ألمانيا تهدد باتخاذ “خطوات” ضد إسرائيل بشأن غزة وتكثف انتقاداتها للحرب
المستشار الألماني ميرتس يقول إن سلوك إسرائيل في غزة "لم يعد بالإمكان فهمه"، ورئيسة المفوضية الأوروبية تندد بالضربات "البغيضة" على المنشآت المدنية في القطاع خلال اتصال مع ملك الأردن عبد الله الثاني

صعّد قادة ألمانيا يوم الثلاثاء من لهجتهم تجاه إسرائيل بشكل ملحوظ، إذ انتقد المستشار الألماني فريدريش ميرتس الغارات الجوية المكثفة التي يشنها الجيش الإسرائيلي في غزة، بينما حذر وزير الخارجية يوهان فاديفول من أن برلين ستبحث قريبًا اتخاذ “خطوات” ضد إسرائيل بسبب ما وصفه بوضع “لا يحتمل” في غزة.
وقال ميرتس في توركو بفنلندا “لم تعد الضربات العسكرية المكثفة التي يشنها الإسرائيليون في قطاع غزة تنم عن أي منطق بالنسبة لنا. كيف تخدم (هذه الضربات) الهدف المتمثل في مواجهة الإرهاب”.
وأضاف: “أنا لست من أول من قال ذلك… لكن بدا لي وما زال يبدو أن الوقت قد حان لأقول علنًا — ما يحدث حاليًا لم يعد بالإمكان فهمه”.
وقال إنه يعتزم إجراء اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع بشأن الوضع في غزة. ولم يرد ميرتس على سؤال حول صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل، وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول في مؤتمر صحفي إن هذه مسألة تخص مجلس الأمن الذي يترأسه ميرتس والذي تُعقد اجتماعاته بصورة سرية.
وتُمثل هذه التصريحات تحوّلًا كبيرًا في لهجة برلين، وهي من أبرز داعمي إسرائيل في أوروبا.
لكن الحرب على حماس في غزة أثرت سلبا على العلاقات، إذ تحاول ألمانيا بعناية أن توازن بين دعم حق إسرائيل في الوجود والدفاع عن النفس، والدعوة في الوقت نفسه لاحترام حقوق الفلسطينيين وحمايتهم بموجب القانون الدولي.

وقال فاديفول الثلاثاء إنه سيتحدث مع نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، مشددًا على أنه من غير المقبول أن يفتقر سكان غزة إلى الغذاء والدواء.
وقال في حديثه لإذاعة (دبليو.دي.آر): “التزامنا بمكافحة معاداة السامية ودعمنا الكامل لحق دولة إسرائيل في الوجود والأمن يجب ألا يتم استغلاله في الصراع والحرب التي تُشن حاليا في قطاع غزة”.
وأضاف “نحن الآن في مرحلة يتعين علينا فيها أن نفكر بعناية فائقة في الخطوات الإضافية التي يجب اتخاذها”، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأقر رون بروسور السفير الإسرائيلي لدى برلين بالمخاوف الألمانية اليوم الثلاثاء لكنه لم يدل بتعليقات. وقال بروسور لشبكة زد.دي.إف “عندما يثير فريدريش ميرتس هذا الانتقاد لإسرائيل، فإننا ننصت جيدا لأنه صديق”.
وفي وقت لاحق الثلاثاء، وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين القصف الإسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين في غزة بالعمل “البغيض”، وذلك أثناء اتصال هاتفي مع ملك الأردن عبد الله الثاني.
وقال الجيش الإسرائيلي إن ضربته استهدفت عناصر من حماس والجهاد الإسلامي استخدموا المنشأة كمركز قيادة.

وقالت فون دير لايين، بحسب ما جاء في نص المحادثة الذي نشرته المفوضية، إن “تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة واستهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك مدرسة تستخدمها العائلات الفلسطينية النازحة كملجأ، والتسبب بمقتل مدنيين بينهم أطفال، هو أمر بغيض”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد صعّد عملياته في غزة خلال الأيام الأخيرة، ضمن ما وصفه بدفعة جديدة لتدمير حماس. ودعا إلى إخلاء المدنيين من مناطق واسعة من القطاع، بما في ذلك مدينتي رفح وخان يونس بالكامل.
كما بدأ مؤخرًا بالسماح بدخول كميات محدودة من المساعدات إلى غزة بعد أن أغلق المعابر في مطلع مارس عقب فشل مفاوضات الرهائن، في محاولة للضغط على الجماعة المسلحة.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، المدعومة من الأمم المتحدة، الثلاثاء إن الهجمات الإسرائيلية على غزة تسببت في نزوح قرابة 180 ألف شخص قسرا خلال 10 أيام فقط حتى 25 مايو. وعبر بيان صادر نيابة عن المجموعة العالمية لتنسيق وإدارة المخيمات عن القلق العميق وندد بالهجمات المباشرة على مراكز الإيواء التي وصفها بأنها أصبحت “شائعة”.
وخلال الهدنة السابقة، تمكن نحو نصف مليون فلسطيني من العودة إلى منازلهم، لكن “لكن هذا التقدم الهش تلاشى مع استئناف العمليات العسكرية”، قالت المنظمة.
وقالت وزارة الصحة في غزة يوم الإثنين إن 3822 فلسطينيا قُتلوا في القطاع منذ انهيار وقف إطلاق النار الأخير في 18 مارس، ليصل إجمالي عدد القتلى منذ بداية الحرب إلى 53,977 — وهو عدد لا يمكن التحقق منه ولا يميز بين مدنيين ومقاتلين.
واندلعت الحرب في 7 أكتوبر 2023، عندما اقتحم مسلحون من حماس مناطق جنوب إسرائيل في هجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، وأسر 251 رهينة. ولا تزال الفصائل المسلحة في غزة تحتجز 58 رهينة، من بينهم 57 أُسروا في السابع من أكتوبر.