إبن حماس يعود الى تل أبيب
آفي يسسخاروف يلتقي مرة اخرى بمصعب حسن يوسف "الامير الاخضر" بعد ان كان اول من كشف عن هويته كعميل اسرائيلي
افي يسسخاروف، محلل شؤون الشرق الأوسطفي تايمز أوف إسرائيل ، كما وتستضيفه عدة برامج إذاعية وتلفزيونية كمعلق على شؤون الشرق الاوسط. حتى عام ٢٠١٢ شغل يساسخارف وظيفة مراسل الشؤون العربية في صحيفة هارتس بالاضافة الى كونه محاضر تاريخ فلسطيني معاصر في جامعة تل ابيب. تخرج بإمتياز من جامعة بن جوريون مع شهادة بكلوريوس في علوم الشرق الاوسط واستمر للحصول على ماجيستير امتياز من جامعة تل ابيب في هذا الموضوع. كما ويتكلم يساسخاروف العربية بطلاقة .
ألاحظه لبعض ثوان قبل أن يراني. انه يجلس على متكأً على بار مقهى الجيل الجديد في نافيه تسيديك، يشرب الشاي ويقرأ كتابا باللغة الإنجليزية. على وجهه نظرة محب مخضرم. من الصعب ألنصديق لكن هذا مصعب، الأمير الأخضر، ابن رئيس حماس في الضفة الغربية الشيخ حسن يوسف، نفس المصعب الذي قابلته للمرة الأولى منذ عشر سنوات عندما تم الإفراج عن والده من السجن. بدا مختلفا جدا وقتها. مع زيادة وزن، نظارات وسترة جلدية كراكب دراجة نارية . شيئا في منظره بدا وقتها غير متصل، بعيد عن الكيان الحماسي الذي ترعرع عليه. وتحديدا في تل أبيب، في مطعم القائمة النباتية،يبدو مندمج بالمشهد المحلي كما لو كانت دائماً هذا منزله. أنه يلتفت الي ويبتسم. ‘حبيبي’.
احد الدروس الأولى على كل رجل صحافة أن يتعلمه ويحفظه في بدايته، أنه المراسل وليس القصة. عليه ان يبقي دائماً خارج الصورة. والدرس الثاني هو أن تبقى بعيداً عن مصادره. عدم التعلق بهم، لالا يصبح صديقك. حتى الآن النظرية. لكن لهذه القواعد دائماً كان استثناءات وأعتقد أن أفضل مثال على ذلك هو مصعب. في حالته كنت انا جزءا من القصة. وأصبح المصدر صديقاً.
وهنا أجد نفسي اكتب قصة عن صديقي، مصعب، الذي وصل في زيارة لتل ابيب، بمناسبة العرض الأول للفيلم الوثائقي عن حياته، “الأمير الأخضر” (من إخراج نداف شيرمان). رغم أنني ألتقي بمصعب للمرة الألف في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من أنني أعرف قصته من قبل وعن قرب (كشفت قصته زمنها في صحيفة هارتس) أنه لا يكف عن دهشتي.
انظر اليه وأرى أن شيئا تغير. أنه ليس مجرد تخفيف الوزن الذي لاحظته منذ بضعة أيام في عرض السينماتك. لقد دعي هناك للمنصة ونزل الدرج بخطوات خفيفة، ولم يمكنني ألا ابتسم للمظهر التل أبيبي. انه امر آخر. النظرة المجنونه التي اتسم بها عندما كشفنا قصته، اختفى ومكان احتلت نظرة متواضعة وكامله اكثر. الرجل الذي سكن مصعب قام ضد الإسلام, بدا اكثر مسالماً ومركز على أشياء أخرى. ‘ لقد كنت بالجهاد ضد الجهاد”، قلت له. “ماذا حدث لاسترخيت؟. مصعب، ابن حماس، الذي كان وكيلاً للشاباك لمدة 10 سنوات، الذي أحبط هجمات لخلايا إرهابية وكشف عنها، روى كيف أصبح نباتيا يمارس اليوغا والتأمل يوميا. ويوضح “أنها غيرت حياتي”. وهكذا كرست بداية اللقاء لمناقشات بشأن الغذاء الصحي، واليوغا وغيره. قال أنه جوصل إلى نقطة حيث يشعر أنه بحاجة لتطهير جسمه من السموم المتواجدة به. ” لقد سبب لي الاستقرار وعززني. عقلياً وجسديا. تقاعدت من النشاط السياسي في العامين الماضيين. بسطت وصححت أسلوب حياتي. اني اقوم بطهي طعامي النباتي بنفسي، احياناً انام على السجاد في منازل اخرين، امارس بالتامل واليوغا يوميا خلال السنوات الثلاث الماضية. كنت بحاجة إلي ذلك للتعامل مع الصدمات النفسية من الماضي.
