إسرائيل في حالة حرب - اليوم 494

بحث

آلاف النازحين الفلسطينيين يستقبلون وقف النار على أطلال منازلهم المدمرة

اكتظت الشوارع الرئيسية في مدن ومخيمات القطاع بعشرات آلاف الفلسطينيين يحملون أمتعتهم وخيامهم ويتجهون عودة إلى منازلهم

نازحون فلسطينيون يعودون إلى جباليا في شمال قطاع غزة في 19 يناير 2025 (Omar AL-QATTAA / AFP)
نازحون فلسطينيون يعودون إلى جباليا في شمال قطاع غزة في 19 يناير 2025 (Omar AL-QATTAA / AFP)

دبت الحياة ببطء في قطاع غزة الأحد مع بدء عودة آلاف النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين اسرائيل وحماس حيز التنفيذ، والذي وضع حدا لخمسة عشر شهرا من الحرب.

ويواجه أكثر من مليوني فلسطيني غالبيتهم نازحون معاناة لا توصف إثر الدمار الهائل الذي خلفته الحرب.

فبعد 15 شهرا من حرب مدمرة، أعلنت إسرائيل الأحد دخول وقف إطلاق النار مع حماس في قطاع غزة حيز التنفيذ بتأخير حوالى ثلاث ساعات بسبب تأخر حماس في تسليم قائمة بثلاث رهائن يفترض الإفراج عنهن خلال النهار.

وقبل يوم من عودة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يحيي تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء آمال إحلال سلام دائم في قطاع غزة، ولو أن إسرائيل احتفظت بحق استئناف القتال.

لم تنتظر رنا محسن (43 عاما) بدء التهدئة وتوجهت مع زوجها وأطفالهما الأربعة إلى منزلهم في مخيم جباليا، وتقول لفرانس برس “فرحتي لا توصف، نحن في منزلنا أخيرا. صحيح انه مجرد ركام لكنه منزلنا، نحن محظوظون لأن جزءا من السقف لا يزال صامدا”.

وبدت مدن ومخيمات القطاع أكوام ركام، فيما اغلقت معظم الشوارع بحجارة المباني المدمرة مع حفر كبيرة توسطت العديد من الطرقات.

أشخاص يسيرون بين الدمار في جباليا شمال قطاع غزة في 20 يناير 2025. (Omar AL-QATTAA / AFP)

وتضيف محسن بشيء من الحماسة “جهزنا أغراضنا منذ الليل وخرجنا في الصباح. ننتظر هذه اللحظة” منذ بداية الحرب، لكنها تتدارك “الطريق كان مرعبا، حجم الدمار لا يمكن تخيله، مبان ومعالم اختفت تماما، كأنها مدينة أشباح أو مدن مهجورة”.

وتتابع “مشاعرنا مختلطة بين الفرح بالنجاة والحزن والقهر على كل ما فقدناه وعشناه. كل شيء بسيط يعيدنا للحياة سيكون له طعم، اشتقنا للحياة الطبيعية”.

ومع دخول وقف النار حيز التنفيذ صباحا، اكتظت الشوارع الرئيسية في مدن ومخيمات القطاع بعشرات آلاف المواطنين العائدين إلى منازلهم، وغالبيتهم مشيا على الأقدام أو على عربات تجرها حمير أو شاحنات وهم يحملون بعضا من أمتعتهم وخيامهم، وخصوصا من مدينة غزة باتجاه مناطق شمال القطاع، بحسب المصدر نفسه.

وانتشر آلاف من عناصر شرطة حماس بلباسهم الأزرق الرسمي لتنظيم حركة المرور، وتأمين دخول شاحنات المساعدات.

قوات الأمن التابعة لحماس في مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة في 19 يناير 2025. (Bashar TALEB / AFP)

من جهتهم، جاب عناصر القسام الجناح العسكري لحماس باسلحتهم الرشاشة شوارع القطاع، وهم يعتلون مركبات بعضها ذات دفع رباعي.

والتقط مواطنون صورا تذكارية بهواتفهم المحمولة مع بقايا دبابات إسرائيلية مدمرة.

“لن اقاوم مشاعري”

في مدينة رفح جنوب القطاع يقول أحمد البلعاوي (29 عاما) “نشعر كأننا في يوم عيد، انتظرنا هذه اللحظة طويلا، نحن بحاجة لكثير من الراحة والطعام والوقت لاستيعاب ما مررنا به”.

لكنه يتابع بحسرة “ما إن عدت الى المدينة حتى شعرت بصدمة، لا أعرف هل نفرح بالعودة لرفح أم نحزن على ما حل بها. جثث متحللة، ركام ودمار في كل مكان، مناطق كاملة مسحت تماما لكن رغم كل هذا، سنعيد بناءها وسنبدأ من جديد”.

النازحون الفلسطينيون يعودون إلى رفح، مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ، في رفح، قطاع غزة، 19 يناير 2025. (Mariam Dagga/AP)

ويقول عبود لظن (20 عاما) الذي نزح من غرب مدينة غزة إلى وسطها “الحياة عادت الى المدينة. لا اصدق أن الحرب انتهت وان مئات المواطنين في الشوارع يعودون الى منازلهم في تل الهوى وحي الرمال. الجميع مصدومون، الناس يتعانقون ويبكون. لا يمكنني تخيل رد فعلي حين أصل الى بيتنا بعد قليل، لن اقاوم مشاعري اكثر”.

منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، نزح معظم سكان غزة البالغ عددهم الإجمالي 2,4 مليون نسمة، مرة واحدة على الأقل إلى أنحاء أخرى من القطاع.

النازحون الفلسطينيون يعودون إلى رفح، مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ، في رفح، قطاع غزة، 19 يناير 2025. (Mariam Dagga/AP)

حجم الدمار اللاحق بغزة من جراء الضربات الجوية الاسرائيلية والقصف المدفعي وقتال الشوارع يؤشر إلى أن إعادة الإعمار قد تستغرق أكثر من خمس سنوات، وفق وكالات دولية.

وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فقد تضرّر، حتى الأول من ديسمبر، أو دُمّر ما يقرب من 69 بالمئة من مباني القطاع، أي ما مجموعه 170,812 مبنى.

ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن إعادة الإعمار قد لا تنجز قبل العام 2040.

شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية تنتظر العبور من مصر إلى قطاع غزة، 19 يناير 2025. (Amr Nabil/AP)

وأكّدت إسرائيل وقطر الأحد أن وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في غزة بين إسرائيل وحركة حماس دخل حيز التنفيذ بعد تأخير، بعدما تلقت إسرائيل من حماس قائمة بأسماء ثلاث رهينات سيتم إطلاق سراحهن الأحد.

وبحسب خطة وقف إطلاق النار، ستستعيد إسرائيل 33 رهينة تحتجزهم حماس في غزة منذ هجومها المفاجئ على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز 251، في سياق هدنة أولية مدتها 42 يومًا.

وأحصت وزارة الصحة التابعة لحماس الأحد مقتل 15 فلسطينيا وإصابة 25 آخرين بنيران الجيش الإسرائيلي خلال الساعات ال24 الأخيرة في قطاع غزة، لافتة الى أن حصيلة القتلى ارتفعت الى 46913 شخصا منذ بدء الحرب بين الحركة وإسرائيل قبل أكثر من خمسة عشر شهرا، ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام، كما أنها لا تميز بين المقاتلين والمدنيين.

اقرأ المزيد عن