إبرام عقد مع رجل إسرائيلي خاضع لعقوبات يعرّض بلدية مستوطنة لعقوبات أمريكية
وثائق تكشف أن مجلس هار حفرون الإقليمي وقع على اتفاق مع ينون ليفي لبناء بؤرة استيطانية غير قانونية تقول الولايات المتحدة إنه نفذ هجمات على الفلسطينيين انطلاقا منها
وقعت شركة مملوكة لبلدية مستوطنة عقدا مع أحد الإسرائيليين الخاضعين لعقوبات واشنطن، مما قد يعرض الهيئة الحكومية لخطر الانقطاع عن النظام المالي الأمريكي.
وتظهر الوثائق التي حصلت عليها “تايمز أوف إسرائيل” أن شركة البناء “هار حفرون”، التي يملك مجلس هار حفرون الإقليمي أغلبية الحصص فيها، وقعت عقدا ملزما قانونا مع ينون ليفي لإنشاء بؤرة استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية في عام 2021.
وتم بناء البؤرة الاستيطانية، التي تسمى مزرعة ميتريم، على أراضي الدولة تقع ضمن منطقة ميتريم الصناعية في جنوب الضفة الغربية. ولكن المنزل السكني والمباني الزراعية التي شيدها ليفي في الموقع – كما هو منصوص عليه في العقد – غير قانونية وفقا للمخطط الرئيسي لتقسيم الأرض.
وكان ليفي واحدا من أربعة إسرائيليين فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليهم في وقت سابق من هذا الشهر بسبب تورطه المزعوم في أعمال العنف في الضفة الغربية، وجاء في إعلان وزارة الخارجية أن الشاب البالغ من العمر 31 عاما “كان يقود بانتظام مجموعات من المستوطنين من بؤرة مزرعة ميتريم الاستيطانية الذين اعتدوا على المدنيين الفلسطينيين والبدو، وهددوهم بمزيد من العنف إذا لم يغادروا منازلهم، وأحرقوا حقولهم، ودمروا ممتلكاتهم”.
كما يذكر التماس قدم مؤخرا إلى محكمة العدل العليا ليفي باعتباره المحرض الرئيسي على مثل هذه الأعمال. ولكن لم يتم توجيه أي اتهامات إليه، وهو ينفي ارتكاب أعمال عنف، ويتهم نشطاء يساريين بشن حملة منسقة ضده.
وقالت منظمة “السلام الآن” إن العقد الذي وقعه ليفي مع مجلس هار حفرون الإقليمي يوضح مدى تواطؤ الوكالات الحكومية الرسمية في عنف المستوطنين وفي الجهود الرامية إلى إنشاء بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية، مما يعرضها للعقوبات الأمريكية تماما مثل الأفراد المسؤولين مباشرة عن القيام بهذه النشاطات المخالفة للقانون.
وفي حديثه مع التايمز أوف إسرائيل، أكد ليفي أنه وقع عقدا مع شركة البناء “هار حفرون” لإنشاء مزرعة ميتريم.
ويتقاسم المجلس الإقليمي ملكية شركة البناء وهو أكبر مساهم فيها.
وكثيرا ما تستخدم المجالس الإقليمية شركات البناء هذه، المنتشرة في أنحاء مستوطنات الضفة الغربية، للقيام بمهام بلدية مثل البناء والنقل، بتمويل البلدية.
والمجالس الإقليمية هي سلطات بلدية مرخصة وممولة من الدولة وتشمل بلدات متعددة في المناطق الإدارية في جميع أنحاء إسرائيل والضفة الغربية.
ويبدو أن جمعية “أمانا”، التي تضغط من أجل تطوير وبناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، هي شريكة في مبادرة مزرعة ميتريم وقد تم ذكرها عدة مرات في العقد الذي وقعه ليفي، ولكنها ليست من الموقعين على الاتفاقية.
وينص العقد على إنشاء مباني ومنشآت للمواشي على الأرض، رغم أن ذلك يخالف المخطط التنظيمي للأرض، الذي يمنع إنشاء مباني “للسكن والمرافق الزراعية والمواشي”.
وينص العقد أيضا على أن يستخدم ليفي “العمالة العبرية”، أي العمال اليهود حصريا، ويمنحه إعانة في تخطية تكاليف المياه والكهرباء في السنة الأولى من عمل المزرعة.
