أول مقبرة يتم العثور عليها للفلستيين، توفر لمحة عن العدو التوراتي لبني إسرائيل
’الإكتشاف العظيم’ في مدينة أشكلون السياحية، مع قبور أكثر من 210 شخص يعود تاريخها إلى 3,000 عام، سيسلط الضوء على موت وحياة العدو القديم
موت جالوت موصوف بتفاصيل مروعة في التوراة، ولكن كيفية دفن البطل الفلستي شكلت لغزا. العلماء الآن يقولون بأن إكتشافا إستثنائيا قد يسلط الضوء على اللغز هذا الكبير.
يوم الأحد أعلن علماء آثار يقومون بأعمال حفر أثرية في مدينة أشكلون الساحلية الجنوبية عن إكتشاف أول مقبرة لأعداء شعب بني إسرائيل القدماء والغامضين، الفلستيون.
متحدثا أمام الصحافيين في متحف “روكفلر” في القدس، قال دانييل ماستر، أحد رؤساء بعثة الإستكشاف “ليون ليفي”، إن المقبرة، وهي “الإكتشاف النهائي الأخير” بعد 30 عاما من أعمال الحفر في أشكلون، بإمكانها أن تسلط الضوء على أصول وعادات الفلستيين.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
إكتشاف المقبرة الكبيرة، أكثر من 210 شخص، في موقع مرتبط بشكل قاطع بالفلستييين، يشكل “حلقة مفقودة هامة” تسمح للباحثين ب”ملء قصة الفلستييين”، كما قال ماستر، أستاذ لعلم الآثار في كلية “ويتون”.
المقبرة، التي تم اكتشافها خارج جدران المدينة القديمة ويعود تاريخها إلى القرنين الثامن والحادي عشر قبل الميلاد – وهي فترة مرتبطة بصعود بني إسرائيل – قد تكون تضم الآلاف من الأشخاص، ما يوفر مادة للدراسة وبكثرة، كما قال.
مع عدد كبير كهذا “سيكون بمقدرتنا إعادة بناء كيف كان الفلستيين كمجموعة”، بحسب ما قاله ماستر.
وجاء توقيت الإعلان عن الإكشتاف ليتزامن مع إفتتاح معرض لمتحف إسرائيل تُعرض فيه اكتشافات يعود تاريخها إلى حوالي 6,000 عام من أشكلون في “روكفلر”. من بين القطع المعروضة يوجد بوابات مدينة عمرها 3,800 عاما ومجوهرات من الذهب والفضة تدل على أهميتها التجارية، ولوح من الرخام الروماني مع نقوش صليبية وفاطمية.
عبر الطبقات الـ -22 من الإستيطان فيها، شكلت أشكلون “ميناء كبيرا يقع على البحر الأبيض المتوسط وطريق تجارة رئيسي”، كما قال لاري ستاغر، من جامعة هارفرد والمدير المشارك في أعمال الحفر. المدينة كانت أكبر بكثير من مدن داخلية خلال العصرين البرونزي والحديدي، وضمت 10,000-12,000 نسمة، لأنها كانت قادرة على استيعاب عدد أكبر من السكان من خلال التجارة.
أشكلون (أو عسقلان) كانت واحدة من المدن الخمس الفلستية الرئيسية لقرون – إلى جانب غزة وأشدود وجت وإكرون، من سنوات 1100 قبل الميلاد وصولا إلى دمار أشكلون على يد جيش الملك البابلي، نبوخذ نصر، في 604 قبل الميلاد.”
وقال ماستر: “كشفنا عن منازلهم، كشفنا عن شبكات التجارة الخاصة بهم، كشفنا عن جميع جوانب ثقافتهم”، وأضاف: “وأخيرا سنرى الأشخاص بأنفسهم”.
وتابع قائلا: “كانت هناك اكتشافات عشوائية أخرى لأشخاص علقوا في دمار فلستين في بعض الأحيان، ولكن لا شيء من هذا القبيل. ليس مثالا منهجيا على صورة تفكيرهم بالموت وكيف عاملوا الناس في هذه العملية”.
