إسرائيل في حالة حرب - اليوم 530

بحث

أسباب إنتشار الآراء اليمينية والمتحفظة في أوساط الإسرائيليين الشباب

بينما يتمتع جيل الألفية الأمريكية بسمعة ليبرالية، فإن اليهود الإسرائيليين الشباب، الذين لم يعرفوا أبدا عملية سلام حقيقية، هم يمينيون بمستويات أعلى بكثير من أهاليهم

يحتفل أنصار حزب الليكود عند إعلان النتائج في الانتخابات العامة الإسرائيلية، في مقر الحزب في تل أبيب، في 09 أبريل 2019. (Noam Revkin Fenton/FLASH90)
يحتفل أنصار حزب الليكود عند إعلان النتائج في الانتخابات العامة الإسرائيلية، في مقر الحزب في تل أبيب، في 09 أبريل 2019. (Noam Revkin Fenton/FLASH90)

جي تي ايه – مثل الكثير من أجيال الألفية الذين قفزوا إلى الشهرة، بدأت ماي غولان على الإنترنت مدوّنة عن الحياة في حي جنوب تل أبيب. ومن هناك، اكتسبت منصة كناشطة اجتماعية، مع 25,000 متابع على فيسبوك و16,300 على تويتر.

يوم الثلاثاء، قبل ساعات من فوزها بمقعد في الكنيست الإسرائيلي، تواصلت مع الناخبين في مقطع فيديو آخير قبل نهاية الإنتخابات على الفيسبوك.

“الحكومة اليمينية في خطر”، حذرت المشاهدين وهي ترتدي قميصا مكتوبا عليه عبارة “نتنياهو. اليمين. قوي. ناجح” بأحرف كبيرة زرقاء وبيضاء.

“يمكن أن تكون هناك حكومة يسارية هنا”، قالت. “لدينا الكثير من الآمال والأحلام. لقد أملنا في مستقبل آمن، وأن نستعيد الحكم والسيادة من النشاط القانوني الذي يخنقنا، وتلك المنظمات الغير ربحية اليسارية التي في نهاية المطاف تتخذ القرارات الأكثر أهمية هنا”.

ماي غولان تحذر الناخبين من أن الحكومة اليمينية في خطر في منشور يوم الانتخابات (Screencapture / Facebook)

ستكون غولان، المشرعة الجديدة في حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واحدة من أصغر أعضاء الكنيست عن عمر 32 عاما. لقد أمضت سنوات في الاحتجاج على طالبي اللجوء الأفارقة في حيها في تل أبيب. في عام 2017، قالت أن “الدولة الفلسطينية هي دولة إرهابية”. وقد ظهرت على قناة “فوكس” وانتقدت هيلاري كلينتون.

بعبارة أخرى، غولان هي اليمين المتشدد. إنها مثل الكثير من اليهود الإسرائيليين من جيلها.

في حين أن جيل الألفية الأمريكي يتمتع بسمعة السياسة الليبرالية، فإن اليهود الإسرائيليين الشباب ذهبوا في الاتجاه المعاكس بمرور الوقت. خلال السنوات العشر الماضية على الأقل، أصبح هؤلاء الناخبون يمينيين بمستويات أعلى بكثير من والديهم.

وفقا لمؤشر الديمقراطية الإسرائيلي لعام 2018 (دراسة سنوية يجريها معهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مؤسسة فكرية إسرائيلية غير حزبية)، تم تحديد ما يقارب 64% من اليهود الإسرائيليين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-34 عاما على أنهم يمينيين، مقارنة بـ 47% للفئة العمرية 35 عاما وما فوق. وجد استطلاع معهد الديمقراطية الإسرائيلي الذي أجري قبل أسبوع واحد فقط من انتخابات يوم الثلاثاء بالمثل ارتباطا مباشرا بين العمر ودعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: 65% من اليهود الإسرائيليين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 عاما، و 53% من هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 25-34 عاما، فضلوا فوز نتنياهو، في حين أن 17% و33% على التوالي، فضلوا منافسه الأكثر وسط، بيني غانتس.

