إدارة ترامب تفرض عقوبات على أربعة قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية بسبب القضايا ضد إسرائيل والولايات المتحدة
الإجراءات تستهدف قاضيين في الهيئة التي وافقت على إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت، وقاضيين آخرين وافقا على تحقيق في مزاعم ارتكاب القوات الأمريكية جرائم حرب في أفغانستان

فرضت إدارة ترامب يوم الخميس عقوبات على أربعة قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية شاركوا في إجراءات قانونية ضد إسرائيل والولايات المتحدة.
وسيُمنع القضاة الأربعة من دخول الولايات المتحدة، وستتم مصادرة أصولهم داخل البلاد، وهي إجراءات تُتخذ عادة ضد مسؤولين من دول تعتبر معادية لأمريكا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في بيان: “ستتخذ الولايات المتحدة أي إجراءات تراها ضرورية لحماية سيادتنا، وسيادة إسرائيل، وأي حليف آخر من أي إجراءات غير شرعية تتخذها المحكمة الجنائية الدولية”.
وأضاف روبيو: “أدعو الدول التي لا تزال تدعم المحكمة الجنائية الدولية، وكثير منها نال حريته بفضل تضحيات أمريكية عظيمة، إلى مواجهة هذا الهجوم المخزي على أمتنا وإسرائيل”.
وردت المحكمة سريعا في بيان جاء فيه، “هذه الإجراءات تمثل محاولة واضحة لتقويض استقلال مؤسسة قضائية دولية تعمل بتفويض من 125 دولة عضو من جميع أنحاء العالم”.
أما مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فرحب بالعقوبات، وقدم الشكر لإدارة ترامب على فرضها.
وجاء في بيان من مكتب رئيس الوزراء، “شكرا للرئيس ترامب ووزير الخارجية روبيو على فرض العقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية المسيسين. لقد وقفتم بإنصاف إلى جانب حق إسرائيل، والولايات المتحدة، وجميع الديمقراطيات في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب الوحشي”.
القاضيتان بيتي هوهلر من سلوفينيا ورين ألابيني-غانسو من بنين شاركتا في الإجراءات التي أدت إلى إصدار المدعي العام للمحكمة كريم خان في نوفمبر مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وزعم خان وجود “أسباب معقولة” لتحميل الاثنين مسؤولية جنائية عن أفعال تشمل جريمة استخدام التجويع كوسيلة حرب في الهجوم الإسرائيلي الواسع على غزة عقب هجوم حماس غير المسبوق في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر 251 رهينة. وقد رفضت إسرائيل التهم بشدة.
كما شاركت غانسو أيضا في الهيئة التي وافقت على التحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية في عام 2021.
وقبل انتخابها قاضية في المحكمة الجنائية الدولية عام 2023، عملت هوهلر في مكتب الادعاء بالمحكمة، ما دفع إسرائيل إلى الاعتراض على مشاركتها في الإجراءات المتعلقة بالمسؤولين الإسرائيليين. وقالت هوهلر في بيان العام الماضي إنها لم تعمل على التحقيق الذي بدأ في 2021 خلال سنواتها الثماني كمدعية.
أما القاضيتان الأخريتان اللتان فرضت الولايات المتحدة عليهما العقوبات، لوز ديل كارمن إيبانيز كارانزا من بيرو وسولومي بالونغي بوسا من أوغندا، فقد شاركتا في الإجراءات التي أدت إلى السماح بالتحقيق في مزاعم ارتكاب القوات الأمريكية جرائم حرب خلال الحرب في أفغانستان. كما عملتا في قضايا أخرى متعلقة بإسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية.
وفي شهر فبراير، أدرج خان على قائمة “الرعايا المعينين خصيصا والأشخاص المحظورين” التابعة لواشنطن، مما يمنعه من التعامل مع الأمريكيين ويفرض قيود على دخوله إلى الولايات المتحدة. وتنحى خان الشهر الماضي في انتظار تحقيق بشأن مزاعم بسوء السلوك الجنسي.
الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا طرفان في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، بينما وقعت السلطة الفلسطينية على النظام الأساسي، وهو ما اعتبرته المحكمة كافيا لسماع قضايا بشأن الجرائم المزعومة المرتكبة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.

علاوة على ذلك، فإن جميع حلفاء الولايات المتحدة الغربيين تقريبا، بالإضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية وغالبية أمريكا اللاتينية وجزء كبير من إفريقيا، أطراف في النظام الأساسي ويُطلب منهم نظريا اعتقال المشتبه بهم عند وصولهم إلى أراضيهم.
وكان ترامب في ولايته الأولى قد فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية آنذاك بسبب التحقيق في أفغانستان.
وبعد هزيمة ترامب في 2020، اتخذ الرئيس الأمريكي حينها جو بايدن نهجًا أكثر تصالحية مع المحكمة من خلال التعاون معها حسب كل قضية على حدة.
أما سلف روبيو، أنتوني بلينكن، فقد ألغى العقوبات، ورغم انتقاده لموقف المحكمة من إسرائيل، فقد عمل مع المحكمة في تحقيقها في غزو روسيا لأوكرانيا.
وكان قضاة المحكمة الجنائية الدولية قد أصدروا في 2023 مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزعم خطف جماعي لأطفال أوكرانيين خلال الحرب.
وقد أبدى كل من بوتين ونتنياهو تحديهما لضغوط المحكمة الجنائية الدولية، لكنهما سعيا في الوقت نفسه لتقليل وجودهما في الدول الأعضاء في المحكمة.

وقد كانت مسألة مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية حساسة بشكل خاص في بريطانيا، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، حيث إن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر هو محامٍ سابق في مجال حقوق الإنسان.
وقد قالت الحكومة البريطانية إنها ستفي بـ”التزاماتها القانونية” من دون أن توضح ما إذا كانت ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد.
أما المجر، بقيادة حليف ترامب فيكتور أوربان، فقد انفصلت عن بقية الاتحاد الأوروبي بتحركها نحو الانسحاب من المحكمة.
وقد تجاهل أوربان المحكمة عبر ترحيبه بنتنياهو في زيارة له في أبريل.
تأسست المحكمة الجنائية الدولية في 2002 بهدف مقاضاة الأفراد المسؤولين عن أفظع الجرائم في العالم عندما تعجز الدول أو ترفض محاكمتهم بنفسها.
وقد جادلت إسرائيل والولايات المتحدة بأن لديهما نظامين قضائيين مستقلين يلغي الحاجة لمحكمة دولية كملاذ أخير.
ساهمت وكالات في إعداد هذا التقرير