استأنف هشام البرعاوي، وهو رجل أعمال من غزة، أعماله مع إسرائيل منذ نحو شهرين. حيث يقوم البرعاوي بشراء الخضار والفاكهة من المزارعين الإسرائيليين ويبيعها في أسواق غزة. ورغم أن هذه المعاملات تجارية، إلا أن البضائع تدخل غزة في قوافل المساعدات الإنسانية.
البرعاوي، الذي يتحدث العبرية، عمل وقام بأعمال تجارية في إسرائيل لمدة 45 عاما تقريبا، حتى أكتوبر العام الماضي. عمل في إسرائيل في الزراعة، وزود المزارعين الإسرائيليين بعمال من غزة، واستورد المنتجات من إسرائيل وصدرها إليها.
وكان شقيقه، المتوفي هاشم، يعمل في في منطقة غلاف غزة وقت وقوع الهجوم وقُتل مع مقاول أثاث كان يعمل معه. قبل الحرب، كان هشام يعيش في مدينة غزة، وهو الآن يتنقل في أنحاء القطاع، بينما تقيم زوجته وأطفاله في مجمع إنساني في جنوب القطاع، ويقول البرعاوي “الحمد لله، الجميع على قيد الحياة”. لا يخفي البرعاوي، وهو من أنصار حركة “فتح” منذ فترة طويلة، كراهيته لحماس وعلاقاته الدافئة مع الإسرائيليين.
ويقول: “في بداية الحرب كان الأمر صعبا للغاية. لم يدخل أي شيء إلى غزة. والآن عدت للعمل مع العديد من الإسرائيليين، أصدقائي الذين عملت معهم قبل الحرب. أشتري الخوخ والمانجا والبطاطا والليمون. وأشتري منهم بأسعار تباع في إسرائيل، مثلا الليمون بأربعة شيكل للكيلو”.
– وبأي أسعار تبيع في غزة؟
״أنت تعرف كيف تسير الأمور: عندما يكون هناك بضاعة كثيرة، ينخفض السعر، وعندما يكون هناك نقص، يرتفع. كان هناك وقت كنا نبيع فيه الخوخ بـ 20 شيكل للكيلو، والبطاطا بستة شيكل للكيلو. إنه أمر مزعج إلا يُسمح إلا بدخول القليل (إلى غزة) بينما هناك نقص وغلاء.الآن السعر ينخفض. هناك أشياء لا أستطيع ادخالها على الإطلاق. الطماطم على سبيل المثال”.
– معظم سكان غزة ليس لديهم دخل، ويقال إن الكثير منهم يعانون من الجوع. من أين يأتي المال؟
“هذا صحيح! البعض لا يشترون الفاكهة والخضروات على الإطلاق، ويأكلون فقط ما يتم توزيعه من المساعدات. وما لا أستطيع بيعه، أعطيه لهم. في شمال غزة هناك أناس جائعون حقا. ولكن هناك أناس مع قليل من المال يمكنهم الشراء”.
– تحدثت تقارير عن أن عناصر حماس تنهب المساعدات الانسانية والسلع.
“هذا صحيح. لكنهم لا يقتربون مني. اكتب اسمي في مقالتك، واكتب أنني لا أخشاهم”.
– هل يشرح لك الموردون الإسرائيليون سبب بيعهم المنتجات لغزة؟
“ما الذي يجب توضيحه؟ إذا كان هناك مشتر، ألن تبيع؟ ألا يريدون أن يكسبوا لقمة عيشهم؟ ألا يريدون أن يكون هناك طعام في غزة؟ اسمع يا أخي، لا يمكن العيش بهذه الطريقة، في حالة حرب وكراهية، إن شاء الله، ستكون هذه الحرب الأخيرة بيننا”.
– لماذا “البيع للعدو”؟
قبل الحرب، كان المزارعين الفلسطينيون في غزة يزودون معظم الخضروات التي يتم تناولها هناك، حتى أنهم كانوا يصدرون من القطاع حوالي 10 شاحنات يوميا من المنتجات الغذائية، معظمها من الخضروات، إلى إسرائيل والضفة الغربية ومصر. لكن معظم استهلاك الغذاء في غزة تم استيراده من إسرائيل، بما في ذلك معظم الفاكهة. وتم تنفيذ هذه التجارة في إطار القيود التي فرضتها حكومة إيهود أولمرت في أعقاب سيطرة حماس على غزة في عام 2007، والتي خُففت بشكل كبير على مر السنين.