واعتُقد أن مقابر معزولة تم العثور عليها واحتوت على قطع فخارية بأسلوب فلستيتي قد تكون مثالا على ممارساتهم وطقوسهم، ولكن هذه الحالات القليلة لم تكن كافية لإقناع معظم الباحثين.
وقال ماستر: “ما كنا بحاجة إليه في مقبرة فلستية هو العثور على مقبرة كبيرة مرتبطة بشكل مباشر مع إحدى المدن التي نعرف بأنها مدينة فلستية، وأشكلون هي بالضبط كذلك”.
ويعتقد العلماء أن الفلستيين كانوا من بين عدد من القبائل من الشعوب الغير ساميه التي هاجرت عبر البحر الأبيض المتوسط – ربما من اليونان الحديثة وتركيا – واستوطنوا في الساحل الكنعاني في أوائل العصر الحديدي.
الروايات المصرية القديمة تصف جحافل من “شعوب البحر” التي وصلت بالسفن إلى سواحل شرق المتوسط في أواخر القرن 13 وأوائل القرن 12 قبل الميلاد. خلال حكم الملك رمسيس الثالث، أثقلت جحافل الشعوب المنقولة بحرا كاهل المملكة، حيث تم إيقافهم من قبل الجيوش المصرية واستقروا على طول الساحل المشرقي. من بين المجموعات المذكورة في النقوش في معبد رمسيس الثالث في مدينة هابو “البليست”، الذين يربطهم العلماء بالفلستيين.
في بيان له قال ستاغر، أستاذ فخري لعلم آثار إسرائيل في جاعمة “هارفارد”، “99% من الفصول والمقالات المكتوبة عن طقوس الدفن لدى الفلستيين ينبغي تعديلها أو تجاهلها الآن بعد أن أصبحت لدينا المقبرة الفلستية الأولى والوحيدة”.
وقال ماستر بأنه لا توجد هناك نقاط ارتباط واضحة بين ممارسات الفلستييين الجنائزية التي تم العثور عليها في أشكلون وبين أي مجموعة معنية من بحر ايجه، ولكن تحليل الحمض النووي لبقايا الهياكل البشرية قد يحدد تقارب علاقة القرابة لشعوب أخرى في المنطقة ويشير إلى أصول الأشخاص.
“الربط ببحر ايجه صعب للغاية، لأن ممارسات الدفن الايجية متنوعة للغاية. لا يوجد هناك ممارسة واحدة بعينها بإمكاننا أن نقول بأنها ’طقس دفن ايجي”.
تم دفن الفلستيين في أشكلون في حفر إلى جانب أغراضهم الشخصية، أو أحيانا حرقها أو دفنها في مقابر غرف معتددة.
بالمقارنة، دفن الكنعانيون والإسرائيليون أمواتهم في قبور داخل كهوف، بعد ذلك قاموا بجمع العظام بعد تحلل الجسد. ماستر يقول إنه لم يتم إزعاج موتى الفلستيين بعد مماتهم، ما يدل على أنه كانت هناك للمجموعة “أفكار ثقافية مختلفة حول معنى الموت ومعنى الحياة بعد الموت”.
وقال ماستر: “عندما ننظر إلى ممارسات الدفن المميزة، نحصل على شعور حول كيفية تعاملهم وتفكيرهم بالموت والحياة بعد الموت بطرق مختلفة عن الشعوب من حولهم”.
دراسة العظام التي تم العثور عليها في المقبرة أشارت حتى الآن إلى اختلافات فيزيولوجية عند الشعوب الفلستية عن أسلافهم الكنعانيين وجيرانهم من بني إسرائيل. اختبارات الحمض النووي التي لم تصدر نتائجها بعد قد توفر معلومات إضافية حول أصولهم.
دراسة العظام ما زالت في بدايتها، والعلماء بدأوا للتو فقط في اكتشاف الطريقة التي عاش ومات فيها الفلستيين.