أكثر من 40 ألف شخص يتظاهرون في تل أبيب احتجاجا على قرار نتنياهو إقالة رئيس الشاباك
رئيس سابق للموساد يقول إن رئيس الوزراء يشكل ”خطرًا واضحًا وقائمًا على أمن البلاد“ في الوقت الذي يتهم فيه الحشد قادة البلاد بالتخلي عن الأمة من أجل مصالح سياسية ضيقة

احتشد حوالي 40 ألف شخص في ميدان “هبيما” في تل أبيب ليلة الثلاثاء في مظاهرة ضد خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، وسط تحقيق في العلاقات المزعومة بين مساعدي رئيس الوزراء وقطر.
وفي إشارة إلى نتنياهو، بث المتظاهرون على مبنى المسرح الوطني المتاخم عبارة ”سيد التخلي“ في إشارة إلى نتنياهو، وهتفوا: ”حان الوقت لإسقاط الديكتاتور“.
وجاءت هذه المظاهرة، التي بدت واحدة من أكبر المظاهرات ضد الحكومة في الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي استأنفت فيه إسرائيل القتال في قطاع غزة، مما مهد الطريق لعودة السياسي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إلى الحكومة، وهو من بين أبرز الأصوات المطالبة بالإطاحة ببار وبالمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا، التي هي أيضًا في مرمى نيران الائتلاف.
وأثارت هذه التحركات اتهامات، نفاها نتنياهو، بأن الحكومة أنهت وقف إطلاق النار وأجهضت المفاوضات بشأن الرهائن من أجل تعزيز الدعم السياسي لرئيس الوزراء مع حلفائه في اليمين المتطرف قبل تصويت حاسم على الميزانية في وقت لاحق من هذا الشهر.
وقال رئيس الموساد الأسبق تمير باردو، وهو واحد من عدة مسؤولين أمنيين كبار سابقين تحدثوا في التجمع، “لقد بدأت حرب ’السلام من أجل نتنياهو‘“. في إشارة إلى التهم الجنائية الموجهة إلى نتنياهو، مضيفا أن ”الجبان والدجال والكاذب“ يضع إسرائيل على طريق التدمير الذاتي.
وأضاف ”لن نغفر ولن ننسى التخلي عن الدفاع عن البلاد“، وتابع ”أنت، المشتبه به بنيامين نتنياهو، تشكل خطرًا واضحًا وقائمًا على أمن البلاد“.
وأعلن نتنياهو يوم الأحد أنه يعتزم إقالة بار، متذرعًا بانعدام الثقة، لكن بهاراف-ميارا قالت أنه لا يمكنه المضي قدما في الإقالة ما لم يتم إثبات ”أساس وقائعي وقانوني“ للقيام بذلك.

وقد اتهم نتنياهو يوم الاثنين المستشارة القضائية للحكومة بتجاوز سلطتها ورفض الادعاءات بأن إقالة بار مرتبطة بتحقيق الشرطة والشاباك، والذي بدأ بإيعاز من بهاراف-ميارا، في مزاعم تحويلات مالية غير مشروعة من الدوحة إلى ثلاثة من مساعديه.
واتهم مفوض الشرطة الأسبق روني الشيخ، الذي دخل في صدامات علنية مع نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي بالسماح لقطر بالعمل كوسيط لوقف إطلاق النار تحديدًا لكي تبقى حماس في السلطة وتكون بمثابة ثقل موازن للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وقال الشيخ إن ”هدف قطر الاستراتيجي هو الحفاظ على حكم حماس”، مضيفا أن “المختطفين هم بيدق للقطريين لتحقيق هذا الهدف”.
تم تنظيم الاحتجاج من قبل مجموعة ”الدرع الواقي لإسرائيل“، وهي مجموعة تصف نفسها بأنها تجمع 169 من كبار المسؤولين السابقين من الجيش والشرطة والموساد والشاباك.

وأشار اللواء (احتياط) نوعم تيبون، الذي تولى عرافة الحدث، إلى أرقام الشرطة التي تقول إن حوالي 40 ألف شخص حضروا المظاهرة، مما يجعلها واحدة من أكبر المظاهرات من هذا النوع منذ سبتمبر.
وبدا أن رئيس الشاباك السابق يورام كوهين قد أثار حفيظة الحشد عندما طلب من الحاضرين التوقف عن ترديد كلمة ”خائن“ في حق نتنياهو، ومن خلال التخفيف من حدة الكثير من انتقاداته لرئيس الوزراء.
”حسب فهمي“، حسبما قال، وسط همهمات انزعاج من الحشد، “فإن التهديد الوجودي الحقيقي ليس حماس وحزب الله بل أولئك الذين يسعون إلى تغيير الطابع الديمقراطي لإسرائيل”.
وكانت هذه المظاهرة واحدة من عدة فعاليات احتجاجية ضد إقالة بار، والتي تم الطعن فيها أيضًا في المحكمة. وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، نظم العشرات من المحتجين مسيرة إلى القدس، قبل مظاهرات أكبر من المقرر تنظيمها يوم الأربعاء في العاصمة.
وقد حث العديد من أعضاء حكومة نتنياهو رئيس الوزراء على إقالة بهاراف-ميارا أيضا بسبب معارضتها المستمرة لخطوات الحكومة، لكن رئيس الوزراء لم يتحرك ضدها فعليًا حتى الآن.

