أكثر من 9500 قتيل في تركيا وسوريا جراء الزلزال المدمر
يعرقل سوء الأحوال الجوية مهمّة فرق الانقاذ ويزيد من معاناة الناجين؛ قدرت منظمة الصحة العالمية أن يصل عدد المتضرّرين بالزلزال المدمّر إلى 23 مليونا
أ ف ب – تتواصل عمليات البحث عن ناجين يوم الثلاثاء غداة الزلزال القوي الذي أودى بحياة أكثر من 8700 شخص في تركيا وسوريا وفق أحدث حصيلة وشرد أعدادا لا تُحصى في ظل البرد القارس، في حين يسابق عناصر الإنقاذ الزمن لإخراج العالقين تحت الأنقاض.
من جانبها، قدرت منظمة الصحة العالمية أن يصل عدد المتضررين بالزلزال المدمر إلى 23 مليونا.
وسبق أن حذرت منظمة الصحة من أن عدد الضحايا قد يتضاعف.
وقال مسؤولون وعاملون طبيون إن 6957 شخصا قضوا في تركيا و2547 في سوريا، ما يرفع حصيلة الضحايا الإجمالية إلى 9504، فيما تخشى منظمة الصحة العالمية من أن تصل الحصيلة إلى عشرين ألف قتيل.
وأعلن عن إصابة أكثر من عشرين ألف شخص بجروح.
وقع الزلزال الأول الذي بلغت قوّته 7,8 درجات الاثنين عند الساعة 4:17 (01:17 ت.غ) وشعر به سكان لبنان وقبرص وشمال العراق.
وأعقبت ذلك 185 هزة ارتدادية على الأقل بلغت شدة إحداها 7,5 درجات ظهر الاثنين وأخرى بقوة 5,5 درجة فجر الثلاثاء.
وتسببت الهزات الارتدادية بمزيد من الخوف والمعاناة في منطقة حدودية تشهد نزاعا مع إشعال الناس في الشوارع لقطع الحطام سعيا للتدفئة مع بدء وصول المساعدات الدولية.
لكن تروى أيضا بعض قصص النجاة غير العادية، بما في ذلك ولادة طفلة تحت الأنقاض في سوريا.
ويعرقل سوء الأحوال الجوية مهمّة فرق الانقاذ ويزيد من معاناة الناجين الذين يعانون البرد تحت الخيام التي نصبت وحول مواقد النيران التي اقيمت في المناطق المنكوبة. ويصعب الوصول إلى منطقة كهرمان مرعش المنكوبة في جنوب شرق تركيا بسبب الثلوج.
وفي سوريا، أمضى مئات السوريين الخائفين من حدوث هزات أخرى، الليل في الشوارع والحدائق.
ورجحت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني العامل في مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة دمشق) أن ترتفع حصيلة القتلى لوجود “مئات العوائل تحت الأنقاض”. وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً تسبّب بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.
أُحصي ربع عدد ضحايا الزلزال في سوريا بمحافظة حلب الخاضعة لسيطرة دمشق، وفق ما أفادت وسائل إعلام حكومية. وتضررت المدينة بشكل كبير علمًا أنها إحدى المناطق المدمّرة أصلًا جراء النزاع، مع تسجيل انهيار نحو خمسين مبنى وتضرر مواقع تاريخية بما في ذلك قلعة حلب.
في صوران (شمال)، يجثو محمود بريمو أمام كومة أنقاض، هو كلّ ما تبقى من منزله. ويقول الرجل واضعًا كوفية على رأسه “خسرنا كل شي في صوران… 10 سنوات (من الحرب) لم تؤثر علينا، لكن هذه الدقيقة ونصف الدقيقة أثرت علينا كثيرًا. دُمّرنا بالكامل”.
“أين أمّي؟”
ينهمك عمال الإغاثة والسكان في جانبَي الحدود في العمل لمحاولة إنقاذ الناجين. في بلدة جنديرس في شمال سوريا، انُتشلَت رضيعة ولدت بأعجوبة تحت الركام، وبقيت متصلة عبر حبل السرة بوالدتها التي قتلت بعدما دمر الزلزال منزل العائلة.
في هاتاي في جنوب تركيا عند الحدود مع سوريا، أنقذت طفلة تبلغ سبع سنوات بعد أكثر من 20 ساعة على الزلزال على ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس كان حاضرا في المكان. وقالت لمسعف كان يحملها، “أين أمّي؟”.
وعُثر على اللاعب الدولي الغاني السابق كريستيان أتسو البالغ 31 عامًا والذي انتقل مؤخرًا من الرائد السعودي إلى هاتاي سبور التركي، على قيد الحياة وسط الأنقاض في هاتاي، حسبما قالت سفيرة غانا لدى تركيا.
