“أخشى على حرية التعبير”: صحفيون يتهمون الحكومة بتكميم الصحافة
لبيد إتهم رئيس الوزراء بمحاولة "إسكات الانتقادات للحكومة"، ما أثار صراخ مدير طاقم وزير الاتصالات كلمة "عار" وطرده من الاجتماع
تشاجر صحفيون وأعضاء كنيست من المعارضة مع وزير الاتصالات شلومو كرعي بشأن جهود الحكومة لإصلاح سوق الإعلام يوم الأربعاء، واتهموه ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالسعي إلى إنشاء صحافة متوافقة على مثيل الصحافة في روسيا تحت حكم فلاديمير بوتين.
وقال عوديد بن عامي مقدم الأخبار في القناة 12 أمام المشرعين خلال اجتماع “طارئ” حول حرية التعبير “نشعر أن وسائل الإعلام الحرة تتعرض لهجوم حاد للغاية”.
وقال إن دولة بلا صحافة حرة هي مثل مستشفى يفتقر أطباؤه للمعدات الطبية الأساسية، وقال “نحن سماعة الطبيب في دولة ديمقراطية، وإذا أذيتنا فإن هذه الدولة… لن تكون قادرة على البقاء”.
“حيثما يتم وصم الصحفيين بسبب مواقفهم السياسية، الاعتقالات تتبع”، قالت الصحافية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ميراف بيتيتو، في إشارة إلى قائمة وزعها نشطاء الليكود في الأيام الأخيرة والتي صنفت صحفيي هيئة البث العام “كان” على أساس آرائهم السياسية.
وونظم زعيم المعارضة يائير لبيد، وهو صحفي سابق، الاجتماع للاحتجاج على سلسلة من الخطوات التي يقول المنتقدون إنها تهدف إلى تقييد حريات الصحافة، بما في ذلك المبادرات التشريعية الأخيرة لمنح الحكومة الرقابة على بيانات مشاهدة التلفزيون وخصخصة هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية وإذاعة الجيش.
وقد اتهم المنتقدون، بما في ذلك جمعية الصحافة الأجنبية واتحاد الصحافيين في إسرائيل، الحكومة بتقويض الديمقراطية، في حين يزعم مؤيدو مشاريع القوانين أن تشريعاتهم تسعى إلى تحرير سوق الإعلام وزيادة المنافسة.
وقالت ميخال أسولين، محررة الموسيقى في هيئة “كان”، في الاجتماع إن هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها الحكومة هيئة البث العامة، مشيرة إلى إغلاق سلفها، هيئة الإذاعة الإسرائيلية، في عام 2017.
وقالت: “أنا أخشى على حرية التعبير، أرجوكم أللا تأخذوا بيتي”.
وقال سامي بيريتس من صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية أمام اللجنة، مشيرًا إلى قضيتين من قضايا الفساد التي يواجه رئيس الوزراء محاكمة بشأنها، “يجب القول إن هذه الحكومة وزعيمها مهووسان بقضايا الإعلام. والقضيتان 2000 و4000 تتعلقان بهذا الأمر بالذات”.
وتتعلق القضية رقم 2000 باتهامات بأن نتنياهو حاول الحصول على تغطية إعلامية إيجابية من صحيفة “يديعوت أحرونوت” مقابل تقييد صحيفة منافسة.
وتركز القضية 4000، المعروفة أيضا باسم قضية “بيزك-والا”، وهي القضية الأكثر خطورة التي يواجهها رئيس الوزراء، على مزاعم بأن نتنياهو وافق على قرارات تنظيمية استفاد منها ماليا صاحب شركة الاتصالات العملاقة “بيزك” شاؤول إلوفيتش بمئات الملايين من الشواكل. وفي المقابل، يُزعم أن نتنياهو حصل على تغطية إعلامية إيجابية من موقع “والا” الإخباري، الذي يمتلكه إلوفيتش أيضًا.
“مقيدة، وخائفة، وخاضعة، وسطحية”
في افتتاح الاجتماع، هاجم لبيد الحكومة واتهم نتنياهو بتنفيذ “هجوم مخطط ومنظم” ضد الصحافة الإسرائيلية.