فضل الناخبون اليهود الإسرائيليون الشباب بشدة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على منافسة بيني غانتس، وهو ما أظهره استطلاع للرأي أجراه مركز غوتمان قبل الانتخابات في معهد إسرائيل للديمقراطية. تم إجراء المسح في 3 أبريل 2019. (Laura E. Adkins / JTA)

“هناك شباب يحبون إيديولوجية نتنياهو”، قال إيلي حازان، المتحدث بإسم حملة الليكود لصحيفة “التلغراف” اليهودية. “إنهم يرون الإنجازات الدبلوماسية لنتنياهو ويؤمنون به. هذه هي الحقائق وهذا هو الواقع”.

بالإضافة إلى الليكود، من المحتمل أن يكون الناخبون اليهود الأصغر سنا في إسرائيل – الأرثوذكسيون بالتحديد بسبب ارتفاع معدلات المواليد في المجتمعات المتدينة والأرثوذكسية لدى الحريديم – قد ساعدوا على الأرجح حزبي الحريديم في إسرائيل على الحصول على ثلاثة مقاعد إضافية في الكنيست (ليصبح المجموع 16) في انتخابات يوم الثلاثاء. من المحتمل أن تكون الأحزاب اليمينية الأخرى قد استفادت من تصويت فئة المتدينين الأصغر سنا.

كان الناخبون الأصغر سنا في إسرائيل يمينيين بشكل غير متناسب منذ فترة.

“هناك نوعان من النظريات الرئيسية حول العمر”، صرحت تامار هيرمان، المحررة المشاركة لمؤشر الديمقراطية الإسرائيلي السنوي وأستاذة العلوم السياسية، لوكالة جي تي إيه. “تقول إحدى النظريات أنه عندما تتكون آرائك السياسية بين 18- 34 عاما، فهي تبقى معك طوال حياتك. تقول النظرية الأخرى أن وجهات نظرك السياسية تتغير مع تقدم العمر في اتجاه محدد؛ يصبح الناس أكثر اعتدالا مع تقدم العمر”.

“لا يمكنني أن أخبرك ما إذا كان هؤلاء أكثر يمينا لأن الشباب يميلون إلى أن يكونوا أكثر تطرفا، وبالتأكيد لا يقدم اليسار الآن توجه يساري متطرف، أو لأنهم مجرد شباب وهذا سيتغير”، أضافت.

وفقا للمسح، فإن نسبة الإسرائيليين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عاما والذين يعرّفون أنفسهم بأنهم يمينيون أعلى من نسبة الناخبين اليمينيين بشكل عام. (Laura E. Adkins/JTA)

قد يكون لهذا الاتجاه علاقة بالأحداث التي شكلت سنوات تكوينهم. لم يكن الإسرائيلي الذي يبلغ من العمر 18 عاما على قيد الحياة خلال ذروة عملية السلام في التسعينيات، ولا عندما فاز اليسار الإسرائيلي في الانتخابات عام 1999.

نشأ الشباب الإسرائيلي خلال الانتفاضة الثانية التي شهدت مقتل مئات الإسرائيليين في تفجيرات انتحارية. لقد أدت أعقاب فك الارتباط عن غزة عام 2005، والتي حدثت عندما كانت هذه المجموعة بين الأعمار 4 إلى 20 عاما، إلى دفع العديد من الشباب اليهود الإسرائيليين إلى الاستياء من أي قائد مستعد للتنازل عن أي أرض أخرى خاضعة حاليا للسيطرة الإسرائيلية. نظرا لأن بعض هذه المجموعة قد خدم في الجيش، فإن الحروب المتتالية في غزة زادت من حدة هذا التصور.

“لقد ولدوا بعد بدء عملية أوسلو، تعرضوا لإراقة الدماء خلال الانتفاضة الثانية، لقد جاءوا مباشرة بعد الخدمة العسكرية”، قالت هيرمان لجي تي إيه.