وتوقفت الأعمال التجارية مع غزة بشكل كامل مع اندلاع الحرب الحالية. توقفت الزراعة في غزة وأصبح سكان القطاع معرضين لخطر المجاعة. ومع فتح القطاع أمام المساعدات الإنسانية في 18 أكتوبر، بدأت شاحنات المواد الغذائية التي تشتريها وتوزعها منظمات الإغاثة الأجنبية بالدخول بموافقة إسرائيل، على نطاق محدود، وتزايدت تدريجيا تحت ضغط دولي حتى وصلت في مارس إلى حوالي ثلثي كمية الواردات الغذائية التي دخلت غزة قبل الحرب.
وتشتري المنظمات معظم المواد الغذائية التي توزعها في قطاع غزة من أوروبا ومصر والأردن، وبعضها من إسرائيل. تقوم المنظمات بشكل رئيسي بتوزيع الأغذية الجافة وليس المنتجات الزراعية الطازجة. ومع ذلك، هناك مزارعون إسرائيليون يبيعون الفواكه والخضروات لمنظمات الإغاثة الإنسانية.
وفي شهر مايو، سمحت وزارة الدفاع للمزارعين وتجار الجملة الإسرائيليين بالعودة إلى بيع المنتجات الزراعية للتجار الفلسطينيين من غزة، بشرط أن توافق قوات الأمن على التجار.
ينقل الفلسطينيون للإسرائيليين الأموال عبر تحويلات مصرفية، ويرسل الإسرائيليون البضائع عبر المعابر داخل قوافل المساعدات. ويتم احتساب البضائع المباعة بهذه الطريقة ضمن حصص المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة والتي وافقت عليها إسرائيل.
إن حجم المنتجات الإسرائيلية التي يتم بيعها في غزة غير معروف للحكومة وللجيش الإسرائيلي ولاتحادات المزارعين، ويقدر رئيس منظمة مزارعي الخضراوات، مئير يفراح، أن “ما يقترب من 100%” من المنتجات الزراعية التي تدخل غزة من إسرائيل، وأن معظمها يباع لتجار غزة، لكنها في تقديره مجرد نسبة صغيرة من بين المحاصيل الزراعية الإسرائيلية. من بين الشركات التي استئأنفت بيع بضائعها إلى غزة شركتي “جليل شوك ميكومي” و”بري بريشيت”.
ويدعي المزارعون أن معظم المنتجات الموجهة إلى غزة – قبل الحرب وحتى اليوم – ذات نوعية رديئة وأنه لا يوجد طلب عليها في إسرائيل. وفقا لموشيه بروكينطال، مدير فرع الفاكهة في مجلس النبات: “هذه سلعة من الدرجة 3-4. سلعة لن تأخذها معك إلى المنزل ولا تريد أن تكون في السوق، ولا يستطيع المزارعون بيعها.
“قبل الحرب، كان الإسرائيليين يبيعون كميات هائلة من الفاكهة إلى غزة، عشرات الحاويات يوميا. أما الآن، فقد أصبح الأمر أقل من ذلك بكثير. إنهم يبيعون الأفوكادو والمانجو والموز والتمر. ومنذ الحرب، أضيفت الخضروات أيضا – البصل والبطاطا والجزر”.
تثير المساعدات المقدمة للمدنيين في غزة الغضب والاحتجاجات، وبعضها عنيف، في المجتمع الإسرائيلي. بيع الخضراوات والفواكه في غزة يوفر لقمة العيش للمزارعين والتجار – لكنهم مواطنون إسرائيليون، ويثير البيع السخط والعواطف والخلافات بينهم أيضا.
ولم يثر استئناف التجارة الزراعية مع غزة في شهر مايو ضجة إعلامية كبيرة، ولكن تم نشر عدد من التقارير تحت عناوين مثل “لا يصدق” و”مثير للغضب: الفاكهة والخضروات المقطوفة تحت النار يتم إدخالها إلى غزة”.
وفي هذه التقارير، نُقل عن مزارعين إسرائيليين قولهم، دون الكشف عن هوياتهم، إنهم يرفضون البيع لغزة. وقال مزارع من منطقة غلاف غزة في أحد التقارير الإخبارية إن تاجرا من غزة كان يعمل معه قبل الحرب اتصل به وطلب شراء خضراوات، “لكنني قلت له: قم بجلب أحد المخطوفين وستحصل على خضراوات”. وبحسب التقرير نفسه فإن البيع في غزة يرفع الأسعار في إسرائيل.
نُقل عن يفراح، وهو من سكان موشاف رعوت في غلاف غزة، في مقال إخباري نشرته صحيفة “هد هكرايوت” قوله: “أسواق غزة مليئة بالفواكه والخضروات القادمة من إسرائيل، وهنا يوجد نقص وعندما يكون هناك نقص ترتفع الأسعار”.