تتوافد طلائع فرق المسعفين الثلاثاء. وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي أعلن حال الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في المحافظات العشر المتأثرة بالزلزال، أن 45 دولة عرضت المساعدة.
من جانبه، أعلن الاتحاد الأوروبي أن 19 دولة عضو بينها فرنسا وألمانيا واليونان، أرسلت إلى تركيا 1185 مسعفًا و79 كلبًا للمساعدة في عمليات البحث. أما في سوريا، فالاتحاد يتواصل مع شركائه في المجال الإنساني ويموّل عمليات الإغاثة.
ووعد الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره التركي “بكل المساعدة اللازمة مهما كانت”. وسيصل فريقان أميركيان صباح الأربعاء يضم كل منهما 79 مسعفا إلى تركيا.
وأعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أنها تعمل مع شركاء لها في سوريا لتقديم المساعدة للمنكوبين، رغم أنها لا تعترف بالحكومة السورية في دمشق. وقال ستيفن ألين الذي يقود الاستجابة الميدانية في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو أس أيد)، إن الوكالة تعيد توجيه المساعدة التي كانت تُقدّم أصلًا لدعم السوريين المتضررين من الحرب.
بدورها، أعلنت الصين الثلاثاء إرسال مساعدات بقيمة 5,9 ملايين دولار وعمال إغاثة متخصصين في المناطق الحضرية وفرقا طبية ومعدات طوارئ.
كما أعلنت دول المغرب العربي وقطر والإمارات العربية المتحدة والعراق والأردن وإيران خصوصًا عن إرسال فرق إغاثة ومساعدات.
وأعلنت المملكة العربية السعودية التي لا تقيم علاقات مع النظام في دمشق منذ 2012، “تسيير جسر جوي وتقديم مساعدات صحية وإيوائية وغذائية ولوجستية لتخفيف آثار الزلزال على الشعبين السوري والتركي”.
كما استجابت لنداء سلطات دمشق حليفتها روسيا التي وعدت بإرسال فرق إغاثة “في الساعات المقبلة” في وقت أكد فيه الجيش أن أكثر من 300 عسكري روسي انتشروا في المنطقة التي يضربها الزلزال للمساعدة في عمليات الإنقاذ.
وتحركت الأمم المتحدة أيضا لكنها شدّدت على أن المساعدة التي ستقدم يجب أن تذهب “إلى كل السوريين على كامل الأراضي” السورية الخارج بعضها عن سيطرة الحكومة.
“من لا يخاف؟”
أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء أن نقل المساعدات من تركيا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في سوريا من خلال نقطة العبور الوحيدة المسموحة تأثرت جراء الزلزال. وصرح المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لاركي في مؤتمر صحافي في جنيف أن “العملية عبر الحدود نفسها تأثرت”.
وفي نيويورك، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن معبر باب الهوى نفسه لم يتضرر. وصرح ستيفان دوجاريك للصحافيين “نواصل استخدام معبر باب الهوى لأن منصة إعادة الشحن في الواقع سليمة”.
ودعا الهلال الأحمر السوري الذي يعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إلى رفع العقوبات المفروضة على دمشق وطلب مساعدة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو اس ايد).
وكان وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قد أعرب عن استعداد حكومة بلاده “تقديم كل التسهيلات المطلوبة للمنظمات الأممية في سبيل تقديم المساعدات الإنسانية”.
ووسط الفوضى الناجمة عن الزلزال فرّ نحو عشرين مقاتلا من تنظيم الدولية الإسلامية من سجن راجو العسكري الذي تشرف عليه فصائل معارضة مؤيدة لتركيا.
في شانلي أورفا التركية، حولت السلطات قاعات رياضة ومدارس ومساجد إلى مراكز لإيواء الناجين. لكن، خشية من وقوع هزات جديدة فضل الكثير من السكان تمضية الليل في العراء.
وقال مصطفى كويونجو البالغ 55 عاما وقد جلس في سيارة العائلة مع زوجته وأطفالهما الخمسة “من لا يخاف؟ الجميع خائفون!”.
هذا أسوأ زلزال يضرب المنطقة منذ ذلك الذي حصل في 17 آب/أغسطس 1999 وبلغت قوته 7,4 درجات وتسبب بمقتل 17 ألف شخص في تركيا بينهم ألف في اسطنبول.
ووقع آخر زلزال بلغت قوته 7,8 درجات على مقياس ريشتر في عام 1939 وتسبب بمقتل 33 ألف شخص في مقاطعة إرزينجان الشرقية.