرضون للاعتداء في أماكن عبادتهم ومقابرهم، وفي الشارع”.
يبذل المتحدثون الإسرائيليون الرسميون والحسابات الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي قصارى جهودهم للتأكيد على احترام إسرائيل لحرية العبادة وتصوير الدولة اليهودية على أنها الموطن الآمن الوحيد للمسيحيين في الشرق الأوسط.
إن صورة التعايش الآمن التي يرسمها عادة المسؤولون الإسرائيليون تتناقض بشكل صارخ مع التجارب التي يصفها الزعماء المسيحيون أنفسهم في القدس. وبينما يقرون دون تردد بعدم وجود أي جهد منظم أو حكومي ضدهم، يتحدث رجال الدين المسيحيون في البلدة القديمة عن مناخ من المضايقات آخذ بالتدهور، واللامبالاة من قبل السلطات، والخوف المتزايد من أن تتحول حوادث البصق والتخريب إلى أعمال عنف ضدهم.
في مقابلة أجرتها معه وكالة “أسوشيتد برس” في شهر أبريل، قال بييرباتيستا بيتسابالا، وهو أسقف إيطالي وبطريرك اللاتين في الأراضي المقدسة، إن المجتمع المسيحي الذي يعود تاريخه في المنطقة إلى نحو 2000 عام يتعرض لهجوم متزايد، حيث جعلت الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل المتطرفين، الذين يقومون بمضايقة رجال الدين والاعتداء على الممتلكات الدينية بوتيرة متسارعة، أكثر جرأة.
في نوفمبر 2022، اعتقلت الشرطة جنديين إسرائيليين من لواء “غفعاتي” بشبهة البصق على رئيس الأساقفة الأرمني وحجاج آخرين خلال موكب في البلدة القديمة. وفي أوائل يناير، ألقي القبض على مراهقيْن يهودييْن بتهمة تدنيس قبور في المقبرة البروتستانتية في جبل صهيون.
وفي الأسبوع التالي، تعرض مركز الطائفة المارونية في مدينة معالوت ترشيحا بشمال البلاد للتخريب من قبل مجهولين خلال عيد الميلاد.
كما تم استهداف مباني الجالية الأرمنية في القدس من قبل معتدين، حيث تم كتابة عبارات مسيئة على الجزء الخارجي للمباني في الحي الأرمني. في إحدى ليالي الخميس في أواخر يناير، قامت مجموعة من المراهقين اليهود المتدينين بإلقاء الكراسي على مطعم أرمني داخل الباب الجديد للمدينة. وفي الأسبوع التالي، تم الاعتداء على كنيسة الجلد.
وفي شهر مارس، اعتُقل رجل من سكان جنوب البلاد بعد أن هاجم كهنة بقضيب حديدي في كنيسة قبر السيدة العذراء في الجسمانية.