أوغندا تنأى بنفسها عن رأي قاضيتها المعارض في حكم محكمة العدل الدولية بشأن مزاعم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل
كمبالا تقول إن معارضة القاضية جوليا سيبوتيندي لاستنتاجات المحكمة بشأن الحرب مع حماس هو موقفها الشخصي ولا يعكس موقف الحكومة
نأت أوغندا بنفسها عن رأي قاضية أوغندية في محكمة العدل الدولية يخالف قرار هيئة المحكمة في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وقالت إن تصريحاتها لا تعكس موقف أوغندا.
وجوليا سيبوتيندي هي القاضية الوحيدة من بين قضاة هيئة المحكمة البالغ عددهم 17 التي صوتت ضد كل الإجراءات الستة التي تبنتها العدل الدولية في قرار يأمر إسرائيل بالتحرك لمنع أعمال الإبادة الجماعية خلال قتالها مسلحي حركة حماس في قطاع غزة.
وكانت أيضا واحدة من قاضيين فقط عارضا تأكيد المحكمة على أن بعض الأفعال الإسرائيلية في الحرب ضد حماس قد تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية. القاضي الآخر كان الإسرائيلي أهارون باراك.
وصرحت الحكومة الأوغندية في بيان أصدرته في وقت متأخر من مساء أمس السبت “موقف القاضية سيبوتيندي يمثل رأيها الشخصي والمستقل ولا يعكس بأي حال من الأحوال موقف حكومة جمهورية أوغندا”.
وأضافت أن الحكومة أيدت موقف دول حركة عدم الانحياز بشأن الصراع الذي اتخذته خلال قمتها في العاصمة الأوغندية في وقت سابق من الشهر الجاري.
وأدانت دول حركة عدم الانحياز في بيان صدر في ختام قمتها العملية العسكرية الإسرائيلية وقتل المدنيين ودعت أيضا إلى وقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وتشكلت الحركة رسميا في عام 1961 من دول تعارض الانضمام إلى أي من الكتلتين الرئيسيتين العسكريتين والسياسيتين إبان حقبة الحرب الباردة. وكانت العديد من البلدان المنضمة للحركة قد نالت استقلالها عن حكامها الاستعماريين حديثا.
واندلعت الحرب عندما هاجمت حركة حماس الفلسطينية إسرائيل في 7 أكتوبر في هجوم أسفر عن مقتل 1200 شخص، كما اختطف المسلحون 253 شخصا تم احتجازهم كرهائن في غزة، حيث لا يزال أكثر من نصفهم محتجزين في القطاع.
ردت إسرائيل على الهجوم بحملة عسكرية لتدمير حماس، وإبعادها عن السلطة في غزة، وإطلاق سراح الرهائن.
وتقول وزارة الصحة في غزة، والتي لا تفرق بين المقاتلين والمدنيين، إن الحرب أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 26 ألف فلسطيني. ولم يتم التحقق من هذه الأرقام ويُعتقد أنها تشمل ما يقارب من 10 آلاف من مقاتلي حماس الذين قالت إسرائيل إنها قتلتهم خلال المعارك في القطاع. وقُتل أكثر من 200 جندي إسرائيلي في القتال في غزة.
وقال قرار المحكمة، الذي تم اتخاذه بأغلبية 15 مقابل 2، إن هناك “معقولية” لادعاءات جنوب أفريقيا بأن الفلسطينيين بحاجة إلى الحماية من الإبادة الجماعية. بحسب القرار فإن تصريحات عديدة وتحريضية أدلى بها بعض المسؤولين الإسرائيليين الكبار، والتي يمكن تفسيرها على أنها تأييد لتعمد إيذاء المدنيين، أعطت معقولية لادعاءات جنوب أفريقيا بأن لإسرائيل نية بارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد الفلسطينين في غزة في الصراع الحالي.
ومع ذلك، لم تتخذ المحكمة الإجراء الذي كانت ترغب فيه جنوب أفريقيا بشدة وتخشاه إسرائيل – وهو الأمر بوقف فوري لإطلاق النار من جانب واحد والذي كان من شأنه أن يحبط المجهود الحربي ويشير إلى أن المحكمة تعتقد أن الإبادة الجماعية تحدث بشكل فعلي.
وقالت سيبوتيندي، في معارضتها للقرار، إن “جنوب أفريقيا لم تثبت، حتى على أساس ظاهري، أن الأفعال التي يُزعم أن إسرائيل ارتكبتها والتي يشكو منها المدعي، قد ارتُكبت بنية الإبادة الجماعية اللازمة، وأنه نتيجة لذلك، فهي قادرة على الوقوع ضمن نطاق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية”.
وأضافت أن “مقدمة الدعوى لم تثبت أن الحقوق التي تؤكدها والتي تسعى إلى حمايتها من خلال الإشارة إلى تدابير مؤقتة هي حقوق معقولة بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية”.
وقال سيبوتيندي إن الفشل في التوصل إلى حل سياسي للصراع “قد يدفعهم في بعض الأحيان إلى اللجوء إلى الاحتجاج بمعاهدات مثل اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، في محاولة يائسة لفرض قضية ما في سياق مثل هذه المعاهدة، من أجل تعزيز تسويتها القضائية… من وجهة نظري فإن القضية الحالية تقع ضمن هذه الفئة”.
وقالت إن المراجعة الدقيقة لسياسة الحرب الإسرائيلية “تظهر غياب نية الإبادة الجماعية”، رغم أنها شددت على أن إسرائيل ملزمة بالقانون الدولي في إدارتها للحرب.
وتابعت قائلة: “للأسف، فإن حجم المعاناة والموت الذي يعيشه قطاع غزة لا يتفاقم بسبب نية الإبادة الجماعية، بل بسبب عدة عوامل، بما في ذلك تكتيكات منظمة حماس نفسها التي غالبا ما تنطوي على تواجد قواتها بين السكان المدنيين والمنشآت المدنية، مما يجعلهم عرضة لهجوم عسكري مشروع”.
أما بالنسبة لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين استخدموا لغة تحريضية، أو أدلوا بتعليقات يُنظر إليها على أنها تقلل من شأن الحاجة إلى حماية المدنيين، فقالت سيبوتيندي إنه تم أخذ هذه التصريحات في السياق، فإن “الغالبية العظمى من التصريحات أشارت إلى تدمير حماس وليس الشعب الفلسطيني”، وبالتالي فإن “بعض التصريحات المارقة الصادرة عن مسؤولين غير مكلفين بمتابعة العمليات العسكرية الإسرائيلية تعرضت لانتقادات شديدة من قبل الحكومة الإسرائيلية نفسها”؛ و”الأهم من ذلك هو أن سياسة الحرب الرسمية للحكومة الإسرائيلية، كما قُدمت إلى المحكمة، لا تحتوي على أي مؤشرات على نية الإبادة الجماعية”.
في رأيه المنفصل، انتقد باراك جنوب أفريقيا لتركيزها على إسرائيل بدلا من حماس لتنفيذ الأخيرة هجوم 7 أكتوبر الذي أشعل فتيل الحرب في غزة، وقال إن الدولة الإفريقية “سعت خطأ إلى نسب جريمة قابيل إلى هابيل”.