وقال لبيد إن إسرائيل تراجعت 15 نقطة في مؤشر حرية الصحافة السنوي لمنظمة “مراسلون بلا حدود” منذ تولي الحكومة السلطة في عام 2022، لكن “هذا ليس كافيا لهذه الحكومة. إنها تريد منا أن نتراجع أكثر”، وأشار إلى المبادرات التشريعية الأخيرة للحكومة.
وأضاف: “لقد حاولوا تعيين مدير عام في القناة 13 ليعمل لصالحهم… وصوتت الحكومة بالإجماع على إلغاء جميع إعلاناتها في هآرتس”.
ودعت الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي كافة الوزارات والهيئات الحكومية إلى مقاطعة صحيفة “هآرتس” التي تميل إلى اليسار بعد أن أشار ناشرها عاموس شوكن إلى الإرهابيين الفلسطينيين مستخدما عبارة “مقاتلين من أجل الحرية”، رغم أنه تراجع عن هذه التصريحات جزئيا في وقت لاحق.
“إذا كان بإمكانهم وقف الإعلانات الحكومية في هآرتس بسبب تصريحات سياسية، فهل تعتقدون حقًا أنهم لا يستطيعون وقف الإعلانات في القناة 12؟ إذا كان بإمكانهم التشريع ضد هيئة البث العامة، فهل لا يستطيعون التشريع ضد القناة 13؟ هل هناك أي شيء في سلوك هذه الحكومة يجعلكم تعتقدون أنهم سيتوقفون؟ وأن لديهم خطوطًا حمراء؟” سأل لبيد.
وأضاف أن حكومة نتنياهو “لا تريد التوازن، بل تريد وسائل إعلام مثل تلك الموجودة في المجر، ومثل تلك الموجودة في روسيا – مقيدة، وخائفة، وخاضعة، وسطحية”، وحذر من أنه “إذا تم تمرير هذا التشريع الحالي دون معارضة، ستكون هناك موجة تشريعية أكثر خطورة”.
“إنهم ينتظرون فقط ليروا كيف سنرد. ولن يتوقفوا إلا إذا قوبلوا بمقاومة شرسة. وإذا لم نوقفهم الآن معًا فلن يتوقفوا. وإذا لم نقاوم الآن فلن تكون هناك فرصة للرد. ومن يلتزم الصمت الآن فسوف يكون التالي”.
تبادل إتهامات قاسية
رفض وزير الاتصالات كرعي، الذي دخل الاجتماع في منتصفه، الاتهامات بأنه يسعى إلى تكميم الصحافة، وأكد أنه “يعمل نيابة عن الجمهور وليس نيابة عن وسائل الإعلام”.
وأضاف أن معظم الإسرائيليين يريدون “تنوع في الآراء” في وسائل الإعلام، لكن أعضاء الصحافة يعارضون تغيير الوضع الراهن لسوق الاتصالات لأنهم قسموا الكعكة فيما بينهم ولا يريدون منافسة إضافية.
وزعم كرعي أن الخطوات التي تروج لها الحكومة من شأنها أن تفتح سوق الإذاعات للمنافسة من خلال إلغاء القيود الإقليمية، وأصر على أنه على الرغم من ادعاءات منتقديه، عندما يتم إقرار تشريع الحكومة، فإن “حرية التعبير ستزداد”.
“لا أحد حول الطاولة يصدقك”، رد لبيد، وقال لكرعي إنه “تلقى أمرًا من الأعلى لقمع الانتقادات للحكومة”.
وقاطع الصحافيون والمشرعون كرعي مرارا وتكرارا أثناء تصريحاته، واتهمه بيتيتو من صحيفة “يديعوت أحرونوت” بوسم الصحافيين كيساريين أو يمينيين.
وأثارت المقاطعات غضب مدير طاقم كرعي إلعاد زامير وتم إخراجه من القاعة بعد أن صاح بأن لبيد يحاول “إسكات أصواتنا”.
“عار عليك” صرخ في وجه لبيد.
وبعد صراخ زامير، تقدم عضو الكنيست عن حزب “يش عتيد” سيمون ديفيدسون بشكوى رسمية إلى لجنة الأخلاقيات في الكنيست، زاعماً أن سلوكه “لا يطاق ويشكل انتهاكاً خطيراً للعملية الديمقراطية والأداء السليم للكنيست”.
وفي رده، اتهم مدير طاقم كرعي لبيد بعدم احترام الديمقراطية وحرية التعبير، رغم أنه قال إن ذلك لا يجعل سلوكه مناسبا، وقدم اعتذاره.