في حديث مع “زمان يسرائيل”، الموقع التابع لـ”تايمز أوف إسرائيل” باللغة العبرية، يدعي يفراح اليوم: “هل هذا ما نقلوه عني؟ ربما لم يفهموا ما قلته. هناك زيادة في الأسعار، لكنها لا تتعلق بالبضائع القليلة ذات الجودة الرديئة التي يتم بيعها في غزة”.
– من اقتباساتك يُفهم أنك ضد البيع في غزة. هل هذا صحيح؟
“أنا ضد السلوك المشين للحكومة الإسرائيلية، سواء فيما يتعلق بالأمن – نحن في منطقة الغلاف دفعنا ثمن التسيب – وفيما يتعلق بالزراعة، نحن نستيقظ في الساعة الخامسة والنصف صباحا للحصاد، حتى في أخطر الأوضاع، والحكومة تشجع الاستيراد وتقوم ببيع أوهام للجمهور بأن الاستيراد سيخفض الأسعار. قرار السماح بالبيع في غزة ليس في أيدي المزارعين. الدولة قررت عدم تجويع سكان غزة”.
– يستطيع المزارع أن يقرر ما إذا كان سيبيع في غزة أم لا، فهو ليس مضطرا لذلك.
“يبيع بعض المزارعين البضائع لتجار الجملة ولا يعرفون حتى ماذا يفعلون بها”.
– وهل تباع البضاعة لغزة دون علمهم وضد إرادتهم؟ هناك مزارعون يبيعون لغزة بشكل مباشر وعلني.
“هذا صحيح”.
– هل هناك مزارعون يرفضون البيع لغزة؟
“لا أعرف أشخاصا كهؤلاء وسأفاجأ إذا وجدوا. هناك من يفضل عدم معرفة أين تذهب البضائع. في النهاية، المزارع يحتاج إلى سوق، وفي كل الأحوال، في غزة تُباع في الأساس سلع ذات جودة رديئة”.
ويقول يارون (اسم مستعار)، وهو بائع في سوق هاتيكفا في تل أبيب، إن بعض التجار في السوق قاطعوا المزارعين الذين يبيعون في غزة. “هل تعرف لماذا أصبح كل شيء أكثر تكلفة؟ بسبب المساعدات الإنسانية. إذا كان المزارع يستطيع أن يبيع الخيار في غزة بـ 10 شيكل للكيلو الواحد، فلماذا يبيعني بسعر أقل؟”، على حد قوله.
– قبل الحرب كانت المنتجات الإسرائيلية تباع في غزة أكثر من الآن، ومع بداية الحرب توقف البيع تماما، لماذا لم تخفض الأسعار؟
“الأسعار ترتفع لأن كل شيء يذهب إلى غزة. هناك الرفوف مملوءة بالبضائع، وهنا يوجد نقص. لماذا يجب أن نبيع للعدو؟”
يرد عامل يُدعى محمد (اسم مستعار) يعمل في أحد الأكشاك القريبة باستخفاف ويقول: “أرفف مليئة؟ في غزة؟ مقاطعة مزارعين؟ ما الذي يتحدث عنه؟ يوجد هنا في السوق بائع، بائع بالجملة، يبيع بنفسه لغزة. ولكن عندما يجلس هنا يقول إنه لا ينبغي البيع لهم”.
وبحسب رئيس اتحاد المزارعين في إسرائيل أوري دورمان فإن “هناك أشخاص يكسبون عيشهم من خلال بيع الفواكه والخضروات للمستهلكين بأسعار باهظة، ضعفين إلى ثلاثة أضعاف السعر الذي يشترونه من المزارع، ويناسبهم إلقاء اللوم على المزارع لخداع المستهلك. إن الروايات التي تُروى عن ’المزارعين الذين يبيعون في غزة على حسابنا’ هي هدف سهل للغضب.
“صحيح أن المنظمات الإنسانية والتجار في غزة يشترون المنتجات من المزارعين الإسرائيليين. وخاصة الفواكه والموز والتفاح والمانجو. وبشكل رئيسي بضاعة بجودة رديئة، وهي المنتجات التي لن يشتريها الإسرائيليون، التي لا يوجد نقص فيها. لذا، إذا كانت الأسعار ترتفع فإن ذلك بالتأكيد ليس بسبب الكمية المحدودة التي تباع في غزة”.