ولم يتضح بعد متى سيجتمع مجلس الوزراء لإقالة بار.
يوم الثلاثاء، أبلغت بهاراف-ميارا نتنياهو في رسالة شديدة اللهجمة أنه لا يمكنه عقد مجلس الوزراء للتصويت على إقالة بار قبل أن يتلقى توصية بشأن هذه المسألة من اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة التعيينات الرفيعة في الدوائر الحكومية.
كما رفضت أيضًا ادعاء حلفاء نتنياهو بأن التحقيق في قضية “قطر-غيت” جاء لإحباط خطط نتنياهو لإقالة بار، على أساس أنه لا يمكن لرئيس الوزراء إقالة رئيس الشاباك في الوقت الذي يحقق فيه جهاز الأمن مع مساعدي نتنياهو.

خلال اجتماع لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء، اتهم وزير الخارجية غدعون ساعر، الذي عين بهاراف-ميارا في المنصب عندما كان وزيرًا في الحكومة السابقة، المستشارة القضائية بـ”الإضرار بالحكومة“ وقارنها بطيار كاميكازي ياباني انتحاري، وفقًا لمكتبه.
كما شهد هذا اليوم أيضًا احتجاجات ضد نتنياهو من قبل عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، الذين قالوا إن استئناف القتال هناك سيجعل تحرير أحبائهم أكثر صعوبة.
وقد زعم المنتقدون أن نتنياهو استأنف القتال وأقال بار لتمهيد الطريق أمام حزب ”عوتسما يهوديت“ للانضمام إلى الائتلاف، مما يعطي رئيس الوزراء متنفسًا بعد أن هدد السياسيون الحريديم بالتصويت ضد الميزانية وإسقاط الحكومة إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم بتشريع يعفي طلاب المعاهد الدينية اليهودية من الخدمة العسكرية.
وقال باردو في المظاهرة إن إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية هو ”فصل الدم عن الدم“، مستخدما مصطلحًا من حقبة الهولوكوست يصف تمييز ألمانيا النازية بين اليهود الذين اعتُبروا صالحين للأشغال الشاقة وأولئك الذين أُرسلوا مباشرة إلى الذبح.

واستخدم هذا المصطلح مرة أخرى لانتقاد عمليات الإفراج عن الرهائن التي طال أمدها في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، واصفًا إدارة نتنياهو للمحادثات بأنها ”احتيال مشين أدى إلى تصنيف بين الرهائن شبيه بال’يودنرات’“.
وانتقد رافي بن شطريت، الذي قُتل ابنه إلروي (20 عاما) في صد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، نتنياهو لرفضه تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات التي أدت إلى هجوم حماس.
وقد ادعى رئيس الوزراء، الذي تعمل حكومته على إضعاف السلطة القضائية، مرارًا وتكرارًا أن مثل هذه اللجنة ستكون منحازة ضده، حيث سيرأسها قاضٍ سابق في المحكمة العليا ويعين أعضاءها رئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت، الذي تقاطعه الحكومة. وتظهر استطلاعات الرأي تأييدًا شعبيًا واسعًا لمثل هذه اللجنة.

وتساءل بن شطريت: ”كيف سنصلح إذا كنا لا نعرف ما الذي كسرناه، وكيف سنحسن إذا كنا لا نعرف أين فشلنا، وكيف سنشفى إذا كنا لا نعرف ما الذي يعتلينا“.
وأضاف أن أولويات البلاد يجب أن تكون ”المواطن قبل الحكومة، والمملكة قبل الملك، والديمقراطية قبل السياسة“.
وشجعت عيناف تسانغاوكر، والدة الرهينة ماتان تسانغاوكر وواحدة من أبرز منتقدي نتنياهو، الحضور على الانضمام إلى مخيم الاعتصام المستمر خارج مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في الكرياه حيث خيم المحتجون للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق.
وقالت: ”لم يفتح نتنياهو أبواب الجحيم على حماس اليوم“، مقتبسةً تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد حماس إذا فشلت في إطلاق سراح الرهائن، ”لقد فتح أبواب الجحيم على أحبائنا“.