اانت اعزب؟ ام مرتبط؟ ”
“أنا اعزب. ولكن لا ابحث عن فتاة اسرائيلية. أنا لست مثلى الجنس ايضا ً إذا تسائل قراءك.
وماذا عن عائلتك؟ هل أنت على اتصال مع أمك وأباك؟
“منذ نشر كتابي (2010) لم اتحدث إليهم. لم احاول ولا اهتم بذلك. مصعب يعرف اني على اتصال بوالده، الشيخ. طلب مني أن أخبره إزاء لقائي الأخير مع حسن يوسف، منذ شهر في رام الله. ينبغي القول انني تعرفت على مصعب عن طريق الوالد. قلت له أنني فوجئت كثيرا لمدى اختلاف صورة الأب الحقيقية من بياناته والمسيرات.
خلال إقامته في تل أبيب, مستضاف في أحد الفنادق في المدينة ويلتقى يوميا تقريبا بجونين أو الكابتن لؤي، مشغله من ايام الشاباك. جونين انهى في الوقت خدمته بعد أن تم الكشف عن مخالفات مالية في عمله، المتعلقة بين الأمور الاخرى باستضافة مصعب في تل أبيب كمصدر. الاثنان, الذان أصبحا أصدقاء لكل شيء بعد مغادرة مصعب إلى كاليفورنيا وترك جونين الخدمة، ظهرا معا في العرض الأولى للفيلم. حتى على خشبة المسرح، أمام مئات المتفرجين المتحمسين، بثت لغة جسدهم شيء طبيعي ومريح كما لو كانوا أخوه، على الرغم من أنه ليس هناك اي تشابه بين الاثنين. الاول، ابن عميد في قوات الجيش الإسرائيلي، والثاني، ابن أحد قادة حماس في الضفة الغربية، اسمر وعابس. كان لمصعب مشغلين أخرين لم يكثر الحديث عنهم. “الكابتن زياد كان ذكي جداً”، يتحدث عن واحد منهم.”كان المشغل الاذكي الذي عملت تحته. كان اخرين ايضاً, مثل التامر الذي كان فشلاً كاملاً”.
لماذا تركت الخدمة؟ ”
“بسبب افتقارها إلى الثقة بي. خلال عشر سنوات تم إذﻻلي عدة مرات: وكلاء, حراس, جنود في نقاط التفتيش وضرب لإزالة الشكوك. ولكن الإهانة قرابة الرحيل كان الأكثر صعوبة. أنهم لم يثقوا بي. أردت فعلا أن استقيل لأنه كان هناك استرخاءا في العمليات التخريبية. في نهاية المطاف تعاونت معهم ﻹنقاذ الأرواح. ثم ضغطوا علي للبقاء ويوما واحداً قرروا انه علي المرور بفحص جهاز كشف الكذب. لم امر, حول السؤال ان كنت خططت لشن هجمات ضد إسرائيل. لعدة أيام أبقوني في ملجأ في القدس، وادعوا أنني كنت اخفي شيئا. وعندما اجروا اختبار جهاز كشف الكذب آخر، الذي اصفر انني لا اخفي شيئاً, اطلقوا سراحي. فكر بهذا, عشر سنوات وانا اعمل معهم. وهذا هدني. أؤكد لك أنه إذا كان جونين هناك وليس مشغل اخر، كنت لا ازال أعمل لصالح الخدمة.