– معظم التفاح ينمو في الجليل والجولان في الأماكن التي تتعرض لإطلاق النار، أليس هناك نقص فيها؟
“لا يوجد نقص، لأن المزارعين يعملون بجد ويعملون تحت النار، ويعملون بشكل ممتاز. اسمع: هناك من يبيع أيضا في غزة منتجات قد يكون فيها نقص، مثل البطاطا والبصل، لكن البيع في غزة ليس هو ما يسبب النقص.
“من الهراء حقا أن نعلق كل شيء على عدد قليل من المزارعين الذين يبيعون في غزة، هذه شعبوية. بعض التفاح الفاسد لا يفسد الغصن”.
– من يبيع في غزة هو “تفاحة فاسدة” في نظركم؟ لا ينبغي لسكان غزة أن يأكلوا؟
“هذا سؤال صعب للغاية. ليس لدي إجابة جيدة. أنا لست معنيا بذلك، أنا أركز على المهمة اليومية والسيزيفية المتمثلة في إنقاذ الزراعة الإسرائيلية”.
الصادرات إلى غزة ترفع الأسعار، ولكن بشكل هامشي
يؤكد مسؤول كبير في قطاع الزراعة أن بيع المنتجات الزراعية الإسرائيلية إلى غزة قد يكون أحد العوامل التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع في إسرائيل. بحسب المسؤول فإنه “من الواضح أن مواطني غزة بحاجة إلى تناول الطعام، ولكن حقيقة بيعهم منتجات إسرائيلية هي فضيحة. فقراء مدينتك يأتون أولا. هناك نقص في بعض المنتجات الزراعية، وإذا كانت تباع في غزة، فإن ذلك يقلل من العرض الإجمالي ويرفع الأسعار.
“قبل الحرب، كانت تركيا المصدر الرئيسي للواردات الزراعية إلى إسرائيل. وفي رامي ليفي، على سبيل المثال، في بعض المواسم، تم استيراد عشرات بالمائة من الخضار والفواكه، معظمها من تركيا. والآن الأتراك يقاطعون وتوقفوا عن بيع منتجاتهم لنا، لذلك لديهم نوع من الفائض من المنتجات. وبما أن ذلك هو الحال، من الأفضل ألا يوافق الإسرائيليون على البيع لغزة، وأن تتفضل منظمات الإغاثة وأن تشتري الفواكه والخضروات لغزة في تركيا”.
– الجمعيات الخيرية التي توزع الطعام في غزة مجانا تشتريه في إسرائيل بسعر أعلى من سعر السوق؟
“بالتأكيد. إنهم يشبهون السياح إلى حد ما: فهم لا يعرفون السوق، وتحت ضعط زمني، ويواجهون صعوبات لوجستية، لذا يمكنك أن تنتزع منهم أسعار عالية”.
– وتجار غزة؟
“بالتأكيد يدفعون مبالغ كبيرة. العرض والطلب: في غزة هناك أماكن حيث كيلو السكر يكلف 80 شيكل، والسيجارة – 30. هناك أماكن ’طبيعية’ حيث كيلو البطاطا يكلف 20 شيكل”.
– ما هي المنتجات التي يوجد بها نقص في إسرائيل مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار؟
“الطماطم، على سبيل المثال”.
– يدعي التجار في غزة أن الطماطم لا تدخل إلى هناك على أي حال.
“قد يكون الأمر كذلك. أنا لا أدعي أن كل منتج مفقود ويصبح أكثر تكلفة في إسرائيل يباع في غزة، أنا بالتأكيد لا أدعي أن البيع لغزة هو السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار”.
– ما هو في نظرك السبب الرئيسي للنقص؟
“اضطر المزارعون إلى تقليص المساحة المخصصة لزراعة الخضروات بنحو الثلث في السنوات الأخيرة، من 180 إلى 120 ألف دونم. بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وقبل كل شيء، لأن الحكومة الإسرائيلية تجاهلت المزارعين. أسعار المياه للزراعة في إسرائيل من الأغلى في العالم، وفي الأساس، لأن الحكومة تسمح بالاستيراد بل وتشجعه.
“والآن الحرب. لا توجد طماطم من تركيا، ولا من الأردن، لأن الأردنيين توقفوا عن التصدير بسبب نقص المياه في بلدهم. هناك واردات من أوروبا، لكنها باهظة الثمن. وفجأة، نفس شبكات التسوق، التي تذمرت بشأن غلاء المنتج المحلي وضغطت للموافقة على الاستيراد، تعتمد على البضائع الإسرائيلية المستنفدة”.