الجنود الإسرائيليون يسيرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة أثناء عودتهم من القطاع الفلسطيني الذي تسيطر عليه حركة حماس يوم الثلاثاء، 5 أغسطس 2014 (AFP / DAVID BUIMOVITCH)

وقال حازان، المتحدث بإسم الليكود، إن “الأشخاص الذين نشأوا في وسط انتفاضة الأقصى لا يثقون بالفلسطينيين، ولا يؤمنون بالسلام. إنهم يريدون حقا أن يكون هناك سلام، لكن لا يوجد شريك”.

بالنسبة للناخبين الصهاينة المتدينين الشباب على وجه الخصوص، قالت داليا شيندلين، محللة سياسية إسرائيلية وخبيرة في الرأي العام، إن فك الارتباط الذي أدى إلى نزوح حوالي 8000 مستوطن يهودي “اعتبر لحظة مدمرة للغاية تعهدوا بعدم العودة إليها”.

“الرؤية العامة هي أننا تخلينا عن هذه الأرض وهم أطلقوا الصواريخ في المقابل”، قالت شيندلين. “لقد اعتبرها المتدينون الوطنيون صدمة وطنية منذ ذلك الحين”.

وقالت شيندلين إن ما لم يمر به الناخبون الأصغر سنا قد يكون أكثر أهمية.

مضيفة: “لم تكن هناك عملية سلام ولا مصافحات ولا اتفاقات. أي مفاوضات كانت مفاوضات بعدم أي توقعات”.

ولكن إلى جانب كونهم أطفال الصراع، تتشكل هذه المجموعة بتدينها. نسبة أكبر من الشباب الإسرائيلي هم من الحريديم الأرثوذكسيين والصهاينة المتدينين مقارنة بالأجيال السابقة، ويميل الإسرائيليون اليهود المتدينون إلى أن يكونوا أكثر يمينا.

“مستوى التدين هو أفضل وسيلة للتنبؤ هل الشخص يسارا، يمينا، أم وسطا”، قالت شيندلين. وأضافت أن الفجوة العمرية آخذة في الازدياد “بالنظر إلى أن المتدينين لديهم عدد أكبر من الأطفال ونمو سكاني أعلى”.

جذبت الأحزاب اليمينية أيضا الناخبين الشباب لأنهم يفضلون نفس المنبر: وسائل التواصل الاجتماعي. نتنياهو، الذي يشتهر بالنفور من التحدث مع الصحافة الإسرائيلية، يفضل نشر مقاطع الفيديو ونشرها عبر الفيسبوك. تلك الشبكات هي أيضا المفضلة لدى الشباب الإسرائيليين.

“يكره بيبي إجراء المقابلات ويفضل كثيرا أن تكون لديه رواية يسيطر عليها بالكامل، وهذا هو السبب في أنه استغل بحماس وسائل الإعلام الاجتماعية”، قالت شيندلين. “كل كلمة تم قياسها. اثنان من أقرب مستشاريه هم مستشاروه لوسائل التواصل الاجتماعي. الكثير من شخصيته تظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

الآلاف من الشباب اليهود يهتفون بالأعلام الإسرائيلية وهم يحتفلون بيوم القدس ويرقصون ويسيرون في طريقهم عبر باب العامود إلى حائط المبكى، في 05 يونيو 2016. يحتفل يوم القدس بالذكرى التاسعة والأربعين للاستيلاء على القدس الشرقية العربية في اليوم السادس حرب 1967. (Nati Shohat/Flash90)

فهل قدم جيل اليهود الشاب الفوز لنتنياهو؟ من السابق لأوانه القول. لكن شيندلين قالت أنه على الرغم من عدم ظهور الأرقام الدقيقة بعد، إلا أنه من الممكن افتراض أن اليمين حاز على دعم الشباب.

“لا أعتقد أن فوز الليكود سيكون مدفوعا بالشباب لأن تدينهم ينثر أصواتهم” عبر مجموعة متنوعة من الأحزاب اليمينية، “لكنهم بالتأكيد سيساعدون الكتلة اليمينية”.

اقرأ المزيد عن