وفي أعقاب القرار الأمريكي بفرض عقوبات على أربعة إسرائيليين لارتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، سارعت البنوك الإسرائيلية إلى للامتثال لتلك العقوبات وتجميد الحسابات المصرفية لهؤلاء الأفراد.
لكن الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن والذي يفرض العقوبات نص على أنها لا تنطبق فقط على الأفراد العنيفين أنفسهم ولكن أيضًا على الكيانات التي لها تفاعلات مالية معهم.
وينص الأمر التنفيذي على أن المحظورات الواردة في العقوبات تشمل “تقديم أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من قبل أو لصالح أو لمصلحة” الأفراد الخاضعين للعقوبات.
ويبدو أن هذا يعرض مجلس هار حفرون الإقليمي وشركة البناء “هار حفرون” لعواقب قانونية نتيجة العقد مع ليفي.
وقال المدير الإداري لمركز “إس دانيال أبراهام” للسلام في الشرق الأوسط جويل براونولد: “يجب على أي شخص يتعامل مع فرد خاضع للعقوبات أن يتشاور بجدية مع فرقه القانونية لمعرفة ما إذا كان معرضًا للعقوبات من خلال إجراء تعاملات تجارية مستمرة مع الأفراد الخاضعين للعقوبات”.
وأشار براونولد إلى أنه نظرًا لأن البنوك الإسرائيلية الكبرى لديها فروع في الولايات المتحدة وترتبط بالنظام المصرفي الأمريكي بشكل عام، فإن المؤسسات والوكالات في إسرائيل التي تستخدم مثل هذه البنوك يمكن أن تتعرض للعقوبات الأمريكية إذا لم تمتثل لشروطها.
وردا على سؤال حول الادعاءات بأنه متورط في هجمات ضد قرية خربة زنوتة الفلسطينية في 12 و21 أكتوبر، وصف ليفي الاتهامات بأنها “ادعاءات كاذبة” وقال لتايمز أوف إسرائيل أنه بعد استدعائه إلى مركز الشرطة المحلي في مستوطنة كريات أربع لاستجوابه، أطلق سراحه دون تهمة.
وقال: “لقد أدركوا أن هذه الادعاءات كانت مجرد هراء. لقد صنعوها فوضويون يساريون ذهبوا إلى زنوتة لمحاولة إشعال المنطقة”.
لكن قد أشار سكان زنوتة وكذلك قرية سوسيا المجاورة وبلدات أخرى، بالإضافة إلى نشطاء إسرائيليين، إلى ليفي كمهاجم في العديد من حوادث العنف ضد الفلسطينيين والبنية التحتية الفلسطينية في المنطقة.
وجاء في بيان لمنظمة السلام الآن المناهضة لحركة الاستيطان أن “وراء كل مستوطن عنيف هناك نظام حكومي كامل يرسلهم ويمولهم”.
وأضاف أن “عنف المستوطنين ليس ظاهرة هامشية، بل هو جزء من أسلوب عمل منظم وممول من قبل السلطات يهدف إلى تجريد الفلسطينيين من أراضيهم في الأراضي المحتلة والإضرار بكل الأشكال بفرصة التوصل إلى حل سياسي. يوضح هذا العقد تورط السلطات الحكومية والوكالات التي تديرها في إنشاء بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية”.
وبعد الإعلان عن العقوبات ضد ليفي وتجميد حسابه من قبل بنك لئومي، تم إطلاق حملة تمويل جماعي من قبل صندوق هار حفرون، وهي مؤسسة خيرية، على موقع “جيفتشاك” لمساعدته ماليا.
وحتى يوم الاثنين، جمعت الحملة مبلغ 529,000 شيكل (143,000 دولار) لليفي وعائلته، ما قد يعرض صندوق هار حفرون لعواقب قانونية نتيجة للعقوبات الأمريكية.
وتمت إزالة صفحة الحملة في وقت لاحق.
وقال ليفي إنه يخطط لاستخدام الأموال التي تم جمعها لصالحه لمواصلة تطوير مزرعة ميتريم “والمناطق المحيطة بها”.
ورفض رئيس مجلس هار حفرون الإقليمي يوخاي دمري، ومدير شركة البناء هار حفرون أفنير شامير، والمتحدث باسم مجلس هار حفرون الإقليمي الرد على طلبات التعليق.