أردوغان ذهب للنوم مع كلاب، واستيقظ مع وحوش
لسنوات، تجاهل الرئيس التركي تسلل مقاتلي ’داعش’ إلى داخل سوريا عبر حدوده. بعدها بدأ بمواجهة التنظيم الإرهابي، والآن تحول إلى عدوهم
افي يسسخاروف، محلل شؤون الشرق الأوسطفي تايمز أوف إسرائيل ، كما وتستضيفه عدة برامج إذاعية وتلفزيونية كمعلق على شؤون الشرق الاوسط. حتى عام ٢٠١٢ شغل يساسخارف وظيفة مراسل الشؤون العربية في صحيفة هارتس بالاضافة الى كونه محاضر تاريخ فلسطيني معاصر في جامعة تل ابيب. تخرج بإمتياز من جامعة بن جوريون مع شهادة بكلوريوس في علوم الشرق الاوسط واستمر للحصول على ماجيستير امتياز من جامعة تل ابيب في هذا الموضوع. كما ويتكلم يساسخاروف العربية بطلاقة .

مرت سنتان بالضبط على إعلان أبو بكر البغدادي عن إقامة “داعش”، ومشروع حياة البغدادي يبدو أقل كدولة وأكثر كواحد من أكثر التنظميات الإرهابية وحشية وتعقيدا التي عرفها العالم على الإطلاق. وهذا بعد أخذ تنظيم “القاعدة” بالحسبان.
مرة تلو الأخرى، يثبت تنظيم “داعش” قدرته على تنفيذ هجمات كبيرة في أهداف رنانة (مثل أكبر مطار في تركيا) مع عواقب محتملة رئيسية (مثل انخفاض حاد في مجال السياحة).
امتداد “داعش” وصل مؤخرا إلى لبنان، حيث قام ثمانية إرهابيين بتفجير أنفسهم في غضون 24 ساعة في قرية القاع التي تقع على الحدود السورية؛ وإلى الأردن، حيث نجح مقاتلو “داعش” بقتل جنود أردنيين في كمين خُطط له بشكل جيد؛ والآن وصل إلى تركيا، حيث قام بنشر ما لا يقل عن 35 إنتحاريا، على الأقل بحسب معلومات إستخباراتية أمريكية وفقا لما ذكرته شبكة أمريكية الثلاثاء.
أطماع التنظيم لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط. يقوم “داعش” ببذل كل ما في وسعه لتصدير هجماته عبر مضيق البوسفور إلى أوروبا وكذلك إلى الولايات المتحدة. ستنجح واحدة أو أكثر من هذه المحاولات عاجلا أم آجلا.
في الوقت نفسه قدرة “داعش” على العمل كدولة آخذة بالتآكل.
في المجال العسكري، هناك إخفاق حقيقي ومستمر، حيث أن التنظيم يخسر أراض أسبوعيا في سوريا والعراق. أحيانا الأكراد هم الذين يلحقون هذه الهزائم به، وأحيانا أخرى الجيش العراقي إلى جانب الميليشيات الشيعية، وفي بعض الأحيان مجموعة متمردين واحدة أو أكثر. تم إجباره على الإنسحاب وذيله بين ساقيه من مدن رئيسية سيطر عليها لعامين.
بالإضافة إلى خسارة الأراضي، تتضاءل أيضا قدرته في إدارة مؤسسات الدولة.
وهناك الضربة الإقتصادية التي تلقاها التنظيم في الأشهر الأخيرة. إحتياطاته آخذة بالتقلص ولم يعد قادرا على دفع المبالغ التي كان يدفعها لمقاتليه في السابق، ما أثر على عدد المتطوعين الذين انضموا إلى صفوفه.
التراجع في الإيرادات هو نتيجة للحملة التي تشنها الولايات المتحدة وحلفائها ضد الأرصدة النقدية للتنظيم، وحقول النفط الخاصة بها وقوافل المهربين الذين نجحوا بطريقة ما ببيع نفط بقيمة عشرات الملايين من الدولارات في كل شهر لبلدان في المنطقة.
وهنا يدخل رجب طيب أردوغان إلى الصورة.
الرئيس وحكومته تجاهلوا لسنوات تيار المقاتلين الذي سافروا عبر بلاده ودخلوا إلى أراض يسيطر عليها تنظيم “داعش”. فضلوا تركيز جهودهم العسكرية ضد الأكراد. فضلوا التعاون مع “داعش” و”جبهة النصرة” وآخرين من خلال النظر في الإتجاه الآخر، آملين بأن يساهم ذلك في إضعاف عدوهم الآخر- بشار الأسد، رئيس ما تبقى من سوريا.
لكن مؤخرا أتت الضغوطات التي مارستها الولايات المتحدة بثمارها، وقام أردوغان بإصدار تعليمات للإستخبارات التركية بمحاولة وقف تيار متطوعي “داعش” من تركيا، والتصدي للسوق السوداء لنفط “داعش”.
وهكذا تحول أردوغان، إسلامي من عائلة “الإخوان المسلمون” ومؤيد صريح لحركة “حماس”، والذي أصبح الرجل الذي ذهب للنوم مع كلاب واستيقظ مع وحوش، تحول إلى عدو “داعش”.
ما الذي يمكنه ويمكننا أن نتوقعه من “داعش”؟ على الأرجح أن قوته العسكرية ستستمر في التراجع، وبالتالي سيحاول تنفيذ هجمات إرهابية أكثر وأخطر- في محاولة منه لهز الغرب والعالم الإسلامي، والمحافظة بأي ثمن، مهما كان مروعا، على صورته كـ”منتصر”.