والآن، اتدخل إسرائيل بسهولة؟
‘ ليس فعلاً. انا أحتاج الحصول الى تأشيرة من القنصلية والكثير من البيروقراطية. منتجي الفيلم ساعدوا الان وجرى الامر بسهولة أكثر. ولكن مجرد افكر، في كل مرة علي أن أقدم طلب للحصول على تأشيرة لدخول بلاد عملت لصالحها لمدة 10 سنوات. يجب أن أقول، عندما أكون هنا، أشعر بالانتماء، اشعر بأنه بيتي. لا أعرف كيف اشرح ذلك. الشعب, الشوارع، الجو، كله معروف ومحبوب. دائماً عندما كنت اتي إلى هنا عندما كنت وكيلاً، كان ذلك بتستر. اخفوا هويتي. دخلت من “النافذة”. هذه المرة دخلت من “الباب”. أنها تجربة مذهلة.
في الواقع، وغريب قليلاً ، هذا الرجل الذي تلقى العديد من الوعود أثناء عمله كوكيل، لم يحصل على مواطنة إسرائيلية حتى اليوم أو جواز سفر يسمح له بالعيش هنا بشكل دائم. مصعب لا يخفي غضبه لتجاه الدولة والشاباك، لا سيما فيما يتعلق بالاجراءات مقابل السلطات الأميركية حيث قال أن إسرائيل ضغطت على الاف بي اي لانفيه من هناك. “اكان من الضروري محاربتي هكذا؟ كافحت لمدة ثلاث سنوات من أجل السماح لي بالبقاء في أمريكا، جزئيا بسبب ضغط الشاباك لنفيي من هناك. أريد أن أقول لهؤلاء الناس المسؤولين عن هذا، من المستحيل القتال في الظلام إذا كنت جزءا منها. لا أحب التعرض للعدل ولا افهم كيف تقدر دولة، وحكومة، عدم القيام بأي شيء عندما يغرق أحد جنودها. إذا كانت هذه هي الطريقة التي تعامل بها جنودها، فكيف تعامل أعدائها”.
نتحدث عن الظلام. انك تروي في الفيلم لأول مرة عن اغتصابك في سن 5-6. لماذا الآن فقط؟
“يبدو أنني خجلت رغم انه لم يكن لدى ما يخجل. تم اغتصابي من قبل أحد أفراد الأسرة الموسعة، وجزء كبير من تغلبي على هذه المسألة كان أنني غفرت له. الصفح ساعدني على الشفاء. امكنني تاتنتقام منه. ملكت سلاحا عندما بلغت، كان لدي ناساً خاصة بي وأمكنني ذبحه ولكني غفرت. واتى هذا من مكان قوة وليس ضعف. جزء من نظرتي للعالم. واليوم أنه متزوج ولديه أطفال. لا شك انني شعرت بالخجل لفترة طويلة. وايضا عندما عملت لصالح إسرائيل اعتبر هذا عاراً. ولكني أقول لك، ليس هناك اي عيب في إنقاذ الأرواح، الإسرائيليين والفلسطينيين. في نهاية المطاف فعلت هذا حبا للجنس البشري، وما اقوم به اليوم. احب حياتي، وارغب في الاستمرار في نشر هذه الرسالة للمحبة”.
كيف تتعامل مع جميع الاتهامات ضدك من قبل الفلسطينيين؟ يدعونك بالخائن، جاسوس وغيرها.
” لا اخذ الامر فإنه بصعوبة جداً. لا أستطيع التحكم في أفكار الآخرين. حقيقتنا مشوهه لأن دماغنا ضيق من اي يستوعب امور غير مفهومة لنا. لا أرى نفسي بطلاً، ولا خائنا كذلك. أنا شخص الذي نشأ في ظروف صعبة، وأؤمن انني اتخذت القرارات الصائبة.
اني أنظر على حالتي وأرى ظلم. أرى عائلة ورابط دم قطع بسبب السياسة. أرى آب ضحى بابنه، وابن خان والده. وما يخطر بذهني هو أن الظروف الانسانية لا تميز بين فلسطيني وإسرائيلي. الظلم موجود في كل مكان. أنا لا اقاتل لنفسي فقط. أريد أن أصدق أن ما أقوم به الآن، ناشراً قصتي، امر يستحق القتال من اجله، والثمن الذي دفعته والضحية الكبيرة لم تكن عبثا.”
اننا سنفترق. ربما سوف نلتقي مرة أخرى خلال هذه الزيارة، وربما لا. ولكني واثق انه ايضاً في الاجتماع المقبل، سيفاجؤني من جديد. قصة اخرى لا أعرفها، مع بقعة مظلمة أو مشرقة اخرى في حياته لم أكن على علم بها.