وقال “رامي ليفي” لـ”زمان يسرائيل”: “من المؤسف أن المزارعين الإسرائيليين يبيعون في غزة. هذا غير مناسب. فقراء مدينتك يأتون أولا، وهناك نقص في البضائع، وبالتالي فإن البيع في غزة يرفع السعر”.
– يزعم المزارعون الإسرائيليون أن شبكات التسوق، من ضمنها الشبكة التابعة لك، تستورد من الخارج بدلا من الشراء منهم، مما يجبرهم على المدى الطويل على تجفيف الحقول وتقليل المخزون وزيادة النقص، وعلى المدى القصير – على بيع البضائع الفائضة في غزة.
“أي استيراد؟ تركيا أغلقت أبوابها، الأردن أغلق أبوابه، واليوم ربما 1% من المنتجات الزراعية لدي هي منتجات أجنبية”.
– وقبل إغلاق تركيا والأردن؟
“كان هناك القليل من الاستيراد، التفاح، على سبيل المثال، لكنه موسمي. لقد أعطيت دائما الأولوية الكاملة للمنتجات المحلية”.
وقال مسؤول في شبكة تسوق أخرى: “تبيع سلاسل البيع بالتجزئة في إسرائيل منتجات محلية بنسبة لا تقل عن 96%. فقط في حالات استثنائية، عندما لا يكون المنتج موجودا في إسرائيل أو يكون هناك طلب زائد – تتم الواردات بالتنسيق مع شركائنا المزودين”.
يحاول الكثير من المزارعين وتجار الجملة الذين يبيعون منتجاتهم إلى غزة التقليل من أهمية هذا الشأن، فمنهم من ينفي ذلك والبعض الآخر يرفض التعليق على الموضوع. أحد القلائل الذين أبدوا استعدادا للحديث عن هذا الأمر علنا هو أساف كيرت، الرئيس التنفيذي لشركة “بيروت بريشيت” التي تقوم بتسويق الفاكهة لـ 13 كيبوتسا في الجليل والجولان، والتي تم إجلاء خمسة منها بسبب الحرب (يفتاح، حيث تقع مكاتب الشركة، يرؤون، مالكيا، منارة وساسا).
يقول كيرت “نحن نعمل مع تاجر في غزة عملنا معه أيضا قبل الحرب. لم يكن هناك اتصال معه لمدة ثمانية أشهر، ثم عاد فجأة إلى العمل. قبل الحرب، بعنا إلى غزة ما يقرب من 3000 طنا سنويا، الآن، على أساس سنوي، ربما يصل [حجم المبيعات] إلى 300 طن، معظمها من التفاح”.
– هناك تجار وعاملون في قطاع الزراعة يزعمون أن البيع في غزة يرفع الأسعار في إسرائيل.
“هراء. الحديث يدور عن بضاعة قليلة لا تباع بشكل جيد في إسرائيل. وهناك أيضا منتجات زراعية يتم تصديرها. هل يؤدي ذلك أيضا إلى رفع الأسعار؟ أم أنهم يريدون منا أيضا ألا نصدر؟”
– هناك من يقول أنه “من غير المناسب” البيع لغزة، بل ويصفون ذلك بأنه “بيع للعدو”.
“أنا أدعوهم، بدلا من البكاء على البيع لغزة والاعتقاد بأن ذلك يجعل منهم وطنيين، أن يأتوا إلى هنا وأن يروا المزارعين تحت النار. هم يرون لبنان، ويسمعون صوت الانفجارات، وفجأة يرون قذيفة تحت شجرة، ويواصلون الدخول إلى المزارع والعمل.
“ناهيك عن الخسائر المالية الناجمة عن العمل المتوقف، والمزارع التي اضطررنا إلى تركها والتي أحرقت. ليس لدي أي شكوى إلى مصلحة الضرائب، فهم يقومون بعملهم بوتيرة معقولة، لكننا لم نتلق كل شيء نحن بحاجة إليها حتى الآن، لذلك سنبيع أينما يشترون منا، وفي غزة أيضا، وسنفعل كل شيء، ولكن كل شيء، لإنقاذ الزراعة الإسرائيلية”.
لم ترد وزارة الزراعة على طلب للتعليق على المقال، ورفض وزير الزراعة آفي ديختر عرضنا لإجراء مقابلة وإبداء رأيه بشأن البيع في غزة. وصرح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن المساعدات الإنسانية تقع على عاتق وزارة الزراعة. وأوضح مصدر في وزارة الدفاع: “ضمن الحصص الغذائية المسموح بدخولها إلى غزة لتلبية الاحتياجات الإنسانية، يتم بيع المنتجات الزراعية، وبعضها إسرائيلي، في غزة في القطاع الخاص”.